الأخبار
أخر الأخبار

لبنان يفرج عن معتقل إسرائيلي وسط تكتم مطبق

ترك إفراج لبنان عن المعتقل الإسرائيلي صالح أبو حسين بعد 13 شهراً على توقيفه قرب الناقورة داخل القطاع الغربي جنوب لبنان، من دون مقابل وتفاصيل معلنة من الجهة الأمنية اللبنانية التي أوقفته ثم أطلقته، ردود فعل شاجبة لدى أطراف لبنانية عديدة، ولا سيما من أهالي لبنانيين أسرتهم إسرائيل خلال الحرب الأخيرة على لبنان بين الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والـ28 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 تاريخ إعلان وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية وفرنسية، يضاف إليهم أفراد آخرون أوقفتهم إسرائيل ضمن ظروف وأماكن مختلفة خلال الأشهر الماضية.

وما أثار بلبلة محلية وتعليقات منددة بإفراج لبنان عن موقوف إسرائيلي من دون مبادلته بأسرى لبنانيين، أن إعلان ترحيله إلى إسرائيل عبر منطقة الناقورة جاء من الجهة الإسرائيلية وسط تكتم مطبق من الأجهزة الأمنية اللبنانية، التي لم تعلن سابقاً عن توقيفه وأين وكيف، حتى إن أجهزة أمنية لبنانية في منطقة صور عاصمة القضاء لم تكن على دراية بالأمر، ليس من قريب أو بعيد، أو عن كيفية توقيفه ونقله إلى بيروت وسط ظروف أمنية صعبة ومواجهات حربية كانت تشهدها المنطقة قبل سبتمبر (أيلول) 2024، وقبل اندلاع حرب الـ66 يوماً خلال الـ23 من سبتمبر الماضي.

توقيف وإفراج وتكتم

إذاً، بعد 13 شهراً على توقيفه لدخوله الأراضي اللبنانية بصورة غير قانونية، أفرج عن المواطن الإسرائيلي صلاح أبو حسين وجرى نقله إلى الجهة الإسرائيلية بوساطة الصليب الأحمر وبعد مفاوضات سرية استمرت أشهراً عدة.

أما المصادر الأمنية اللبنانية أشارت إلى أن التحقيقات مع أبو حسين أكدت “أنه لا يشكل أي خطر أمني، لكن كونه إسرائيلياً حال دون ترحيله مباشرة، فاستمر توقيفه حتى التوصل إلى تسوية”.

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رحب بالخطوة قائلاً “نبارك عودة المواطن الإسرائيلي الذي أُعيد من لبنان. ونشكر كل من أسهم في هذا الجهد وعلى رأسهم منسق شؤون الأسرى والمفقودين العميد احتياط غال هيرش. هذه خطوة إيجابية وإشارة إلى ما هو قادم”.

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية معلومات تتعلق بصالح أبو حسين، وقالت إنه اعتقل خلال يوليو (تموز) 2024 على يد جهاز الاستخبارات التابع للجيش اللبناني في منطقة بلدة الناقورة.

وبحسب موقع “والاه” الإسرائيلي فإن “صالح أبو حسين جاء اعتقاله في حينه بعدما طلب ماء من الجانب الآخر للحدود، عندها اعتقله الجيش اللبناني ونُقل لاحقاً إلى جهاز الأمن العام للتحقيق معه. وأبو حسين من سكان قرية رومانا البدوية القريبة من الناصرة”.

ونقلت عن رئيس المجلس المحلي التابع له قوله “إن عائلته لم تكن تعلم بوجوده في لبنان على الإطلاق، وفوجئت بالأمر بعدما أبلغتها السلطات الإسرائيلية رسمياً بخبر الإفراج عنه”. وأوضح “أن أحداً لا يعرف حتى الآن كيف وصل إلى الأراضي اللبنانية”.

مختل عقلياً”

بدوره، قال موقع “واي نت” الإسرائيلي إن “عائلة أبو حسين أبلغت عن اختفائه خلال يوليو 2024، لكنها لم تكن تعلم أنه عبر الحدود”، مبيناً أن “أبو حسين مختل عقلياً، ويقيم في قرية رومانا بالجليل، وكان يعمل في تل أبيب”. وقال أقاربه “طوال هذه الفترة لم نكن نعلم بوجوده في لبنان، ولا كيف وصل إلى هناك، لكننا شعرنا بسعادة كبيرة لعودته حياً”.

وبحسب رواية الأقارب، فإن “الحكومة الإسرائيلية عملت على إعادته من دون إبلاغهم، ولم يكتشفوا التفاصيل الجديدة إلا راهناً، وهو ما شكل مفاجأة كبيرة. وأكدوا أن والديه كانا على اتصال دائم بالشرطة لمتابعة أية تطورات”.

لماذا هذا الغموض؟

وذكرت مصادر محلية أن صالح أبو حسين أوقف بينما كان يسبح في المياه الإقليمية قرب الناقورة.

ويستغرب العميد الركن المتقاعد في الجيش حسن بشروش (الذي شغل موقع رئيس الفريق اللبناني لترسيم الحدود، ورئيس اللجنة الثلاثية التقنية لترسيم الحدود بين عامي 2006 و2017) “هذا الكتمان الذي أحاط بتوقيف مواطن إسرائيلي ضمن الأراضي اللبنانية طوال أكثر من عام، ثم إطلاقه من دون مقايضة بأسرى لبنانيين موجودين في إسرائيل، ناهيك بالسرية المطلقة التي تعامل معها لبنان مع هذه القضية منذ توقيفه ثم التحقيق معه وصولاً إلى قرار الإفراج عنه”.

ونفى العميد بشروش أن “يستطيع أي مواطن إسرائيلي غير عسكري من الوصول سباحة إلى محاذاة الناقورة، بل إن الجيش الإسرائيلي وحده من يصل إلى المنطقة ويعتدي دائماً على المياه الإقليمية اللبنانية، وسط منطقة متحفظ عليها بين لبنان وإسرائيل من خط الطوافات الذي تدعي إسرائيل أنه لها ولبنان يصر على أنه أراض لبنانية.

هي منطقة عسكرية أمنية لا يجرؤ أي كان على الوصول إليها نتيجة الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المشددة حولها، إلا إذا كان هذا الشخص مدفوعاً من قبلها وخضع لمناورات تجريها إسرائيل بين الحين والآخر لاكتشاف مدى انضباط الحدود بينها ولبنان، كون المتسلل من عرب إسرائيل وليس يهودياً يمكن أن تضحي به”.

يؤكد العميد بشروش “أن السمك محظور عليه في تلك المنطقة الأمنية بامتياز من العبور فكيف بمواطن عادي؟ تضاف إلى ذلك المسافة الشاسعة بين الحدود والحدود بمواجهة المنطقة الصخرية قرب نفق الناقورة ناحية خط السكة القديم.

ثمة غموض غير واضح حول مكان التوقيف ومتى تم ذلك وكيف وصل إلى الأراضي اللبنانية ولدى أي جهاز أمني لبناني، وما الجهة التي سمحت بإطلاقه بالتعاون مع الصليب الأحمر من دون أدنى مقايضة، علماً أن إسرائيل كانت تقايض على الجثة بعدد كبير من الأسرى لديها فكيف بمواطن إسرائيلي يحمل جواز سفرها؟ كذلك لم يسبق للبنان أن يوافق على معادلة كهذه من دون الاستفادة منها”.

تسلل وتهريب مخدرات

وتفيد مصادر إعلامية في منطقة صور أن “منطقة الضهيرة القريبة من الناقورة في قضاء صور تشكل أكثر ثغرة للتسلل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تعيش عائلات عربية ومنها عرب العرامشة، بينما تتميز بكثافتها الحرجية من الجهة اللبنانية والتي تسمح بالتسلل، وهذا ما حصل مرات عدة، وأوقف الجيش اللبناني عدداً من المتسللين وأحالهم إلى التحقيق قبل الإفراج عنهم”.

وتشير المصادر عينها إلى أن “عمليات تهريب مخدرات تحصل في تلك المنطقة بين الجانبين، وتنجح في أحيان كثيرة وفق خطط منظمة يتم خلالها تسليم المواد المهربة وتسلم الأموال المتفق عليها بين الطرفين”.

وتلفت إلى أن “مواقع المراقبة التابعة للجيش اللبناني قرب الأسلاك الشائكة والجدار الفاصل تظهر خالية خلال المدة الأخيرة، وبخاصة بعد حرب أكتوبر 2023، لا سيما بعد تعرض عدد من دوريات الجيش اللبناني لاستهدافات إسرائيلية ذهب ضحيتها عدد من الضباط والعناصر”.

سوابق منظمة إلى الداخل اللبناني

لم تكن حادثة صالح أبو حسين وحدها التي جرت قرب الحدود المتاخمة بين لبنان وإسرائيل، فقبل الحرب الأخيرة وبعدها سُجلت حوادث مشابهة عدة تسلل من خلالها إسرائيليون إلى الأراضي اللبنانية وجرى توقيفهم وإعادتهم، بعد تحقيقات معلنة وواضحة.

فقبل الحرب الكبرى التي استمرت 66 يوماً، قال مسؤولون عسكريون إسرائيليون “إن وحدات خاصة تسللت لفترة قصيرة إلى داخل الأراضي اللبنانية استعداداً لاحتمال تنفيذ هجوم بري واسع يستهدف ’حزب الله‘”.

وأوضح ستة مسؤولين وضباط إسرائيليين لصحيفة “نيويورك تايمز”، أن “عمليات التسلل خلال الأيام الأخيرة ركزت على جمع معلومات استخباراتية حول مواقع وأنفاق وبنية تحتية لـ”حزب الله” قرب الحدود الشمالية لإسرائيل، استعداداً للهجوم عليها من الجو أو من الأرض”.

تسلل متكرر

وخلال الخامس من فبراير (شباط) الماضي نقل موقع “عرب 48” ما أوردته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية، أن “استخبارات الجيش اللبناني – مكتب مرجعيون أوقفت منذ بعض الوقت ’ع. ض.‘ لتسلله من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الأراضي اللبنانية، عبر سهل مرجعيون”. ونقلت عن الوكالة اللبنانية أن “التحقيق بوشر بإشراف القضاء المختص”.

وعلم في حينه أن الشاب يدعى فريد نزار طاهر. وذكر إعلام لبناني أن “استخبارات الجيش اعتقلت شخصاً دخل إلى بلدة الضهيرة بعد اجتيازه الحدود مع فلسطين المحتلة”.

وفي حادثة أخرى حصلت خلال الـ18 من فبراير (الماضي) موعد السماح بعودة بعض سكان المنطقة الحدودية اللبنانية إلى ديارهم، أوقفت الشرطة الإسرائيلية خلال ساعات الليل أربعة من مواطنيها تسللوا إلى لبنان”، وقالت إنهم “ألقوا الحجارة على جنود من الجيش الإسرائيلي”.

وقبلها، تحديداً خلال الـ16 من فبراير الماضي قالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية إن “ما يزيد على 20 إسرائيلياً من الحريديم تسللوا إلى داخل أراضي لبنان، للوصول إلى قبر الحاخام “راشي” المجاور لمقر قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (اليونيفيل) على “الخط الأزرق” المحدد لخطوط انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000″.

أميركي “هذه المرة”

وخلال الـ17 من يونيو (حزيران) الماضي أعلن الجيش اللبناني ضمن بيان مقتضب أنه اعتقل مواطناً أميركياً تسلل من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى جنوب لبنان خلال الـ15 من الشهر ذاته.

وأضاف البيان أن استخبارات الجيش تمكنت من اعتقال كولين آميري بعد عمليات بحث جنوب البلاد، حيث أوقف متخفياً في أحد شوارع مدينة صور، وبوشر التحقيق معه بإشراف القضاء المختص.

ونقلت مواقع إخبارية محلية جنوب لبنان أن “حزب الله” كان تعرف على هوية المتسلل، وأشارت إلى أنه يهودي يحمل الجنسية الأميركية ويدرس اللغة الإنجليزية في إسرائيل.

حوادث مشابهة قبل أعوام

خلال صيف عام 2014، اعتقل الجيش اللبناني مواطناً عربياً إسرائيلياً اجتاز الحدود إلى لبنان قبل أن يعيده إلى إسرائيل عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وفي المقابل، تعرض خلال الأعوام الماضية عدد من الرعاة اللبنانيين في منطقة مزارع شبعا للخطف من قبل القوات الإسرائيلية التي تعمد دائماً إلى إطلاق سراحهم بعد التحقيق معهم.

وخلال الـ15 من نوفمبر 2020 أعلنت استخبارات الجيش اللبناني توقيف متسلل دخل لبنان عبر الحدود مع إسرائيل. وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام حينها بأن دورية تابعة لاستخبارات الجيش اللبناني أوقفت فلسطينياً دخل الأراضي اللبنانية عبر الحدود الجنوبية مع إسرائيل”.

وقالت الوكالة إن “عناصر الاستخبارات أوقفوا الفلسطيني ’م. ع القادر‘ (43 سنة)، بعد دخوله الأراضي اللبنانية من داخل فلسطين المحتلة عبر الحدود اللبنانية – الفلسطينية المحتلة، قبالة بلدة الضهيرة الحدودية، ونقلته إلى أحد مراكزها للتحقيق معه”.

زر الذهاب إلى الأعلى