مقالات
أخر الأخبار

ما بين الشرع ومرسي

كتب د سعيد عفيفي على حسابه في منصة إكس

حضرتك حصل لك لخبطة في فهم ما يحدث الآن علي مسرح السياسة.. و ده طبيعي .

دعنا نفكك المشهد لنفهم

يعنى مثلا السياسة السعودية تجاه الإسلاميين اختلفت بين محمد مرسي وأحمد الشرع ..؟

أيضا سياسة ترامب ودعمه لنتنياهو ثم التفاوض مع حماس من وراء ظهره ..؟

حتى تنقشع الأمور لك يجب أولا أن تعرف الفارق بين محمد مرسي و أحمد الشرع ..!!

أحمد الشرع جاء للحكم بقوة السلاح ومعه قوته العسكرية القابضة على سلاحها في شوارع وحدود سوريا .. وهذه القوة أصبحت الجيش الآن .. والجيش القديم تفكك تماماً ..

أما د. محمد مرسى رحمه الله فقد جاء بثورة شعبية لا تملك قوة..

أحمد الشرع مدعوما من تركيا دعماً سياسيا واستراتيجياً ولوجيستيا ..

لأن سوريا تمثل أمنا قوميا فعليا لتركيا..

بينما محمد مرسي كان الدعم التركي دعما سياسياً فقط .. ولا يوجد لتركيا مصالح أمن قومي في مصر ..

أحمد الشرع لا يحمل مشروعا إقليميا.. فهو يقود تنظيما صغيراً نسبياً، ومحددا ومحدود جغرافياً، محصور في سوريا، مشروعه كله في سوريا، وليس له أي امتدادات خارجها ..

بينما محمد مرسي جاء وسط تيار الربيع العربى..  و جماعة الأخوان المسلمين  تعتبر تنظيما دوليا له مشروع إقليمي يحمل حلم الخلافة الإسلامية..

أحمد الشرع جاء للحكم عن طريق إزاحة عدو تقليدي قديم للسعودية وهو أسرة الأسد و حلفاؤها إيران وحزب الله .. وإيران اعتبرت أحمد الشرع عدو لها ..

بينما د مرسى رحمه الله جاء عن طريق إزاحة وخلع أسرة حسنى مبارك الصديق الوفي للسعودية ..

كما أن د. مرسى لم يمانع في توافق سيأسى مع إيران في وقت كانت السعودية في حالة عداء شديد مع إيران ..

السعودية الآن تستثمر الأحداث لصالحها وبدأت في ملئ الفراغ الذي تركه الإيرانيون في الشام، ليس في سوريا وحدها بل وفي لبنان أيضاً، أي أن تطور العلاقات بين سوريا احمد الشرع والسعودية يعني خسارة إستراتيجية كبرى لإيران، وإنهاء مشروعها الإقليمي في المنطقة، والذي كانت تراهن عليه طويلاً، واستثمرت فيه عشرات المليارات من الدولارات، ودفعت من أجله ضريبة الدم من أرواح قادتها وضباطها، كل ذلك يتبخر الآن، وخلال أشهر قليلة تملأ السعودية كامل الفضاء السوري الذي كانت تملؤه إيران.

إذن السعودية في التعامل مع الحركات الإسلامية، لا تبني مواقفها على الأيديولوجية .. بل على المصالح ومدى تهديدها لنظامها الملكي ..

 النقطة الجوهرية هنا أن السعودية لم تعارض الإسلاميين كفكرة، لكنها تحارب من يتبنون مشروعًا إقليميًا يمكن أن يهدد النظام السياسي الملكي و نفوذه و استقراره في الخليج أو يهدد النظام السياسي المستقر فى المنطقة العربية و المتوافق عليه دوليا  .

في المقابل من لا يشكل خطرًا استراتيجيًا، يمكن احتواؤه أو حتى دعمه، إذا خدم مصالحها الإقليمية.

السعودية رأت أن وجود حكم إسلامي ديمقراطي في مصر قد يلهم تيارات سياسية داخل المملكة نفسها مما يجعلها أكثر عرضة للاضطرابات الداخلية.

بالتالي، دعم السعودية للإطاحة بمرسي لم يكن بسبب موقف ديني أو أيديولوجي، بل بسبب حسابات السلطة الإقليمية والمصالح التي تُعرف بالجيوسياسية.

بينما أحمد الشرع مشروع غير مقلق استراتيجيًا لأنه لا يحمل مشروعًا إقليميًا يهدد التوازنات الكبرى في المنطقة.

و لا يمثل “إلهامًا” سياسيًا قد يُترجم إلى تحركات تهدد استقرار السعودية أو دول الجوار.

بل قد يكون وجوده في الحكم مفيدًا للسعودية لتقليل النفوذ الإيراني في سوريا، دون أن يؤدي إلى تغييرات أيديولوجية في المنطقة.

أضف الى ذلك ان احمد الشرع غير متوقع منه سياسة التوسع لأنه يمثل تيار غير معروف شعبيا أو دوليا أو بمعنى أصح عليه علامات استفهام كثيرة بين المسلمين أنفسهم..  بخلاف الإخوان المعروفين شعبيا ودوليا ومقبولين من كثير من المسلمين على مستوى العالم …. والتوسع شيء متوقع منهم..

لا يمكن أيضا نسيان الدور التركي و طمأنة دولية عن طريق تركيا لدول الخليج بأن النظام السوري الجديد لن يتدخل في الشئون الداخلية ولن يعمل أحد من أرضه ضد مصر ودول الخليج .

وتكرار أحمد الشرع لرسائل الطمأنة لكافة الدول في المنطقة العربية وأن سوريا تحتاج إلى صداقتكم لا إلى عداوتكم، بل وصرح بإعجابه برؤية المملكة العربية السعودية 2030 … هذا نوع من الدهاء السياسي..

 بالتالي، السعودية لم تجد في دعمه تهديدًا لمصالحها، بل قد يكون أداة لضبط المشهد الإقليمي.

ما يظهر من المواقف السعودية هو تبنيها “نظرة مصلحية للمنظومة الحاكمة طويلة المدي” في التعامل مع الإسلاميين، حيث لا تنظر إليهم ككتلة واحدة، بل كمجموعات لها تأثيرات مختلفة على ميزان القوى.

والدليل على ذلك أن السعودية تاريخيا استضافت بعض قيادات “الإسلام السياسي” حين كانت تحتاجهم، ثم حاربتهم عندما أصبحوا خطرًا على استقرارها

زر الذهاب إلى الأعلى