الأخبار المحليةتقارير
أخر الأخبار

المغامرات الحوثية.. تخريب ممنهج ودمار وتضليل إعلامي

تقرير خاص

في مشهد يجسد المفارقة الأكثر قسوة في الصراع اليمني، انتهت “المواجهات البطولية” التي روّجت لها الميليشيات الحوثية ضد الولايات المتحدة باستسلام تام، بينما كان الثمن المدفوع هو تدمير شامل للمقدرات الحيوية لليمن التي تُقدّر قيمتها بمليارات الدولارات، واتضح للجميع أنها لم تكن سوى مسرحية هزلية أخرى خلفت وراءها موانئ مُدمّرة وأنقاض مطارات ومصانع، واقتصاداً ميتاً تحت أنقاض الخطاب المُضلل والبطولات الوهمية.

نزيف اقتصادي

تشكل الموانئ اليمنية شريان الحياة الرئيسي لأكثر من 70% من السكان الذين يعتمدون كلياً على الواردات الغذائية والدوائية، واليوم تحول ميناء الحديدة الذي كان يستقبل ما يزيد عن 1.2 مليون طن من المواد الغذائية (شهرياً) إلى مجرد أطلال بعد عمليات القصف الامريكية المتكررة، وتشير تقارير برنامج الأغذية العالمي إلى أن قدرة الميناء الاستيعابية انخفضت إلى أقل من 30%، فيما أصبح رأس عيسى، المركز الحيوي لتصدير النفط، خارج الخدمة بعد تدميره بالكامل.

يقول علي القديمي، أحد العاملين السابقين في ميناء الحديدة: “كان الميناء بيتنا الثاني واليوم لم يعد هناك ميناء ولا بيت، والدمار الذي رأيته هنا يفوق أي وصف، صحيح اننا نجونا باعجوبة من جبال اللهب التي كانت تقذف علينا ولكنهم دمروا حياتنا بأكملها”، بينما تضيف “فاطمة علي”، أرملة أحد العمال: “زوجي استشهد اثناء عمله في الصوامع القريبة من الميناء والى الآن لم يتم تعويضنا باي شيء ، أين الانتصار الذي يتحدث عنه الحوثي؟”.

أحلام محترقة على المدرج

إلى جانب الميناء، تحول مطار صنعاء الدولي الذي كان يوماً ما بوّابة اليمن الرئيسية إلى العالم لأكوام من الحطام، وتم تدمير الأربع طائرات المدنية التابعة للخطوط الجوية اليمنية، طائرتان من طراز إيرباص A330 وطائرتان من طراز بوينج 737، وتحولت إلى هياكل محترقة بعد تعرضها لقصف مباشر الاسبوع الماضي، وتقدر الخسائر المباشرة بأكثر من 600 مليون دولار دون حساب الخسائر غير المباشرة الناتجة عن شلل الحركة الجوية وتوقف الرحلات.

عبد الرحمن سعيد، أحد الموظفين في المطار، يروي بمرارة لموقع الوعل اليمني: ” رأيتها تحترق واحدة تلو الأخرى ونحن نراقب من بعيد و عاجزين عن فعل أي شيء امام ذلك القصف المرعب، كنا نشاهد تدمير مستقبل البلد بأكمله امام اعيننا”، أما د. خالد، طبيب كان يعتمد على الرحلات الجوية لاستيراد الأدوية، فيقول: “كم مريضاً سيموت او تتدهور حالته بسبب تأخر الدواء؟ وكم حالة لن تستطيع السفر للعلاج على الأقل في الوقت الحالي ؟” مضيفا: ” هذه ليست بطولات ولا إسناد لإخوتنا في غزة، بل تدمير متفق عليه بين الطرفين وجرائم لن يمحوها الزمن”.

تضليل إعلامي

وفي الوقت الذي كانت فيه الميليشيات تروج لـ”استسلام ترامب “، كان المواطن اليمني يدفع الثمن من صحته وحياته، وسرعان ما تبخرت التصريحات المزعومة عن “إجبار أمريكا على الركوع” أمام واقع مرير حيث انخفضت القدرة الشرائية لليمني إلى أقل من 10% مما كانت عليه قبل الحرب، بينما تجاوزت معدلات سوء التغذية الحادة 60% بين الأطفال وفقاً لتقارير اليونيسف.

أم محمد، أم لخمسة أطفال من صنعاء، تقول لموقع الوعل اليمني”كل يوم نسمع عن انتصاراتهم ولكن أين هي؟ في جوع أطفالي؟ في مرض جيراني؟ في دمار بيتي؟”، ويضيف محمد العيسائي، مدرّس سابق: “سرقوا مستقبل أبنائنا مرتين، مرة بالحرب ومرة بالكذب وتمرير الدعايات السخيفة، كم من الوقت يجب أن نعيش هذا الكابوس ؟ اليس من حقنا العيش بسلام مثل اي شعب آخر في العالم ؟”

ويقول المهندس ” ضياء” وهو احد عمال “مصنع أسمنت عمران” وقد خسر وظيفته نتيجة تدمير المصنع:” بعد سنوات من الدمار نجد أنفسنا أمام واقع صعب ومرير فرض علينا ونحن امام خيارين اما تحمله او الموت، كيف يمكن إعادة بناء ما تم تدميره على مدى سنوات في أيام؟ وكيف يمكن علاج جروحنا الغائرة في الجسد والنفس معاً؟ نحن لم نعد نطلب الكثير، فقط أن نعود إلى بيوتنا آمنين، وأن نجد لقمة عيش كريمة، ودواء لمرضانا، هذه الاحتياجات الأساسية البسيطة أصبحت أحلاماً وردية في بلد تحول إلى رهينة لصراعات لم نخترها بل فرضت علينا”.

زر الذهاب إلى الأعلى