أقر مسؤولون بالجيش الإسرائيلي، الاثنين، بإطلاق النار على طالبي المساعدات عند نقاط التوزيع في قطاع غزة، بما في ذلك بنيران المدفعية، دون أن يشكلوا أي خطر على القوات الإسرائيلية.
جاء ذلك في معرض تعليقهم على تقرير لصحيفة “هآرتس” العبرية نشر الجمعة، تضمن شهادات لجنود وضباط إسرائيليين أكدوا تلقيهم تعليمات بإطلاق النار على الفلسطينيين المجوعين قرب مراكز توزيع المساعدات.
ونقلت الصحيفة، عن مسؤولين في قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي لم تسمهم، أن حوادث وقعت في غزة أسفرت عن مقتل مدنيين جراء نيران مدفعية بزعم أنها “غير دقيقة وغير مدروسة”.
وأوضحوا أن أخطر تلك الحوادث التي أُطلقت فيها قذائف مدفعية باتجاه المدنيين أسفرت عن إصابة ما بين 30 إلى 40 شخصًا، بعضهم فارق الحياة، وفق هآرتس.
وادعى هؤلاء أن “إطلاق النار كان يهدف إلى الحفاظ على النظام عند نقاط توزيع الغذاء”.
ورغم المجازر الإسرائيلية اليومية بحق المجوعين، زعم المسؤولون بالجيش الإسرائيلي، أن “الجيش يعمل حاليا بطرق مختلفة لتجنب ذلك”.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تنفذ تل أبيب وواشنطن منذ 27 مايو/ أيار 2025 خطة لتوزيع مساعدات محدودة بغزة، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على الفلسطينيين المصطفين لتلقي المساعدات ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص.
يأتي ذلك بينما تغلق إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار الفائت بشكل محكم معابر غزة أمام شاحنات إمدادات ومساعدات مكدسة على الحدود، ولا تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.
كما زعم المسؤولون في قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، وفق ما أوردته صحيفة “هآرتس”، أنه “لا توجد حاليًا مجاعة في قطاع غزة، وأن السكان هناك راضون نسبيًا عن طريقة توزيع الغذاء”.
لكنهم في المقابل أقرّوا بأن “معظم الغذاء الذي يدخل عبر القوافل يتم نهبه من قِبل العشائر” بسبب ما قالوا إنه “فقدان حماس السيطرة على مناطق واسعة”.
كما كشف هؤلاء أن “الجيش لا يتدخل لمنع نهب القوافل”، مشيرًا إلى أن “مسؤوليته تقتصر على ضمان دخول المساعدات إلى داخل القطاع، وليس إيصالها إلى نقاط التوزيع”، وفق الصحيفة.
والجمعة، كشف جنود إسرائيليون أنهم يطلقون النار عمدا ووفقا لتعليمات قادتهم على الفلسطينيين العزل منتظري المساعدات الإنسانية قرب مواقع التوزيع بقطاع غزة، ما يؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى، وفق صحيفة هآرتس.
وكشف التقرير وقتها، أن قادة في الجيش الإسرائيلي أصدروا تعليمات مباشرة لقواتهم بإطلاق النار على الحشود الفلسطينية لتفريقهم أو إبعادهم عن مراكز توزيع المساعدات “رغم أنهم لا يشكلون أي تهديد”.
ونقلت الصحيفة عن أحد الجنود، لم تسمه، وصفه للوضع بأنه “انهيار تام للمعايير الأخلاقية للجيش الإسرائيلي في غزة”.
ونقلت عن آخر قوله: “إنها ساحة قتل، وفي مكان وجودي كان يُقتل ما بين شخص و5 أشخاص (فلسطينيين) يوميا، وكانوا يُعاملون بوصفهم قوة معادية”.
وأشار إلى استخدام “نيران حية بكل ما يمكن تخيله: رشاشات ثقيلة، وقاذفات قنابل يدوية، وقذائف هاون، وبمجرد فتح المركز يتوقف إطلاق النار، ويعلمون أن بإمكانهم الاقتراب، ووسيلتنا للتواصل هي إطلاق النار”.
وأضاف الجندي: “نطلق النار في الصباح الباكر إذا حاول أحد الوقوف في الصف على بُعد بضع مئات الأمتار، وأحيانا نهاجمهم من مسافة قريبة، ولا يوجد خطر على القوات (الإسرائيلية)”.
وباتت إسرائيل تستهدف يوميا منتظري المساعدات في غزة، وتوقع مئات القتلى والجرحى بينهم، في استهداف مباشر للقمة عيش الفلسطينيين الذين يتعرضون لإبادة جماعية.
وحتى الاحد، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن حصيلة الفلسطينيين الذين قتلوا أثناء محاولتهم الحصول على “المساعدات الأمريكية الإسرائيلية” قرب مراكز التوزيع منذ 27 مايو الماضي، بلغ نحو 580 قتيلا وأكثر من 4 آلاف و216 مصابا، إضافة إلى 39 مفقودا.
والجمعة، وصفت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، مراكز توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية بقطاع غزة بأنها “ساحة قتل”.
فيما دعا مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ خالد خياري في إحاطة لمجلس الأمن اليوم، إلى إجراء تحقيق فوري ومستقل في الهجمات الإسرائيلية على الفلسطينيين المجوعين الساعين للحصول على مساعدات إنسانية في قطاع غزة،
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 190 ألف من الفلسطينيين بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.
كما تحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم.