سيكون من الطبيعي أن تلامس روحك نفحات إيمانية عند دخولك إحدى بوابات مسجد الإمام أحمد بن حجر العسقلاني، هذا المسجد التاريخي القابع في آخر شارع ( حسن علي ) المؤدي لحي القطيع أشهر الأحياء السكنية بــعدن القديمة ( كريتر).
ذكر العديد من المؤرخين أنّ هذا المسجد تجاوز الستمائة سنة من الزمان، ويقال إنّ سبب تسمية المسجد بهذا الاسم لأن الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني زار هذا المسجد وأقام فيه لمدة ستة أشهر عند قدومه إلى عدن عام (806) للهجرة٠
رغم انشغال الإمام ابن حجر العسقلاني بإلقاء الدروس الدينية بالمسجد وملازمة علماء المدينة، إلا أنه استقطع جزءًا من وقته لنسخ بعض كتبه التي ألفها سابقاً بل و ألف كتابًا وشرع في تأليف آخر في هذه المدينة المباركة، حيث يعد الإمام ابن حجر العسقلاني أحد كبار علماء الأمة الإسلامية وله العديد من المؤلفات التي لاتزال تدرس حتى اليوم في جميع بلدان المعمورة.
ظل المسجد لمئات السنين يؤدي دوره في تعليم القرآن الكريم والعلوم الدينية المختلفة، و تعاقب العلماء على إمامة هذا المسجد، أما في العصر الحديث فقد كان أشهر العلماء الذين أسند إليهم الإمامة والخطابة في المسجد هو الشيخ محمد بن سالم البيحاني العالم الرباني الذي ذاع صيته ليس في الحزيرة العربية وحسب بل بالوطن العربي أجمع.
كان الشيخ البيحاني يلقي دروسه بصورة مستمرة في هذا المسجد، خاصة في شهر رجب حيث كان يقيم دروس دينية بين صلاة المغرب والعشاء، كما أعتاد الشيخ البيحاني على إلقاء الخطب في الأعياد والمناسبات الدينية، كما كان المسجد يكتض بالمصلين يوم الجمعة وتغلق الشوارع الملاصقة للمسجد لافتراش المصلين لها نتيجة لأمتلاء المسجد الذي يتسع لألف مصلي عند آخر توسعة له في منتصف القرن الماضي، ولعل هذا سبب إطلاق الناس على المسجد أسم البيحاني.
كان الإمام البيحاني قائد الحركة التنويرية في عدن وكان له دور كبير في نشر العلم وتحفيظ القرآن الكريم في المدينة برفقة علماء آخرون، ولأهمية دور المسجد في توصيل الدعوة حث الناس على التبرع لإعادة بناء المسجد من أساسه ليشمل عدد أكبر من المصلين وطلبة العلم، وجمعت آنذاك اثنان وثمانين الف واربعمائة روبية هندية لصالح بناء هذا المسجد.
في عام (1369) للهجرة (1950) م أوكل للمقاول محمد عثمان ثابت الأديمي هدم المسجد وإعادة بناءه من جديد على الطراز العدني الحديث، وتم البناء تحث إشراف الشيخ سعيد بازرعة وأصبح المسجد يتسع لأكثر من الف مصلي، ويوجد في طابقه العلوي مصلى للنساء يسع 40 أمراءه، ومئذنة المسجد متوسطة الطول يبلغ طولها تقريبا ستة أقدام(متران تقريباً).
رغم مرور أكثر من ستة قرون على بناء المسجد لايزال نور الدعوة يشع من مسجد العسقلاني، ولا تزال تقام فيه الدروس الدينية وحلقات تعليم القرآن الكريم، صحيح أن المسجد تضرر بعض الشيء في حرب الفان وخمسة عشر لكن الضرر الأكبر هو ماتحدثه سيول الأمطار، فقد أصبحت الأمطار تتسرب من سقوف المسجد إلى الباحة الداخلية المخصصة للصلاة، مهدده بذلك بتضرر أساسات المسجد، وأصبح لسان حال المسجد يناشد أهل الخير بترميم سقفه لكي يتمكن من إتمام دوره المعهود.
عدن سيتي