إعداد: أحمد محجوب
تدقيق لغوي: أمل فاخر
تُحدِّثنا إحدى قصص الأطفال، عن حكاية إمبراطور مُولعٍ بارتداء الملابس الجديدة، فلا ينفق أمواله في غيرها ولا يستهويه شأنٌ سواها. وكان الإمبراطور ملولًا، سريع الضّجر بكل ملبسٍ حديث، وما تكاد تمرُّ ساعةٌ، إلَّا طلب فيها ثيابًا جديدةً، تفوق في الحُسن سابق ما ارتداه. وكان كل تفكيره حائمًا حول الإطلالة التي سيلقى بها شعبه، متى تكرَّم عليهم بشعاعٍ من شمسه. وغدا حديث ملابس الإمبراطور، خبرًا تلوكه ألسنة العامَّة والخاصَّة، حتى بلغ مسامع رجلين محتالين، فأوهما الناس بأنهما نسَّاجان يحيكان من الخيوط ملبسًا عجيبًا، ويصنعان قماشًا لم تبصره عينٌ من قبل. وزعما أنَّ للملابس التي ينسجانها ضربًا خاصًا من السِّحر، فلا يبصرها الحمقى، ولا يراها من كان غير صالحٍ لمنصبه. ومتى بلغه هذا الحديث، عجَّل الإمبراطور في طلب المُحَتالين، ليحيكا له ثوبًا، به يميِّز بين الصُلاَّحِ من وزرائه، والفاسدين منهم.
وابتسم الحظُّ في وجه المُحَتالين، وجعلا يطلبان أفخم أنواع الحرير، وأغلى أنواعِ القُماش المذَّهب، لحياكة هذا الثوب العجيب. وابتهلت نفس الإمبراطور شوقًا لثوبه، فأجزل لهما العطاء كي يُعجِّلا بالحياكة. واتفق له يومًا أن يرسل أحد وزرائه ليعاين سير العمل، فما إن دخل الوزير على النسَّاجين حتى هاله ما رأى، بل هاله ما لم يرَ، ولمح المُحَتالين يومئان بالعمل على النول، ويسألانه عن قوله في لون الثَّوب، وشكل القماش. فآثر الوزير الكذب على المجاهرة بحمقه وقلَّة كفاءته، وأثنى على الثَّوب كثيرًا، ثُمَّ حدَّث الإمبراطور عن جماله طويلًا. ولم يخالف الإمبراطور رواية وزيره، فما إن جاء له المحتالان بالثوب المزعوم، أنكر ما حدثته به عيناه، وارتدى فوق عُريه، ثوبه الجديد، بل ونزل به على شعبه في موكبٍ مهيب، فهتف الشَّعب طويلًا، وتغنَّى الجمع بحسن ثوب الإمبراطور، فسكنت نفسه، واطمأن قلبه. فجأة، لاح من بين الجموع، طفلٌ يصيح بأنَّ الإمبراطور عارٍ! أسكته أبوه، لكن الشَّعب أصغى، ومضى كلُّ منهم يردِّد «الإمبراطور عارٍ!».
وإن كانت قصّة ملابس الإمبراطور الجديدة، تحدِّثنا بأكثر من صوتٍ؛ صوتُ الأباطرة والوزراء، وصوت الأطفال والمُحَتالين، فإنها تشير كذلك، إلى ما يصيب الملوك من ولعٍ بناعم الثياب وأكثرها حُسنًا. ولو كان بوسعنا أن نقول، إنَّ صوت الطفل قد عرّى الملك، بالرَّغم من عُريه البادي لكل مُبصِر، فإنَّ هذا قد يدفعنا إلى الجزم، بأن الأصوات غير متساوية. ومنه غدا لعُنْوان هذه القصة، دلالة فلسفيَّة تشير إلى مغالطة التوسُّل بالجموع، أو بالجهل الجماعيّ.
وعودةً إلى حديث المَلبس، نقف هذه المرَّة على إمبراطور لم يلده الخيال، ولم تحوهِ قصص الأطفال. من ألقابه ملك الشمس، ومن خصاله أنَّه ظلّ عصيًّا على الغروب، لاثنين وسبعين حولًا. ليغدو بهذا، صاحب أطول حُكمٍ في التاريخ. وتختلف الأقوال حول سِرّ تسمية الإمبراطور لويس الرابع عشر، بملك الشمس. لكن المؤكّد أنه كان دائم السَّعي إلى الظهور في صورةٍ تشبه ما قد يكون ملكًا للشمس. فتراه مُطلًا على المبصرين، في زيٍّ ذهبيٍّ مزخرفٍ، يحاكي به هيئة أبولو. منتعلًا كعبًا يزيد قامته طولًا وشموخًا. على يساره سيفٌ وفي يمينه صولجان، وعلى رأسه شعرٌ غزيرٌ، لعله استعاره من أبولو، أو أهدته إياه الشمس. ولا أظن أن مُبصِرَ لويس الرابع عشر، قد يخاله، أو يتصوَّره للحظةٍ عاريًا، كَعُريِ إمبراطور قصّة الأطفال. لكن صوتًا شبيهًا بصوت ذاك الصبي البريء، قد تكلَّم في روع الرّسام والروائيّ الإنجليزيّ، «ويليم مايكبس- William Makepeace Thackeray» فحاك من رجعه لوحةً، عَنْونها هذا السؤال: «ما الذي يجعل من الملك مَلِكًا؟ – ?What Makes The king»
وفيها يتجلَّى لنا، كما تجلَّى لذلك الطفل من قبلنا، الإمبراطور لويس الرابع عشر، ملك الشمس، عاريًا! فلا سيف في يده ولا صولجان. ولا من وفرة تخفي شحمة أذنيه، بل لم يتبقَّ له إلَّا عكَّازٌ نحيل، يقيه شَرّ السقوط على وجهه. في يمين اللَّوحة يبدو لنا لويس الرابع عشر، في صورته المعهودة التي أسلفنا وصفها، وعلى يسارها نرى ما يمكن أن نسميّه «قالب لويس الرابع عشر» أو لعله، ما أراده «مايكبس» من عُنْوان لوحته، ما يجعل الملك ملكًا. أما بينهما، فيلوح لنا عجوزٌ، قبيحُ السُّحنة، أصلع الرأس، هزيل الساقين، منتفخ البطن كجرذٍ عليلٍ. وقد يضحك السَّامع إذا حدَّثته بأنَّ هذا العجوز هو ملك الشمس، في حين أنه يبدو كأنَّ الشمس لم تشرق عليه قط! وليس من العجيب أن يكون زيُّ الإمبراطور لويس الرابع عشر أشبه بالإمبراطور من الإمبراطور نفسه. فهو بخلعه لهذا الثوب المبهرج، يكفُّ عن كَوْنه لويس الرابع عشر، بل حتى لو ارتدى أحد العامَّة هذا القالب، فلا عجب أن يُهتَف له بأن الشمس تغار من بريقه. وبالحديث عن ملوك الشمس وآلهتها، تخبرنا كُتُب التاريخ عن أنَّ ملوك مصر قديمًا، كانوا لا يَظهرون لشعوبهم إلا حاملين هرًا على رؤوسهم، متنكِّرين في زيٍّ هو أشبه بالسحرة والمشعوذين. لتظلّ هذه الصورة راسخة أبد الدهر، في مخيِّلة الرعايا.
قد يتحوَّل الحديث هنا من الكلام عن إمبراطورٍ، إلى الكلام عن محاكاةٍ لصورة الإمبراطور، لا تتحقَّق إلَّا ببهرجٍ خاص وسمات محدَّدة، بل قد يحلُّ الثوب أحيانًا محلّ اللسان، كشأن ثياب مُعمَّر القذافي مثلًا. فتراه تارةً بالزي العسكريّ معبِّرًا عن كَوْنه ضابطًا عربيًّا يروم الوحدة بين العرب. وقد يعدل عن هذا، فتحاكي ثيابه خريطة القارة الإفريقيَّة، مُنصرفًا عن وِحدةٍ إلى وِحدةٍ أخرى. ولمَّا ضاقت به الأزياء قُتِلَ معمر القذافي عاريًا.
لم يكن التَّصوير الهزليّ للملوك عُراةً، سابقةً اختص بها «مايكبس» عن غيره. فقد سبقه إليها المتنبي منذ ما يُنَاهز الألف عام. وإن لم يكن المتنبي رسَّامًا، فإن صوره الشعريَّة قد صرعت بِحُسنها الألباب، كما صرعت من قبلها كافور بلاذع الهجاء. فلو كان الغرض من المدح، في الشِّعر، تعظيم المحاسن إلى حدّ تأليه الممدوح، فإن غاية الهجاء هي التمعُّن في العيوب، بل وتهويلها، كأنّ ليس في المهجو سواها. وهجاءُ المتنبي لكافور، بغضّ النظر عن دوافعه وأسبابه، هو هجاءُ شاعرٍ لملك. شبيهٌ بصورة كاريكاتوريَّة لفَنَّان عن إمبراطور. ضربٌ من التعرية، لعلّه مقصورٌ على صفوة من العقول. بل مقصورٌ على أعينٍ ترى كُلّ ما يُرى، خلافًا لأولئك القاصرين، بمن فيهم من ملوك وأباطرة. ولتذكر قول أبي الطيب في هذا الشأن:
وَمَن جَهِلَت نَفسُهُ قَدرَهُ
رَأى غَيرُهُ مِنهُ ما لا يَرى
ونزعم أنَّ المتنبي رأى في كافور ما لم يره غيره، وأقول هذا وصفًا لا إعجابًا بما جاء به أبو الطيب من هجاءٍ. وتدرَّج المتنبي في تعرية كافور، فانطلق من قامته وقال فيها:
سَادَاتُ كُلِّ أُنَاسٍ مِنْ نُفُوسِهِمِ
وَسَادَةُ الْمُسْلِمِينَ الْأَعْبُدُ الْقَزَمُ
ونقض المتنبي كنية كافور «أبو المسك» بأعنف ما يكون الهجاء، فجعل من المسك نتانة، وقال في هذا:
ما يَقبِضُ المَوتُ نَفسًا مِن نُفوسِهِمُ
إِلّا وَفي يَدِهِ مِن نَتنِها عودُ
ويبالغ هنا المتنبي، فيصوِّر لنا ملك الموت مشمئزًا من قبض روح كافور، وأتباعه، لما في أرواحهم من خسّة ولؤم، حتى يتناولها بعودٍ، كما تُتناول الجيفة. ثم يسخر من خِلقة كافور فيقرنها بخلقة البعير. وهو في ذلك يعيّره بلونه بعد أن سبق ومدحه به:
وَأَسوَدُ مِشفَرُهُ نِصفُهُ
يُقالُ لَهُ أَنتَ بَدرُ الدُجى
والمشفر في الأصل شفة البعير، أي يريد أنَّ كافور عظيم الشفة حتى أنها شغلت نصف وجهه. وما يغيض المتنبي أن زبانية كافور تصفه بالحسن، فهو في أعينهم بدر الدجى، لكن المتنبي لا يرى فيه بدرًا ولا شمسًا. ولعلّ أبا الطيب كان مصوِّرًا كاريكاتوريًّا بطبعه، فطاب له تنزيل كافور بمنزلة الحيوان:
وَشِعرٍ مَدَحتُ بِهِ الكَركَدَنَّ
بَينَ القَريضِ وَبَينَ الرُقى
وإذا قارنا كل صفات الكركدن بكافور، سنراه عظيم الجثة، كثيف الجلد صَلبهُ، قصير القوائم، ولعلَّ له قرنًا أو قرنان!
و يبدو أنَّ صورة العُريِ لم تستقم، إلَّا متى عمد المتنبي، بسلاطة شديدةٍ، إلى هجو كافور الملك، بتذكيره بماضٍ كان فيه عبدًا. مُشيرًا بحسب زعمه إلى أن قالب المُلك لا يخفي طينة العبوديَّة التي نشأ عليها كافور. ولو كانت الصيرورة من عبدٍ إلى ملكٍ، قصّة حقيقةً بالإعجاب، فإنَّ لأبي الطيب، الذي لم يكن طيبًا ههنا، رأي آخر:
العَبدُ لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ
لَو أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ
وكأنَّه لم يكتفِ بهذا فأطلق العنان للسانه وقال:
أَم أُذنُهُ في يَدِ النَخّاسِ دامِيَةً
أَم قَدرُهُ وَهوَ بِالفَلسَينِ مَردودُ
فالمتنبي هنا لا يجرِّد كافور من المُلك والجاه والمسك فحسب، بل يعيده قسرًا إلى منزلة العبد، الذي تمر يد النخّاس على رأسه، ويتعلَّق مصيره بفلسين من النحاس!
ثم يهزل مرة أخرى من مظهر كافور، ويعيّره بما يَحِلُّ بالعبيد من إخصاء:
مِن كُلِّ رِخوِ وِكاءِ البَطنِ مُنفَتِقٍ
لا في الرِجالِ وَلا النِسوانِ مَعدودُ
ويريد بوكاء البطن، أنَّ بطن كافور لا تقوى على حفظ ما فيها. فكأنَّه بذلك يتساءل ساخرًا: كيف لهذا العاجز عن حكم بطنه أن يحكم مِصر ومن فيها؟
من الواضح أنَّ العُري الذي ألبسه المتنبي كافورَ، يفوق من ناحية الوقع، ما ساقه إلينا مايكبس في لوحته عن لويس الرابع عشر؛ فالأوَّل يحيك الصورة دون رسمها، فتكون متجاوزةً حدود البصر، مُتفردة في بلوغها كُلّ قارئٍ، فيصوغها الخيال كما تصوغها اللُّغة والعاطفة. أما الثاني فيكتفي برسمها دون إطالة الحديث عنها، ولعلها في الحقيقة مُحدّثة بنفسها، سرّاقة للأبصار، قادحة للتدبُّر. وهذه، في العموم، خاصية كل فنٍّ منهما، فالنتيجة في نهاية المطاف واحدة: ملكان عاريان!
أما عن زمننا هذا، فإنَّ ملابس أباطرته تتجدَّد، كتجديد الحيَّة جلدها. وهي أكسيةٌ وأزياءٌ لا تحاك من ضوء القمر، ولا من مُذهَّب الأقمشة. بل إنَّ وجه الشبه بينها وبين ثياب الإمبراطور الجديدة، هي أنها لا زالت تُحاك بأيادي المُحتالين. وهم في ذلك لا يطلبون أرقى أنواع الحرير لصنعها، بل هم يحوكونها بمزاعمٍ واهية وشعارات كاذبة.
فنسيجها حريَّةٌ، وتطريزها تساوٍ في الحقوق، وقُماشها من أجود أنواع العدالة. والويل كل الويل، لمن قَصرت عيناه عن إبصار هذه المزاعم في شكل ثوبٍ يسرُّ الناظرين. ولعله أحمقٌ من عمي عن رؤية هذا الكساء البديع، بل هو بدون شك، غير جديرٍ بكل تلك المواد التي صنع منها الثوب.
ومن أين للأباطرة، بغير المحتالين لحياكة أثوابهم؟ فهم اليوم قد ترفَّعوا عن الإبرة والنول، وغدوا ينسجون في آذاننا ومن أمام أبصارنا، ملابس الحقيقة المُطلقة. فسَلِّم بجودتها، وسارع بارتدائها ولو خالفت مقاسك، أو قف على الضفة الأخرى من العالم، رفقة الإرهابيين وأشباه الآدميين من الحيوانات البشريَّة، التي ليست فقط غير جديرةٍ بمنصبها ونصيبها، بل فوق ذلك، غير جديرة بالحياة. فحتى في عالم الحيوان، بتعبير أورويل: «كل الحيوانات متساوية، لكن بعض الحيوانات أكثر تساويًا من غيرها».
ولعلّ ما نشهده في فلسطين اليوم، هو خير مثالٍ على ما يحيكه محتالو الإعلام. فليست المزاعم الرائجة حول قتل المقاومة لأربعين طفلًا، إلَّا امتدادًا لما سبق نسجه من أكاذيبٍ مماثلة، كحديث مطلع هذا القرن، عن امتلاك العراق لأسلحة دمارٍ شامل، ومنه هبّ صُنَّاع السلم لحفظ العالم من شرّ أسلحة العراق، وحين لم يجدوا ما ينبِّئ بالدمار، بذلوا كامل جهدهم في صنعه.
إن جوهر ما يعمد إليه الإعلام في الحقيقة، هو إثارة صورٍ من الذاكرة الجمعيَّة في عقول المُتلقّين، وربطها حصرًا بما يجري اليوم؛ كأن تُسْتَدعى صورٌ من أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أو خَلْق رابطٍ عجيب بين المقاومة وداعش، لغاية إثارة عواطف المُتلقّي، وصرفه عن تناول أحداث الواقع، وسرديَّات التاريخ بتعقُّل وتجرُّد وحياد. وهم بذلك يعمدون إلى التضليل، بغاية تبرير ما يصنعونه من فظائع. وقد يُوَفَّق الإعلام في حياكة أثوابه، لكن بعض العُريِ لا يُسْتَر.
تنتهي قصة ملابس الإمبراطور الجديدة بإحراجٍ يتملَّك الإمبراطور بعد شكّه لأوَّل مرَّة في عُريه. ولوهلة، رأى نفسه ضئيلًا بين حاشيته وشعبه، وأخذت تتقاذفه الهواجس؛ فهل يُعَدّ الإمبراطور بهذا من زُمرة الحمقى؟ حاشا وكلّا! هل هو غير جديرٍ بمنصبه إذًا؟ بالطبع لا! فهذا حقُّ إلهيّ لا خوض فيه! لذا، وفي حالةٍ كهذه، يجب على الشَّعب أن يكون غبيًا، أو غير جديرٍ بأن يكون شعبًا لائقًا بالإمبراطور. ولعل هذا الخيار كان أقرب إلى التصديق، لولا صرخةُ طفلٍ، أزال وقع دويها ما كان على الأبصار من غشاوةٍ.
وليس من الغريب أن تتجلَّى الحقيقة على لسان طفلٍ. فالأطفال لا يعرفون الكتمان، ولا تقوى نفوسهم على حفظ ما تبصره أعينهم، كأنَّ صدورهم تضيق بإضمار الحق، فتراهم مُصرّين على إبرازه، جادّين في الدفاع عنه. ولهذا المعنى حضورٌ في ختام رواية الحرافيش، إذ يحدِّثنا نجيب محفوظ، عن بابٍ لا ينفتح إلَّا «لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال وطموح الملائكة»، وبراءة الأطفال في قصة ملابس الإمبراطور الجديدة، هي أشبه بطَرْقٍ لهذا الباب الذي شردت عنه الكهول وتناسته العجائز.
بالرَّغم من بُدُوِّ عُريه لكلُّ مُبصرٍ، عزم الإمبراطور على إتمام موكبه، ومواصلة سيره تحت مظلَّته الجميلة. تعالى الهمس من حوله، وغدا الكُلُّ مُحدِّثًا بِعُريه. وضحكت الناس من الحال التي آل إليها حاكمهم، فقد غدا بين منزلتين أحلاهما مرُّ، الحُمق أو انعدام الكفاءة! وحين خال الحضور الموكب متواصلًا، ثقُلت خُطى الإمبراطور فجأةً، ووضع يدًا على صدره باحثًا عن ثوبه الجديد، فوقع اللحم على اللحم، وأحس الإمبراطور حينها ببردٍ شديد!
المصدر: المحطة