المعلم اليمني.. رهينة الحرب والجوع والطاعة

تقرير خاص
عامًا تلو الآخر تستمر معاناة المعلمين في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي تدهورًا حيث يعاني آلاف المعلمين من انقطاع الرواتب وتدهور الظروف المعيشية، مما دفع كثيرًا منهم إلى حافة الفقر واليأس، فالمعلم الذي يُعتبر في السابق حامل شعلة العلم و المعرفة للأجيال، أصبح اليوم يعيش واقعًا مريرًا يحاول فيه البقاء على قيد الحياة وسط هذه الظروف الصعبة.
تركنا المهنة
منذ 2016 لم يتقاضَ المعلمون الحكوميون في مناطق سيطرة الحوثي رواتبهم بانتظام، وهو العام الذي شهد تصاعدًا حادًا في الأزمة الاقتصادية التي تسببت بها السياسات الكيدية للحوثيين مثل تحويل موارد الدولة لتمويل المجهود الحربي، لذا بات 85% من المعلمين يعتمدون على المساعدات الإنسانية أو الأعمال الجانبية الهامشية لتأمين لقمة العيش، بينما اضطر آلاف المعلمين إلى ترك المهنة تمامًا والبحث عن مصادر دخل أخرى.
في تصريح لـ”علي محمد”، معلم في إحدى مدارس صنعاء، يقول لموقع الوعل اليمني: ” لا أملك ثمن مواصلات المدرسة ومنذ تسع سنوات لم أستلم راتبي كاملًا، وأعيش على ما يسد رمق العائلة من مساعدات الأقارب المغتربين، أما كثير من زملائي فقد تركوا المهنة لأنهم لم يعودوا قادرين على تحمل هذا العبء.”
من جهته، يوضح الأستاذ “وجيه الحطامي” أن “استمرار انقطاع الرواتب يدمر العملية التعليمية برمتها ولا يؤثر فقط على حياة المعلمين، ومن المستحيل مطالبة المعلم بالتركيز على أداء رسالته وهو منهمك في البحث عن قوت يومه”.
ويتابع :” الأزمة ليست اقتصادية فقط بل أزمة مستقبل جيل كامل قد يحرم من التعليم الحديث”.
أما “وفاء”، معلمة من صنعاء، فتقول في تصريح لموقع الوعل اليمني “اضطررت إلى بيع مجوهراتي لدفع إيجار البيت، وكل يوم أذهب إلى المدرسة وأنا أعلم أن طلابي جائعين وحالتهم مثلي، لكني احاول أن اتمسك بهذه الوظيفة على أمل أن يتغير هذا الواقع الاسود.”
الطاعة مقابل الراتب
وتتفاقم المعاناة مع ارتفاع الأسعار وانهيار قيمة الريال اليمني، حيث فقد العملة أكثر من 80%من قيمته منذ بداية الانقلاب الحوثي، مما جعل حتى الرواتب المتقطعة التي قد يحصل عليها بعض المعلمين غير كافية لتغطية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية، كما أن بعض المعلمين يتعرضون لضغوط سياسية، كما تشير تقارير غير مؤكدة إلى أن الحوثيين يربطون في بعض المناطق صرف المساعدات أو الرواتب الجزئية بالولاء والطاعة لهم.
ويقول “مهدي” مدير إحدى المدارس الحكومية أن مستقبل التعليم في صنعاء والمناطق الشمالية على كف عفريت فالكفاءات معظمها قد غادرت وأصبح الموالون غير مؤهلين هم المسيطرين على الساحة التعليمية، كما أن نسبة التسرب المدرسي بين الطلاب قد ازدادت خلال الثمانية أعوام الأخيرة لأن العديد من الأسر تلجأ إلى سحب أبنائها من المدارس وإرسالهم إلى سوق العمل للمساعدة في إعالة الأسرة”.
ويختم بالقول:” معاناة المعلم اليمني جزء من أزمة إنسانية أوسع تهدد بضياع مستقبل التعليم في البلد وانهيار أحد أهم أركان المجتمع، وبدون حل سياسي شامل يعيد الرواتب وينهي الأزمة، سيستمر هذا القطاع الحيوي في الانحدار من سيئ إلى أسوأ”.