من جديد، غمرت مياه الأمطار التي هطلت الأحد على قطاع غزة، خيام النازحين، وكبدتهم خسائر مالية كبيرة، كما خلفت بركا في الشوارع، التي تدمرت شبكات البنى التحتية فيها بفعل القصف الإسرائيلي.
المطر يقتحم الخيام
داهمت مياه الأمطار خيام النازحين المصنوعة من الأقمشة وبعض الأغطية، فيما تسربت أيضا إلى الخيام المصنوعة من البلاستيك بعد تشكيل سيول في الطرقات ما بين تجمعات الخيام.
وقال نازحون إن الأمطار التي هطلت فجأة قبل موسمها بغزارة على كافة مناطق القطاع، أتلفت الكثير من مقتنيات الأسر، بما في ذلك الدقيق وأدت إلى وصول المياه إلى الأغطية ومرتبات النوم.
وحسب نازحين يقيمون في معسكرات خيام غرب مدينة خان يونس، فإن أغلب الخيام المنصوبة هناك، ومصنوعة من القطن، دخلتها مياه الأمطار.
وتواصلت “القدس العربي” مع عدد من النازحين في المنطقة المحيطة بجامعة الأقصى. وقال عزمي أيوب إن الأمطار أتلفت كيس دقيق كانت تضعه الأسرة في ركن من الخيمة، وأنها أتت كذلك على الملابس والأغطية.
ولا يملك هذا الرجل نقودا لشراء قطع كبيرة من البلاستيك، لكسوة خيمته من الخارج، لمنع تسلل المطر إليها، لافتا إلى أنه سبق وطلب ذلك من المؤسسات الإغاثية دون أن يحصل عليه، وقال: “بالكاد نستطيع توفير مستلزمات الأسرة من الأكل والشرب”.
وأشار إلى أن جيرانه في النزوح تضرروا أيضا بفعل تساقط الأمطار، وقال متسائلا: “شو حيصير (ماذا سيحدث) إلنا في فصل الشتاء؟”.
وقال: “الخيام لا بتنفع في الصيف ولا في الشتاء”، وكان يقصد ارتفاع الحرارة فيها خلال الصيف، وعدم القدرة على سكنها، وبرودتها وتسريبها للمياه في الشتاء.
وفي وسط قطاع غزة، غمرت السيول التي أحدثتها مياه الأمطار العديد من خيام النازحين المقامة غرب بلدة الزوايدة، بعد أن سارت في طريق منحدر ينتهي بمعسكر خيام مقام هناك.
ولم تنجح محاولات أبو أحمد الحداد، من حماية مقتنيات أسرته، عندما حاول وضع قطعة من البلاستيك فوق الخيمة، حينما تسربت لها المياه على شكل سيول.
بانتظار شتاء قاس
وقال: “مش عارفين بكرة شو راح يصير في الشتاء، الخيام ما بتحجب المطر”، لافتا في حديثه لـ”القدس العربي”، إلى أن الشتاء الماضي الذي عايشه في النزوح، عانى طوال أيام المنخفضات من تسرب المياه إلى خيمته كباقي النازحين، حين كان وقتها يتواجد غرب مدينة رفح، قبل النزوح إلى وسط القطاع.
وحاولت السيدات في ذلك المكان بعد توقف هطول الأمطار، وضع المرتبات والأغطية والملابس المبللة تحت أشعة الشمس، غير أن إحداهن أكدت أن الأمر يحتاج إلى يومين على الأقل، حتى تجف مراتب النوم، وهو ما سيجبر أفراد الأسرة على افتراش الأرض.
وسيكون الأمر أكثر صعوبة على العوائل التي تقطن قرب برك تجميع مياه الأمطار أو الصرف الصحي، والمعرضة للفياضات والغرق، لعدم وجود المعدات اللازمة لضخها إلى البحر كما جرت العادة.
أماني الأطفال
وفي دلالة على حجم المأساة، جرى تداول مقطع لأطفال وهم يلهون تحت المطر في أحد مراكز الإيواء، وقد ختموا لهوهم وهو يدعون بانتهاء الحرب والعودة إلى منازلهم بدلا من العيش في الخيام ومراكز الإيواء.
هذا ولم يعانِ فقط النازحون من هذه الأمطار، فقد اشتكت العديد من العوائل التي تقطن مناطق منخفضة، وتلك التي تقيم في منازل طالها الضرر الجزئي والبليغ، وتضررت أسقفها المكسوة من “الزينكو”، حين غمرتها مياه الأمطار، وتجمعت مياه الأمطار في غالبية مناطق القطاع، بسبب تضرر شبكات تصريف مياه المطر في باطن الأرض، لتعرضها في أوقات سابقة لعمليات قصف ممنهجة من قبل جيش الاحتلال.
وقد ذكرت إحصائية رسمية أن جيش الاحتلال دمر 330,000 متر طولي من شبكات المياه، إضافة إلى 655,000 متر طولي من شبكات الصرف الصحي، إضافة إلى تدمير 2,835,000 متر طولي من شبكات الطُرق والشوارع في قطاع غزة، و3,130 كيلومترا من شبكات الكهرباء، إضافة إلى مئات آلاف المنازل التي دمرت بشكل كلي أو بليغ أو جزئي.
وحاليا تشهد مناطق وسط القطاع وغرب خان يونس، تكدسا كبيرا في أعداد النازحين، بعدما أجبرت قوات الاحتلال جميع سكان مدينة رفح والنازحين الذين كانوا يقيمون فيها، على الخروج قسرا مع بدء العملية البرية قبل أكثر من أربعة أشهر.
وتقدر المنظمات الأممية بأن نحو مليون من أصل 2.2 مليون فلسطيني يقطنون قطاع غزة، نزحوا من منازلهم عدة مرات بسبب الحرب.