وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيراً لسكان مدينة غزة طالبهم فيه بمغادرتها على الفور، وذلك بعد ساعات من إعلان إسرائيل عزمها تكثيف غاراتها الجوية على القطاع.
قال نتنياهو “أقول لسكان غزة انتهزوا هذه الفرصة واصغوا إليّ جيداً: لقد تم تحذيركم- غادروا الآن”.
وأضاف نتنياهو أن القوات الإسرائيلية تنظم صفوفها الآن وتتجمع داخل مدينة غزة من أجل عملية برية.
وقال نتنياهو في كلمة مصوّرة “خلال يومين دمّرنا 50 برجاً إرهابياً، وهذه مجرد البداية للعملية البرية المكثفة في مدينة غزة. أقول للسكان: لقد تمّ تحذيركم، غادروا الآن”.
من جهتها قالت حركة “حماس” أمس الأحد إنها “جاهزة فوراً” للانخراط في مفاوضات بعد تلقيها مقترحاً جديداً من واشنطن. وأعلنت “حماس” في بيان “تسلمها عبر الوسطاء لبعض الأفكار من الطرف الأميركي للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار”، وأكدت أنها “جاهزة فوراً للجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
وأضافت أنها “ترحب بأي تحرك يساعد في الجهود المبذولة لوقف العدوان على شعبنا وتؤكد أنها جاهزة فوراً للجلوس إلى طاولة المفاوضات لبحث إطلاق سراح جميع الأسرى في مقابل إعلان واضح بإنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع وتشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة من المستقلين الفلسطينيين تستلم عملها فوراً”. وتابعت أنها “في اتصال مستمر مع الوسطاء لتطوير هذه الأفكار إلى اتفاق شامل يحقق متطلبات شعبنا”.
“إنذار أخير”
قبيل ذلك كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعلن أنه وجه “إنذاراً أخيراً” لـ”حماس”، مشدداً على وجوب أن توافق الحركة الفلسطينية على صفقة للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، مضيفاً “لقد حذرت (حماس) من عواقب عدم القبول”.
وجاء في منشور لترمب على منصته “تروث سوشيال”، “لقد قبل الإسرائيليون شروطي. حان الوقت لكي تقبل “حماس” كذلك، وتابع “هذا هو إنذاري الأخير”.
وقال ترمب للصحافيين لدى عودته إلى واشنطن من نيويورك “أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق في شأن غزة قريباً جداً”، وذلك من دون أن يتطرق إلى مزيد من التفاصيل. وأضاف أنه يعتقد أنه ستتم إعادة جميع الرهائن الأحياء والأموات، قائلاً “أعتقد أننا سنعيدهم جميعاً”.
كان ترمب وجه إنذاراً مماثلاً إلى الحركة في مارس (آذار)، بعد لقائه ثمانية من الرهائن المفرج عنهم من قطاع غزة. وجاء ذلك بعد ساعات من تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن قواته “تعمق” هجومها في مدينة غزة ومحيطها.
وقال في اجتماع وزاري “نحن نعمق المناورة على مشارف مدينة غزة وداخل المدينة نفسها”. وأضاف “ندمر البنى التحتية الإرهابية، ونفكك الأبراج الإرهابية المحددة”، مشيراً إلى أن نحو 100 ألف من سكان مدينة غزة غادروها.
كاتس يهدد “حماس”
إسرائيلياً، هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بتدمير غزّة والقضاء على “حماس” ما لم تستسلم الحركة. وقال كاتس على منصة “إكس” بعد وقت قصير على إصدار الرئيس الأميركي دونالد ترمب ما قال أيضاً إنه “التحذير الأخير” للحركة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، “هذا التحذير النهائي لقتلة ومغتصبي حماس سواء في غزة أو في الفنادق الفخمة في الخارج: أطلقوا سراح الرهائن وألقوا أسلحتكم، وإلا فسيتم تدمير غزة وسيتم القضاء عليكم”.
الأمم المتحدة تندد بخطاب “الإبادة”
في الأثناء، أعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك عن قلقه إزاء ما وصفه بـ”خطاب الإبادة” الصريح الصادر عن المسؤولين الإسرائيليين بشأن غزة، محذراً من أن القطاع تحول فعلاً الى “مقبرة” ودعا إلى تحرك دولي حاسم “لإنهاء المذبحة”، وانتقد لدى افتتاح الدورة الـ 60 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشدة “القتل الجماعي الذي ترتكبه إسرائيل في غزة”، وقال “إن القتل الجماعي الذي ترتكبه إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة، وما تسببه من معاناة لا توصف وتدمير شامل، ومنعها دخول المساعدات الكافية لإنقاذ الأرواح، وما يترتب عن ذلك من تجويع للمدنيين، وقتلها الصحافيين وموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات غير الحكومية وارتكابها جرائم حرب متتالية، كلها أمور تصدم ضمير العالم”، وأضاف “تحول قطاع غزة إلى مقبرة”، وتابع أشعر بصدمة للخطاب العلني بشأن الإبادة ونزع صفة البشر المعيب بحق الفلسطينيين الصادر عن كبار المسؤولين الإسرائيليين”، وأكد المفوض السامي أنه بعد مرور نحو عامين على اندلاع الحرب بعد هجوم “حماس” الدامي على إسرائيل، “تتوق المنطقة إلى السلام”، محذرا من أن “المزيد من العمليات العسكرية والاحتلال والضم والقمع لن يؤدي سوى إلى مزيد من العنف والانتقام والترهيب”، وشدد على أن إسرائيل “ملزمة قانوناً باتخاذ الخطوات التي أمرت بها محكمة العدل الدولية لمنع أعمال الإبادة ومعاقبة التحريض عليها وضمان وصول مساعدات كافية إلى الفلسطينيين في غزة”، وختم أن المجتمع الدولي “مقصِّر عن واجباته. إننا نخذل شعب غزة”.
“الإبادة في غزة”
واليوم، أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز عن سلسلة إجراءات “لوضع حد للإبادة الجماعية في غزة”، تشمل فرض حظر على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، ومنع السفن التي تحمل الوقود للجيش الإسرائيلي من استخدام موانئ البلاد. وقال سانشيز في بيان متلفز من مقر الحكومة في مدريد إن حكومته “قررت اتّخاذ خطوات جديدة وتنفيذ تسعة إجراءات إضافية فورية لوضع حد للإبادة الجماعية في غزة وملاحقة مرتكبيها ودعم السكان الفلسطينيين”.
إسرائيل تدمر برجاً جديداً
ودمر الجيش الإسرائيلي أمس الأحد برجاً سكنياً في مدينة غزة هو الثالث في غضون ثلاثة أيام.
ولم تعلن إسرائيل رسمياً عن بدء هجوم واسع للسيطرة على غزة، لكن المدينة الأكبر في القطاع تشهد منذ أسابيع تكثيفاً للقصف والعمليات العسكرية. وبدأ الجيش هذا الأسبوع توجيه إنذارات بإخلاء مبانٍ عالية في المدينة، متهماً “حماس” باستخدامها لأغراض عسكرية، وهو ما تنفيه الحركة الفلسطينية.
وقال الجيش أمس الأحد إنه “هاجم مبنى متعدد الطوابق كانت تستخدمه (حماس)”، متهماً عناصرها بأنهم وضعوا داخله “وسائل جمع استخبارات ونقاط استطلاع بهدف مراقبة أماكن وجود” قواته.
والبرج المستهدف هو عمارة الرؤيا في حي تل الهوى بجنوب غرب غزة. وهو ثالث مبنى متعدد الطبقات تدمره ضربات إسرائيلية منذ الجمعة بذريعة استخدامه من جانب حركة “حماس” لأغراض عسكرية، بعد برجَي “المشتهى” و”السوسي”.
وأظهرت لقطات لوكالة الصحافة الفرنسية تعرض المبنى لضربتين صاروخيتين في الأقل، أدتا إلى اندلاع كرة لهب ضخمة وتصاعد دخان كثيف. وفي لقطات لاحقة، بدا المبنى وقد سوي بالأرض بشكل كامل.
ودمرت الغارات البرجين الآخرين الجمعة والسبت مع تكثيف الجيش الإسرائيلي عملياته بعدما أقرت الحكومة خطة للسيطرة على مدينة غزة حيث الكثافة السكانية الأعلى في القطاع.
في غضون ذلك أفاد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل بأن حصيلة القتلى إثر القصف الإسرائيلي منذ فجر أمس الأحد وصلت إلى 31 قتيلاً.