هوت الليرة التركية بشدة وسجلت 42 ليرة للدولار بتراجع بلغ نحو 10% في أحدث تعاملات اليوم الأربعاء، قبل أن تقلص خسائرها إلى 5.9%، بعدما اعتقلت السلطات رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، الذي يعد المنافس السياسي الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان، بتهم تشمل الفساد ومساعدة جماعة إرهابية. وكان مستوى إغلاق العملة التركية أمس الثلاثاء 36.67 للدولار.
وأعلنت بورصة إسطنبول توقف التداول مؤقتاً بعد انخفاض المؤشر الرئيسي 6.87% في التعاملات المبكرة، وتم تفعيل آلية فاصل التداول على مستوى السوق. وتراجعت السندات السيادية لأجل 10 سنوات، مما أدى إلى ارتفاع العائدات بمقدار 139 نقطة أساس لتصل إلى 29.58%.
وعادةً ما تُلقي التطورات السياسية بثقلها على الأسهم التركية، حيث يهيمن المستثمرون المحليون في الغالب على سوق الأسهم في البلاد، وهم أكثر تفاعلًا في أوقات التقلبات.
ويمتلك المستثمرون المحليون حوالي 62.5% من الأسهم التركية، وفقًا لبيانات على الموقع الإلكتروني لهيئة إيداع الأوراق المالية التركية.
وقال نيك ريس، رئيس قسم أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة مونيكس يوروب المحدودة في لندن وفقاً لوكالة بلومبيرغ: “هذه صدمة للنظام (..) أصبحت الأسواق أكثر رضا عن نفسها، وقد انكسر هذا الآن، مع نتائج دراماتيكية، حيث أعاد المتداولون تسعير علاوة المخاطر السياسية في تركيا”. وقال بيوتر ماتيس، كبير محللي العملات الأجنبية في شركة “إن تاتش كابيتال ماركتس” وفقاً للوكالة ذاتها، إن “الأصول التركية تتعرض لضغوط بيع قوية”.
وأضاف: “يذكر بعض المستثمرين أيضًا بأن الرئيس أردوغان يعتزم تشديد قبضته على السلطة بشكل أكبر من خلال محاولة منع أكبر منافس سياسي له من الترشح في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028، مع أنه لا يمكن استبعاد إجراء انتخابات مبكرة”.
وتُمثل التطورات السياسية صدمة للمستثمرين العالميين، الذين كانوا متفائلين إلى حد كبير بشأن تركيا، مراهنين على تحولها نحو النهج الاقتصادي التقليدي وانعزالها عن التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.
وساهمت قراءة التضخم التي فاقت التوقعات في فبراير، وخفض أسعار الفائدة، وآمال تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، في دفع الأسهم التركية إلى سوق صاعدة في وقت سابق من هذا الشهر، في حين لا تزال تجارة الفائدة على الليرة التركية تُعتبر جذابة.
بينما تدخل وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك لطمأنة المستثمرين، مؤكدًا أن السياسة الاقتصادية للحكومة لم تتغير. وقال في تعليق على إكس: “البرنامج الاقتصادي الذي نطبقه مستمر بعزم”.
وذكرت قناة “سي أن أن ترك” أن الشرطة التركية اعتقلت رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، اليوم الأربعاء، بتهم تزعّم منظمة إجرامية والرشوة والتلاعب في المناقصات ومساعدة منظمة إرهابية.
وأظهر بث مباشر للقناة وجود العشرات من قوات الأمن أمام منزل إمام أوغلو. وذكرت القناة أن قوات الشرطة تفتش منزله في إطار التحقيق.
وكان موقع صباح الإخباري قد ذكر، في وقت سابق من اليوم، أنّ السلطات التركية أمرت باعتقال إمام أوغلو و100 شخص آخرين في إطار تحقيق الفساد. وقال إمام أوغلو على موقع إكس إنّ مئات من رجال الشرطة موجودون أمام منزله، مؤكداً أنه لن يستسلم وسيواصل صموده في وجه الضغوط.
وينعكس تراجع سعر الليرة التركية على ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف معيشة الأتراك، رغم تراجع نسبة التضخم الشهر الماضي بمعدل 2.27% على أساس شهري، وإلى 39.05% على أساس سنوي، بعدما سجلت 42.12% في يناير/ كانون الثاني الماضي.
وكشفت بيانات أعلنها الاتحاد التركي لنقابات العمال (تُرك-إيش) عن حدود الجوع والفقر لشهر يناير/ كانون الثاني 2025، مُسجِّلة زيادات ملحوظة تعكس ارتفاع تكاليف المعيشة في البلاد.
وكانت تركيا قد بدأت منذ مطلع العام الجاري بالتراجع قليلاً عن سياسة التشدد النقدي واعتماد نهج التيسير من خلال تخفيض سعر الفائدة لثلاث جلسات متتالية، بعد تشدد ورفع سعر الفائدة لعام ونصف العام، من 8% إلى 50%.
وخفضت سعر الفائدة بنحو 250 نقطة أساس في ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، لتبلغ 47.5%، واستمرت في يناير/ كانون الثاني الماضي في تخفيض سعر الفائدة بمقدار 250 نقطة أساس من 47.5% إلى 45%، والخميس الماضي بالنسبة نفسها، ليبلغ سعر الفائدة اليوم 42.5%.