أطلقت إيران الثلاثاء عشرات الصواريخ على إسرائيل في هجوم انتقامي لمقتل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، لكن من دون إلحاق خسائر جسيمة بالمواقع الإسرائيلية التي قال الحرس الثوري إنه تم استهدافها، ما يعزز انطباع عجز الإيرانيين عن توجيه ضربات نوعية لإسرائيل تضاهي الخسائر النوعية التي طالت حلفاءهم في حماس وحزب الله.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني أن الهجوم الصاروخي على إسرائيل يأتي “ردا على استشهاد إسماعيل هنية وحسن نصرالله وعباس نيلفورشان (نائب قائد عمليات الحرس الثوري الإيراني الذي قتل مع نصرالله) استهدفنا قلب الأراضي المحتلة (إسرائيل)”.
وقال مسؤول إيراني كبير إن المرشد الأعلى علي خامنئي أصدر أوامره بإطلاق الصواريخ على إسرائيل، مضيفا أن طهران “مستعدة تماما لأي رد”، وأن “خامنئي في مكان آمن بعد إطلاق الصواريخ على إسرائيل”، في سياق التحسب لهجوم إسرائيلي قد يستهدفه.
وحرص الحرس الثوري على تأكيد اكتمال الهجوم، وأن ليس ثمة دفعة ثانية، وهو ما يعني أنه يأتي في مسعى لتأكيد أن إيران قادرة على الرد بهدف إسكات الانتقادات الواسعة التي باتت توجه للقيادة الإيرانية من جمهور “محور المقاومة” وتتهمها بأنها تخلت عن حماس وحزب الله، وأنها تفكر في مصالحها هي فقط.
ويحمل الهجوم المحدود بضوابط واضحة، ومنها تجنب إلحاق أضرار جسيمة بالمواقع الإسرائيلية، رسالة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل لتفهّم دواعي الهجوم، ومنها الحاجة إلى حفظ ماء الوجه بالنسبة إلى المسؤولين الإيرانيين، مثلما حصل في هجوم أبريل الماضي، وذلك حتى لا يحصل رد إسرائيلي أكثر قوة.
وفهم الإسرائيليون الرسالة، حيث أعيد فتح المجال الجوي واستئناف عمليات الإقلاع والهبوط، وطُلب من المدنيين أن يغادروا الملاجئ. كما قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إنه لم ترد تقارير عن إصابات جراء الهجوم الصاروخي الإيراني.
وقال بيان صادر عن جهاز الإسعاف الإسرائيلي “في الوقت الراهن ليس هناك تقارير عن وقوع إصابات جراء إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، باستثناء إصابتين طفيفتين بشظايا في منطقة تل أبيب وبعض الإصابات الطفيفة في أنحاء أخرى من البلاد أثناء الانتقال إلى أماكن آمنة”.
وقال الجيش الإسرائيلي “نطلب من المواطنين عدم تداول فيديوهات من الأماكن التي سقطت فيها صواريخ إيران كي لا نقدم إلى العدو معلومات”.
وأعلن مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن أمر الجيش الأميركي بمساعدة إسرائيل في مواجهة الهجمات الإيرانية وإسقاط الصواريخ التي تستهدفها.
وقال شون سافيت، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، على موقع إكس إن “بايدن ونائبة الرئيس كامالا هاريس يتابعان الهجوم من غرفة العمليات في البيت الأبيض ويتلقيان تحديثات بانتظام”.
وقبل بدء الهجوم الصاروخي الإيراني قال مسؤولان أميركيان إن الولايات المتحدة لديها مؤشرات على أن إيران تستعد لشن هجوم بصواريخ باليستية على إسرائيل قريبا، قد يكون -على الأقل- بحجم الهجوم الذي شنته طهران في وقت سابق من هذا العام.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن “الولايات المتحدة تعزز بقوة الاستعدادات اللازمة للدفاع عن إسرائيل ضد هجوم صاروخي إيراني جديد”.
وأضاف “ستكون لهجوم عسكري مباشر من إيران على إسرائيل عواقب وخيمة بالنسبة إلى طهران”.
وقال مسؤول أميركي ثان إن “الضربة الإيرانية قد تكون كبيرة أو من المحتمل أن تكون أكبر من الضربة التي شنتها طهران بصواريخ وطائرات مسيرة في 14 أبريل الماضي، والتي أطلقت فيها ما يزيد على 300 من الصواريخ والطائرات المسيرة”.
وجاء هجوم أبريل، وهو أول هجوم مباشر تنفذه إيران على إسرائيل، ردا على ما وصفته إيران بهجوم إسرائيلي على قنصليتها في دمشق، والذي أسفر عن مقتل سبعة من ضباط الحرس الثوري الإيراني، من بينهم اثنان من كبار القادة.
ولم يتسبب الهجوم إلا في أضرار طفيفة داخل إسرائيل بسبب اعتراضات الدفاع الجوي ليس فقط من جانب إسرائيل، بل وأيضا من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفاء آخرين في المنطقة.
وأعقب التحذير الأميركي إعلان إسرائيل أن قواتها نفذت توغلات محدودة داخل جنوب لبنان في إطار شنها هجمات على مقاتلي حزب الله منذ أسبوعين أسفرت عن مقتل الأمين العام للجماعة وقادة كبار.
وتعهد قادة إسرائيليون بمواصلة العمليات ضد المسلحين حتى ضمان العودة الآمنة لسكان شمال إسرائيل إلى منازلهم التي تم إجلاؤهم منها بعد أن بدأ حزب الله ضربات صاروخية على إسرائيل في الثامن من أكتوبر، غداة بدء هجوم حماس على إسرائيل.
وقال البنتاغون إن “الولايات المتحدة ستدافع عن إسرائيل إذا شنت إيران هجوما آخر”.
ووجه البنتاغون بضعة آلاف من القوات الأميركية الإضافية إلى الشرق الأوسط لتعزيز قدرات تل أبيب والدفاع عن إسرائيل والقوات الأميركية في المنطقة.
ويقول مسؤولو البنتاغون إنهم مستعدون لهجوم إيراني جديد استعدادا أفضل مما كانوا عليه في أبريل الماضي.
ومع ذلك قد يعتمد دفاع إسرائيل أيضا على ما إذا كانت هناك دول في الشرق الأوسط ستتعاون مرة أخرى مع إسرائيل على مواجهة الهجوم الإيراني المحتمل.