في عام 2018، وجدت دراسة أجرتها خدمة الصحة المهنية أن خمسي الموظفين في المملكة المتحدة طلبوا إجازات مرضية بسبب مرض جسدي فيما كانوا يعانون في الحقيقة اضطراباً في الصحة النفسية.
عندما تغمرك التعاسة، آخر ما ترغب في فعله هو أن تكبح مشاعرك وتستعد ليوم من العمل. سواء كان ذلك بسبب مشكلة تتعلق بالصحة العقلية أم تدهور مزاجي موقت، فإن إدارة متطلبات العمل عندما تشعر بالإحباط قد تبدو صعبة للغاية. تتحول المهمات الأساسية إلى أعمال عصية على الفهم، وترى طلبات زملائك البسيطة على أنها هجوم مقنع، أما الانتقادات التي لا تعير لها أي انتباه عادة، فقد تبدو غير محتملة.
في يوم كهذا، غالباً ما تميل للتقليص من خسائرك، وتطلب إجازة مرضية: فإن عملت بينما مزاجك سيئ، فمن غير المرجح أن تكون قادراً على التظاهر بأنك منتج. لكن بدل تبرير الغياب عن العمل بسوء الوضع النفسي، يتظاهر كثير من الناس بالإصابة بتوعك جسدي. قد نتظاهر بأن صوتنا خشن لكي نبدو مصابين بالأنفلونزا عبر الهاتف، أو نروي قصة دراماتيكية عن الإصابة بتسمم غذائي لكي نلتف حول الحقيقة – لأنه وعلى رغم كل الحملات والرسوم البيانية الملونة على “إنستغرام” التي تقول لنا إن “الحديث مع الآخرين جيد”، تبقى الحقيقة الصارخة أن الكلام بصراحة عن المشكلات النفسية ما يزال شاقاً إلى أبعد الحدود. أليس من الأسهل أن نأخذ إجازة “تعاسة” بدلاً من ذلك، من دون أي سؤال أو نقاش؟
بالنسبة إلى العاملين في سلسلة متاجر بانغ دونغ لاي في مقاطعة هينام الصينية، تحول هذا الأمر إلى حقيقة. خلال خطابه في مؤتمر لرجال الأعمال الشهر الماضي، كشف مؤسس الشركة يو دونغلاي عن أن موظفيه مسموح لهم بـ10 “أيام تعاسة” سنوياً، تضاف إلى الإجازات المرضية والعطل. وقال “أريد لكل موظف أن يكون حراً. جميعنا نمر بأوقات لا نشعر فيها بالسعادة، فإن كنت غير سعيد، لا تأت إلى العمل”. وأوضح يو أيضاً أنه لا يسمح للمديرين أن يرفضوا طلبات الإجازة من موظفيهم. وأضاف أن “الرفض مخالفة”.
تشتهر الصين بثقافة العمل الصارمة: يعتبر نظام “966” المثير للجدل، الذي يتوقع من موظفين كثر العمل من التاسعة صباحاً حتى التاسعة ليلاً، ستة أيام في الأسبوع، وسام شرف لبعض العاملين في مجال التكنولوجيا (مع أن هذه الممارسة غير قانونية). في الأسبوع الماضي فقط، واجه رئيس العلاقات العامة في شركة بايدو، أكبر محرك بحث في البلاد، انتقادات شديدة بعدما نشر فيديوهات تمجد الإفراط في العمل وتلفت إلى أنه على الموظفين عدم التذمر من رحلات العمل التي تمتد 50 يوماً. لكن مع أن التوقعات ليست متطرفة إلى هذا الحد عادة في المملكة المتحدة (ما لم تكن موظفاً في إحدى شركات محاماة الدائرة الذهبية، وهي الأعرق في البلاد، أو ربما في بنك استثماري)، لا شك في أن طرح فكرة “إجازة التعاسة” ستقلب المعادلة للعمال هنا أيضاً.
INDPENDENT عربية