الأخبار المحليةتقارير
أخر الأخبار

واشنطن تخطط لإنشاء “منطقة خضراء” في غزة لتوفير ملاذ آمن بعيدًا عن حماس

غزة – متابعة الوعل اليمني

تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تنفيذ خطة لإنشاء ما يُعرف بـ”المنطقة الخضراء” داخل قطاع غزة، بهدف إقامة مجتمعات سكنية جديدة للمدنيين بعيدًا عن مناطق سيطرة حركة حماس. وتأتي هذه الخطوة في ظل تعقيد الوضع الأمني والسياسي في القطاع، وصعوبة تطبيق خطة السلام الأمريكية المكونة من 20 نقطة، التي أطلقها الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي تهدف إلى نزع سلاح حماس وإعادة تنظيم القطاع نحو الحكم المدني المستدام.

توفير مأوى وخدمات أساسية للنازحين

وفق تقارير صحيفتي غارديان ووول ستريت جورنال، تقوم فرق هندسية أمريكية بإزالة الأنقاض من المدن والمناطق المستهدفة وإعادة تهيئة مواقع لإقامة تجمعات سكنية تشمل مساكن ومدارس ومستشفيات للنازحين الفلسطينيين، الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم خلال الحرب الأخيرة. وتستهدف أولى هذه التجمعات مدينة رفح جنوب غزة، التي دُمرت بشكل شبه كامل وتخضع حاليًا للسيطرة الإسرائيلية الكاملة منذ مايو/أيار الماضي.

ويهدف المخطط إلى تشجيع السكان على الابتعاد عن مناطق سيطرة حماس، التي ازدادت شعبيتها في الفترة الأخيرة نتيجة جهودها الأمنية الداخلية ومواجهة الجماعات المسلحة، إضافة إلى تقديم دعم اجتماعي وخدمات أساسية للسكان المحليين. وتعتبر هذه المجتمعات السكنية نموذجًا أوليًا يُؤمل أن يكون قاعدة لإعادة إعمار أكبر وأكثر استدامة في المستقبل، إلى حين توفر الظروف المناسبة لإعادة الإعمار الدائم.

السياق السياسي وتقسيم غزة

يعيش قطاع غزة منذ سنوات في حالة انقسام سياسي وجغرافي، حيث تسيطر حماس على الجزء الغربي من القطاع، بينما تسيطر إسرائيل على الجزء الشرقي والشمال الشرقي. وقد أُعيد تأكيد هذا الانقسام بشكل رسمي بعد اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي توسطت فيه إدارة ترامب، ما جعل غزة فعليًا مقسمة إلى شطرين متباينين من حيث الإدارة والسيطرة الأمنية.

وتشير تقارير أمريكية إلى أن إنشاء “المنطقة الخضراء” يعكس الاعتراف الأمريكي بأن إزالة حماس عن السلطة لن تحدث في المستقبل القريب، وأن الحاجة لمناطق آمنة ومجتمعات بديلة للنازحين أصبحت أمرًا عاجلًا، خصوصًا في ظل تدمير واسع للبنية التحتية والخدمات الأساسية.

الأمن والسيطرة على المجتمعات الجديدة

تشمل خطة ترامب إنشاء قوة شرطة فلسطينية جديدة لتعزيز الأمن الداخلي، تبدأ بـ200 عنصر على أن تصل تدريجيًا إلى 3000-4000 ضابط. ومع ذلك، يبقى دور هذه القوة محدودًا، إذ تعتمد واشنطن على إدارة أمريكية مباشرة وتحالف دولي لضمان السيطرة الأمنية، بينما تواجه التحديات المتمثلة في التحقق من هوية المدنيين ومنع تسلل عناصر مسلحة من حماس.

واقتُرح استخدام ميليشيات مناهضة لحماس ومدعومة من إسرائيل لتأمين المجتمعات الجديدة، وهو ما يثير جدلًا واسعًا حول شرعية هذه الجماعات وقدرتها على إدارة شؤون المدنيين، بالإضافة إلى المخاطر الأمنية المحتملة إذا فشلت في السيطرة على الوضع.

المخاوف العربية والدولية

تواجه الخطة اعتراضات من مصر، التي تخشى أن يؤدي نقل الفلسطينيين إلى رفح إلى دفعهم نحو سيناء مستقبلاً، إضافة إلى تحفظ بعض الجهات المانحة الغربية التي ترفض تمويل مشاريع في مناطق تسيطر عليها حماس أو حتى في بعض المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية. ويعتبر مراقبون أن هذه المبادرة تمثل تحديًا سياسيًا وإنسانيًا في الوقت نفسه، وسط مخاوف من تفاقم الانقسام داخل القطاع وتقويض الحقوق السياسية للفلسطينيين.

قوة دولية لتأمين الاستقرار

تسعى واشنطن لتشكيل قوة أمنية دولية لتأمين قطاع غزة، وقد حصلت على موافقة مجلس الأمن الدولي مؤخرًا. لكن الخلافات حول طبيعة مهام هذه القوة، سواء كانت تنفيذية أو لحفظ السلام فقط، تعقّد جهود تشكيلها. ويأمل المسؤولون الأمريكيون أن تقلص مناطق سيطرة حماس تدريجيًا، وأن تتولى قوة دولية وشرطة فلسطينية إدارة الأمن، فيما تشرف “هيئة السلام” المقترحة على الإدارة المدنية وإعادة الإعمار، قبل تسليمها لاحقًا للحكومة الفلسطينية.

التحديات المستقبلية

يبقى مستقبل القطاع غامضًا، في ظل رفض حماس نزع سلاحها واعتبارها الخطة الأمريكية تهديدًا للحقوق السياسية الفلسطينية. كما أن العملية تواجه تحديات معقدة على الأرض، تشمل المخاطر الأمنية، والجدل السياسي، وإشكالية التمويل الدولي، إضافة إلى الحاجة الملحة لإعادة البنية التحتية والخدمات الأساسية للنازحين. ويعتبر المتابعون أن نجاح “المنطقة الخضراء” يعتمد على قدرة واشنطن والتحالف الدولي على تحقيق توازن دقيق بين توفير الأمان للمدنيين وضمان استقرار المنطقة على المدى الطويل.

زر الذهاب إلى الأعلى