تجري في العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الأحد، مباحثات مكثفة بمشاركة وفد قيادي من حركة حماس برئاسة خليل الحية، ومسؤولين في جهاز المخابرات المصرية، بصفتها وسيطاً رئيسياً في ملف غزة. هذه الزيارة، التي كانت مُجدولة مسبقاً، اكتسبت أهمية قصوى في ظل التطورات الأخيرة والتصعيد العسكري الإسرائيلي المتجدد في قطاع غزة، ما يثير مخاوف من انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل شهره الثاني.
وتتركز النقاشات على محاور رئيسية تشمل وقف الانتهاكات الإسرائيلية، وتثبيت الهدنة، وتنسيق الجهود للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
تهدف المباحثات بالدرجة الأولى إلى احتواء التصعيد الميداني المتواصل في القطاع، خاصة بعد التقارير التي تتحدث عن انتهاكات إسرائيلية أدت إلى مقتل عشرات المدنيين في غارات جوية نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما تعتبره حماس خرقاً واضحاً للهدنة.
وأفادت مصادر مطلعة لـ “العربية/الحدث” أن الوفد أبلغ الوسطاء بالتزام الحركة بالهدنة، لكنه في الوقت ذاته دعا الوسطاء للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها والالتزام بالاتفاق، محذراً من أن استمرار هذه الخروقات يهدد بانهيار كامل للاتفاقية.
كما تطالب حماس بضمانات دولية لانسحاب إسرائيلي كامل من المناطق التي دخلتها القوات الإسرائيلية قبل اتخاذ أي خطوات إضافية في ملف تبادل الأسرى والمحتجزين، وفقاً لـ “جريدة القدس”.
فيما يتعلق بالمرحلة الثانية من اتفاق غزة، فإنها تشكل النقطة الأهم والأكثر تعقيداً في جدول أعمال الوفد. وتتطلب هذه المرحلة نقاشاً وتفاهماً أعمق مع الوسطاء كونها تتضمن قضايا عامة وإشكاليات معقدة بحسب تصريحات سابقة لقياديي حماس.
وتشمل بنود هذه المرحلة -التي تتفق مع خطة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب- انسحاباً إسرائيلياً تدريجياً، وعملية إعمار للقطاع تمتد لسنوات، إلى جانب ملف تبادل الأسرى والمحتجزين المتبقين.
وقد أطلقت حماس في المرحلة الأولى جميع المحتجزين الأحياء العشرين، وسلمت جزءاً من الرفات المتفق عليها مقابل إطلاق سراح نحو ألفي أسير فلسطيني، وتستكمل حالياً تسليم ما تبقى من جثامين.
تتطرق المباحثات كذلك إلى الترتيبات السياسية والإدارية المستقبلية لقطاع غزة، حيث أشار مصدر في حماس لصحيفة “عكاظ” إلى أن اللقاءات تهدف إلى البحث في ترتيبات وتشكيل لجنة تكنوقراط مستقلة تتولى إدارة القطاع، في إطار رؤية الحركة لإدارة فلسطينية للقطاع.
وفي هذا السياق، يتوقع أن يعقد وفد حماس لقاءات ثنائية وجماعية مع قادة الفصائل الفلسطينية الأخرى المتواجدة في القاهرة، مثل الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية، بهدف توحيد الرؤى والاتفاق على برنامج وطني لمواجهة مخططات التهجير وتعزيز البيت الداخلي الفلسطيني.
كما كشف قيادي في حماس عن ترتيبات لعقد اجتماع بين قيادتي حماس وفتح خلال الأيام القليلة القادمة، يركز على الوحدة الوطنية ومستقبل قطاع غزة، مع العلم أن وفداً من فتح برئاسة حسين الشيخ وماجد فرج كان قد التقى بوفد حماس في القاهرة في وقت سابق من شهر أكتوبر لمناقشة الترتيبات ما بعد الحرب.
يتزامن وصول وفد حماس مع حراك دولي وإقليمي مكثف لدفع عملية الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وقد كشفت تقارير أمريكية عن خطة للولايات المتحدة لتقسيم غزة وإنشاء “تجمعات آمنة بديلة” للفلسطينيين، في خطوة تهدف لتمهيد الطريق أمام إعادة الإعمار وإدارة القطاع في المستقبل.
كما بدأت واشنطن خطوات لتفعيل “مجلس السلام” المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الأخير، عبر تقليص وجودها العسكري في المركز الخاص بمراقبة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، تمهيدًا لإلحاقه بالمجلس الانتقالي الذي يرأسه دونالد ترامب. وتوضح هذه التطورات مدى ترابط الجوانب العسكرية والإنسانية والسياسية في مفاوضات القاهرة.







