قُتل 25 شخصاً، أمس الثلاثاء، في قصف جوي استهدف مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور في غرب السودان، بحسب ما أفاد مصدر طبي.
وقال مصدر في مستشفى نيالا لوكالة “الصحافة الفرنسية” طالباً عدم نشر اسمه، إن القصف الجوي الذي وقع، عصر الثلاثاء، أسفر عن مقتل 25 شخصاً في المدينة الخاضعة لسيطرة قوات “الدعم السريع” التي تخوض حرباً ضد الجيش منذ أبريل (نيسان) 2023.
ولليوم الثاني على التوالي تتعرض هذه المدينة الاستراتيجية لقصف جوي يوقع حصيلة قتلى مماثلة.
وأول من أمس الإثنين، أعلن مصدر في نيالا أن “ضربة جوية للجيش على حي السينما في نيالا أسفرت عن مقتل 25 شخصاً وإصابة 63 آخرين بجروح”.
وتسيطر قوات “الدعم السريع” على جزء كبير من دارفور، بما في ذلك نيالا الواقعة على بُعد 195 كيلومتراً من الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة.
وشمال دارفور هي الوحيدة بين ولايات الإقليم التي لا تزال تحت سيطرة الجيش، أما عاصمتها الفاشر فيقطنها نحو مليوني شخص يخضعون منذ مايو (أيار) 2024 لحصار تفرضه على المدينة قوات “الدعم السريع”.
ودارت في الفاشر بعض من أقسى المعارك بين الجيش الذي يحارب للحفاظ على آخر موطئ قدم له في المنطقة وقوات “الدعم السريع” التي تحاول السيطرة على كامل الإقليم.
جماعة متمردة تتهم الجيش بمهاجمة مواقعها
واتهم فصيل سوداني متمرد، أمس، الجيش بمهاجمة عدد من مواقعه في جنوب البلاد بقصد “الاستيلاء عليها”، وذلك غداة قصف طال سوقاً تجارية في هذه المنطقة وأوقع عشرات القتلى والجرحى وحملت السلطات مسؤوليته للفصيل المتمرد.
وتسيطر “الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال/جناح عبدالعزيز الحلو” على أجزاء من ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
والإثنين، سقط 40 قتيلاً و70 جريحاً في قصف مدفعي طال سوقاً تجارية في كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، بحسب ما أعلنت السلطات التي اتهمت قوات الحلو بشن هذا القصف.
وتخوض “الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال/جناح عبدالعزيز الحلو” اشتباكات ضد كل من الجيش وقوات “الدعم السريع” منذ انخرط هذان الطرفان في حرب طاحنة بينهما في أبريل 2023.
وأمس الثلاثاء، قالت الحركة في بيان، إن الجيش قصف مناطق خاضعة لسيطرتها حول كادوقلي قبل أن يحاول “التقدم للاستيلاء على هذه المناطق”. وأضافت، أن قواتها “تصدت للقوة المهاجمة وكبدتها خسائر كبيرة في منطقة مأهولة بالسكان”.
واتهم البيان الجيش بأنه “يتحرك مع المواطنين وهم يحاولون التقدم نحو مناطق سيطرة” مقاتلي الحركة. ولم يصدر في الحال أي تعليق من الجيش على هذه الاتهامات.
وتخضع مدينة كادوقلي لسيطرة الجيش، لكن قوات الحلو تسيطر على مواقع في الجبال المحيطة بالمدينة وعلى مناطق ريفية قريبة منها، إضافة إلى سيطرتها على أجزاء من ولاية النيل الأزرق القريبة.
وكان الحلو رفض في 2020 الانضمام إلى قادة متمردين آخرين في توقيع اتفاق سلام مع الحكومة، إذ إنه اشترط يومها أن يكون السودان دولة علمانية. كما رفض الحلو التحدث مع قائد قوات “الدعم السريع”، متهماً قواته بارتكاب فظائع.
والسودان غارق منذ أبريل 2023 في حرب أهلية طاحنة بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات “الدعم السريع” بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب “حميدتي”.
ويواجه طرفا النزاع اتهامات بارتكاب جرائم حرب، لا سيما استهداف مدنيين، وبشن قصف عشوائي على منازل وأسواق ومستشفيات، وبعرقلة دخول المساعدات الإنسانية وتوزيعها.
وبعد مراوحة استمرت أشهراً في الخرطوم، كسر الجيش، الأسبوع الماضي، حصاراً كانت قوات “الدعم السريع” تفرضه على مقر قيادته العامة في العاصمة. وفي الوقت نفسه، أعلن الجيش استعادة مقر سلاح الإشارة وطرد قوات “الدعم السريع” من مصفاة الجيلي النفطية في الخرطوم بحري.
وأوقعت الحرب عشرات آلاف القتلى وشردت أكثر من 12 مليون شخص ودمرت البنى التحتية الهشة أساساً في البلاد، مما جعل معظم المرافق الصحية خارج الخدمة. كما أدى النزاع إلى كارثة إنسانية هائلة في بلد يجد الملايين من سكانه أنفسهم على حافة المجاعة.