محمد ماجد
في شوارع وأزقة مدينة رفح الجنوبية في قطاع غزة، تتعالى أصوات الطفلة صبا زعنون (8 سنوات) رفقة والدها، وهي تنادي النائمين وأغلبهم من نازحي الحرب الإسرائيلية، للاستيقاظ وقت السحور.
وبصوت شجي، تنادي الطفلة التي ترتدي على رأسها الكوفية الفلسطينية وتحمل هاتفها الذكي لتضيء طريقها بشعارات “اصحى يا نايم وحد الدايم.. رمضان كريم” و “من صبا تحية لشمال غزة الأبية”.
بهذه الشعارات التي اعتادت عليها منذ بداية رمضان وفي ظل الحرب الإسرائيلية على غزة، تعلن الطفلة صبا دخول وقت السحور قبيل موعد أذان الفجر الذي يمسك به المسلمون عن تناول الطعام والشراب لبدء صيام اليوم، حتى موعد أذان المغرب.
وبجانبها صبا والدها، يحمل في يده الطبلة التي تصدر دقات بعد أن يضرب بيديه بقوة عليها، مرافقاً صوت ابنته الذي يملأ الأرجاء بالبهجة والحماس.
ومنذ بداية شهر رمضان، تقوم الطفلة صبا بجهد كبير برفقة والدها لإيقاظ السكان لتناول وجبة السحور، رغم صوت القصف والطائرات الحربية الإسرائيلية التي تجوب السماء على مدار الوقت.
وتتحدى صبا ووالدها هذه الظروف القاسية والمخيفة، ويستمران في بذل جهدهما لإحياء مهنة المسحراتي التي تشتهر بها الدول العربية والإسلامية في شهر رمضان.
وعندما تمر الطفلة الفلسطينية برفقة والدها من أحد المنازل، تنادي بأسماء الأطفال الذين يتواجدون فيه، بهدف إدخال البهجة والسرور عليهم في ظل أجواء الحرب.
وكانت تأمل الطفلة أن تقوم بإيقاظ الناس لتناول السحور كما فعلت العام الماضي، دون وجود مأساة أو حرب أو ما ترتب عليها من دمار وخسائر بشرية.
وتقول صبا لمراسل الأناضول: “نجوب الشوارع لنسحر الناس لتناول طعام السحور”.
وتضيف: “أنا لا أخاف من الحرب التي تسببت في دمار وخراب في قطاع غزة”.
ولفتت إلى أن الحرب أرهقتها، وأن شهر رمضان كان العام الماضي مميزًا حيث كانوا يشترون القطايف (حلوى رمضانية) ويأكلونه في سهراتهم الرمضانية.
وذكرت أنه في ظل الحرب الحالية ارتفعت الأسعار ولم يعد بإمكاننا شراء هذه الحلوى أو أي شيء آخر حلو الطعم.
وأوضحت أنها تسمع صوت الطائرات بشكل مستمر وهذا ما تتمنى أن ينتهي لتتنعم بالسلام والأمان كباقي أطفال العالم.
وتأمل الطفلة في رسالتها للعالم أن تنتهي الحرب الإسرائيلية عن قطاع غزة، وينعم أطفال غزة بالحياة.
ومهنة المسحراتي مهنة قديمة ومنتشرة في الدول العربية والإسلامية، حيث يقوم المسحراتي بإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور قبل صلاة الفجر في شهر رمضان.
ويقوم المسحراتي بجولة في الشوارع وأحياء المدن، حيث يستخدم الطبلة والأناشيد والابتهالات الدينية والشعارات بصوت مرتفع بهدف تنبيه المسلمين لتناول طعام السحور.
لكن هذا العام، اختفت تلك المهنة في قطاع غزة، ولم يعد المسحراتي ينتشر بالشوارع كما في الأعوام السابقة، نتيجةً لخوفهم من الاستهداف الإسرائيلي في ظل الحرب على قطاع غزة.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حربا مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي، خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية، ما أدى لمثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.
المصدر: الأناضول