يعد الغبار الذكي من أجهزة الاستشعار الصغيرة التي تجمع البيانات وتنقلها بشكل مستقل من بيئتها. ويبلغ حجم كل “ذرة” من هذه الأنظمة الكهروميكانيكية الدقيقة حجم حبة الرمل تقريبًا، ويمكنها اكتشاف المحفزات الخارجية مثل: الضوء ودرجة الحرارة والحركة والصوت والمواد الكيميائية وضغط الهواء في الوقت الفعلي.
وحجمها الصغير ووزنها الخفيف وهيكلها المصنوع من السيليكون تسمح لها بالتعلّق في الهواء مثل الغبار.
ما الغبار الذكي؟
بحسب موقع Build In فإن الغبار الذكي عبارة عن شبكة من أجهزة الاستشعار الصغيرة؛ حيث يبلغ حجمها ملليمترًا مكعبًا واحدًا أو أقل، وهي توصّل البيانات وتنقلها في الوقت الفعلي عبر شبكة لاسلكية.
طور هذه الأجهزة باحثون في جامعة كاليفورنيا بمدينة بيركلي، ويتم نشرها بكميات كبيرة ويمكنها قياس أي شيء تقريبًا أثناء الطيران في الهواء.
ومثل معظم أجهزة إنترنت الأشياء الأخرى تظل أجهزة استشعار الغبار الذكية على اتصال مستمر مع بعضها البعض وترسل تقاريرها إلى خادم مركزي عبر شبكة Wi-Fi أو الشبكات الخلوية.
وبما أن الهدف الأساسي منها هو جمع البيانات تم تجهيز هذه الأنظمة الذكية لدعم مجموعة واسعة من حالات الاستخدام، مثل: مساعدة فرق الاستطلاع في الوصول إلى المناطق النائية بمناطق القتال ومراقبة المحاصيل الزراعية وكذلك متابعة المرضى.
كيف تعمل شبكة الغبار الذكي؟
يقول شوبوديب بول، أحد كبار مهندسي النظم الكهروميكانيكية الصغرى MEMs الحيوية في شركة Nautilus Biotechnology : “على الرغم من أن أجهزة الغبار الذكية ليست صغيرة حاليًا مثل جزيئات الغبار فإن الباحثين يهدفون إلى تقليل حجمها حتى تصل لحجم ذرة من الغبار باستخدام تكنولوجيا النانو”.
ولاقت تقنية جمع البيانات هذه اهتمامًا كبيرًا من الكيانات الحكومية والشركات؛ حيث من المتوقع أن تصل قيمتها السوقية العالمية إلى 392 مليون دولار بحلول عام 2032.
يرتكز الغبار الذكي على نفس مفهوم أجهزة إنترنت الأشياء، مثل: كاميرات جرس الباب أو منظمات الحرارة الذكية، التي تلتقط البيانات وتنقلها إلى مركز قيادة مركزي. لكن هذه الأجهزة يتم تقليصها إلى الحجم الصغير وتضاعفها بالآلاف أو الملايين أو حتى المليارات.
ويبلغ قياس كل ذرة في شبكة الغبار الذكية ملليمترًا مكعبًا واحدًا أو أقل، ويتم بناؤها بدوائرها الخاصة لتحقيق قدرات الاستشعار والحوسبة المتكاملة. وعند توزيعها في موقع مستهدف تستخدم أجهزة إرسال واستقبال للترددات الراديوية؛ للتواصل لاسلكيًا مع بعضها البعض، وجمع المعلومات بشكل مستقل لإبلاغ النتائج إلى مركز القيادة.
وقال “بول”: “تتواصل أجهزة الاستشعار مع كمبيوتر الأوامر، الذي يتولى بعد ذلك معالجة البيانات مركزيًا، ويمكن لشبكة الغبار الذكي أن تبدأ استجابات تلقائية بناءً على المواقف البيئية المختلفة، ويمكن حتى استخدامها للتحكم في الأجهزة الأخرى”.
تُستلم البيانات المرسلة بواسطة جهاز الاستقبال الموجود في الموقع أو عن بعد، حيث يتم تجميعها وتخزينها ومعالجتها بشكل أكبر.
تعتمد تلك الأجهزة على مصادر طاقة مدمجة، يتم توليدها بواسطة بطاريات ذات غشاء سميك أو تقنيات حصاد الطاقة، مثل: الخلايا الشمسية الكهروضوئية، أو الالتقاط الحراري أو الاهتزازات المحيطة . وغالبًا ما تكون هذه الأجهزة مغلفة بمواد واقية تعتمد على البوليمر لحمايتها من الظروف البيئية القاسية على مدى فترات طويلة.
حالات استخدام شبكة الغبار الذكي
الزراعة
في الزراعة الدقيقة، يمكن لتقنية الغبار الذكية مراقبة مستويات رطوبة التربة، ومحتوى العناصر الغذائية، والكشف عن أمراض المحاصيل؛ وتحسين ممارسات الري والتسميد، وتعظيم استخدام الموارد.
المراقبة البيئية
تم تجهيز أجهزة استشعار الغبار الذكية لقياس جودة الهواء ومستويات التلوث ودرجة الحرارة والرطوبة والإشعاع ومقاييس البيانات الأخرى في الوقت الفعلي؛ لإرشاد إدارة النظام البيئي بشكل أفضل.
الرعاىة الصحية
تتيح أجهزة الغبار الذكية مراقبة العلامات الحيوية، واكتشاف مسببات الأمراض، وتتبع الالتزام بالأدوية، وتسمح بمراقبة المرضى عن بعد وتدخلات الرعاية الصحية الشخصية.
من جانبه قال عالم الروبوتات سيد شيهان؛ الذي طوّر واجهات حاسوبية مستوحاة من الدماغ وهو باحث مشارك في جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة: “ستحدث هذه التكنولوجيا ثورة في واجهات الدماغ والآلة؛ ما يسمح بالاتصال بين الدماغ والأجهزة الخارجية”.
ومن داخل الجسم يمكن لهذه المستشعرات اللاسلكية أن تمكننا من التحكم في الأطراف الصناعية والأطراف الروبوتية بدقة غير مسبوقة، وربما تتيح لنا يومًا مراقبة الأعصاب أو العضلات أو الأعضاء الداخلية في الوقت الفعلي.
العسكرية والدفاع والأمن
وفي المراقبة والاستطلاع ومراقبة ساحة المعركة توفر أنظمة الغبار الذكية بيانات في الوقت الفعلي حول العمليات العسكرية وعمليات الأمن الداخلي.
اللوجستية والتصنيع
يعد تتبع الأصول ومراقبة المخزون والصيانة التنبؤية للمعدات ومراقبة الموظفين واكتشاف السرقة من الطرق التي يسهّل بها الغبار الذكي العمليات الصناعية؛ لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة وتقليل وقت التوقف عن العمل.
مراقبة البنية التحتية
عند تطبيقها على البنية التحتية تجمع هذه الأجهزة الذكية البيانات عن الجسور والطرق والمباني لمراقبة السلامة الهيكلية (الكشف عن الشقوق أو التآكل أو الأضرار) وضمان الصيانة في الوقت المناسب؛ من أجل السلامة والموثوقية.
إدارة الكوارث
من خلال جمع البيانات بشكل مستمر تكون أجهزة الاستشعار الصغيرة هذه قادرة على اكتشاف العلامات المبكرة للزلازل أو التسونامي أو حرائق الغابات أو الأعاصير؛ ما يجعلها ضرورية لأنظمة الإنذار المبكر للمناطق المعرضة للكوارث، وكذلك فرق الاستجابة السريعة.
