الصمود التاريخي للمقاومة في غزة، والدور الذي تلعبه الجبهات الأخرى سواء في لبنان أو العراق أو سوريا أو اليمن وأخيرا إيران، أحدث تغييرا على مستوى العالم، ولولا هذا الصمود لما تحرك طلبة الجامعات في الداخل الأمريكي تحركا يذكر بتحرك الطلبة في فرنسا عام 1968 ضد الهيمنة الأمريكية التي تضغط على العالم في ذلك الوقت، وأدت في نهاية المطاف إلى هروب بعض القيادات السياسية الفرنسية، وبينهم رئيس الجمهورية.
هناك رغبة عالمية في التغيير والتخلص من كل التبعات التاريخية التي خلفتها المشاريع الاستعمارية في كل مكان من العالم وكانت تلك الرغبة بحاجة إلى شرارة لإطلاقها، الأمر الذي حدث يوم السابع من أكتوبر العام الماضي، فالقضية في فلسطين كما قلنا دائما ليست مجرد قطعة أرض بل هي مواجهة بين مشروعين كبيرين، مثل أحدهما حاجات الجماهير بينما مثل الآخر حاجات النخبة التي تصر على الاستمرار في قيادة العالم لمصلحتها.
المقاومة في غزة تقود معركة على ثلاث جبهات (عسكرية، سياسية، إعلامية) وقد نجحت إلى حد كبير على تلك الجبهات الثلاث بدعم من القوى المساندة للمقاومة كحزب الله والتنظيمات الإسلامية في العراق وجبهة الجولان وأنصار الله في اليمن، كل ذلك رغم محاولات بعض الجهات العربية للأسف لإضعاف تلك المقاومة لأسباب سياسية خاصة بها.
حركة التغيير العالمي بدأت وهذه المرة من طلبة الجامعات داخل الولايات المتحدة وسيكون لها صدى بكل تأكيد في أجزاء كثيرة من العالم، والتوقعات عن هذه التغييرات لن تتوقف عند قضية بحد ذاتها، بل ستنسحب على قضايا كثيرة، بعضها توهم الكثيرون أن النسيان قد طواها وأبرزها حالة الانبطاح التي يمر بها معظم الساسة في الغرب للمشروع الصهيوني الذي قام على رعايته في حقيقة الأمر شخوص استخدموا المسألة اليهودية لأغراض خاصة بهم، التغيير قادم والتوقعات لهذا التغيير كبيرة بحجم الطموحات، والعرب عليهم مسؤوليات جسام في هذا المفصل التاريخي، والتخلي عن تلك المسؤوليات ستكون له ارتدادات خطيرة على استقرار الكثير من الدول العربية.
ناصر العبدلي