خرج أنصار الرئيس التونسي قيس سعيد إلى الشارع الرئيسي بالعاصمة تونس ليل الأحد محتفلين بعد أن أظهر استطلاع للرأي بث على التلفزيون الرسمي فوزه بنتيجة كاسحة على منافسين اثنين أحدهما يقبع في السجن.
وواجه سعيد في انتخابات الأحد حليفه السابق رئيس حزب الشعب زهير المغزاوي الذي تحول إلى معارضته، والعياشي زمال الذي سُجن الشهر الماضي بتهمة تدليس وثائق انتخابية.
وقالت لجنة الانتخابات بعد إغلاق صناديق الاقتراع إن نسبة المشاركة بلغت 27.7 بالمئة أي تقريبا نصف نسبة جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية لعام 2019.
ولا يتوقع ظهور النتائج الرسمية حتى مساء الاثنين لكن استطلاع رأي أجرته شركة سيغما أظهر تقدم سعيد بنسبة 89.2 بالمئة من الأصوات، بينما حصل زمال على 6.9 بالمئة من الأصوات، وجاء المغزاوي ثالثا بنسبة 3.9 بالمئة.
وأعلنت حملة زمال وحملة المغزاوي رفض الاعتراف بنتائج استطلاع الرأي وقالت ان النتائج مختلفة.
وفي اول تعليق، قال قيس سعيد من مقر حملته الانتخابية وسط أنصاره، للتلفزيون الرسمي “ما نعيشه هو استكمال للثورة.. سنبني ونشيد وسنطهر البلاد من الفاسدين والخونة والمتآمرين”.
وأظهر التلفزيون الرسمي احتفالات لأنصار قيس سعيد في الشوارع. وقال سعيد إنه ينتظر ما ستعلنه رسميا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وفي شارع الحبيب بورقيبة، رفع المحتفلون صور سعيد والعلم التونسي، وهم يهتفون “الشعب يريد البناء والتشييد”.
وقال محسن إبراهيم الذي كان بين المحتفلين “نفرح لأنه خدم الدولة وليس مصلحته الشخصية، بل يعمل من أجل مصلحة الشعب والدولة”.
وفي مقر الحملة، قال نوفل سعيد، شقيق الرئيس سعيد ومدير حملته الانتخابية “فوز كبير والشعب قال كملته”.
وأضاف “بهذه النسبة الكبيرة، أصبح سعيد الرئيس الرمز.. ولا سبيل لبناء مستقبل جديد دون منسوب ثقة كبير الثقة”.
وقالت هيئة الانتخابات إن الاقتراع جرى في ظروف عادية.
وبدا الإقبال متفاوتا في خمسة مراكز اقتراع بالعاصمة على الأقل وفق وكالة رويترز.
ونالت تونس الإشادة لسنوات باعتبارها قصة النجاح النسبية الوحيدة لانتفاضات الربيع العربي عام 2011 لإدخال ديمقراطية تنافسية، وإن كانت متعثرة أحيانا، بعد حكم استبدادي على مدى عقود.
وتقول جماعات حقوق الإنسان إن سعيد قوض العديد من تلك المكاسب الديمقراطية وأزال الضوابط المؤسسية على سلطته. وتتهم الرئيس الآن بمحاولة تزوير الانتخابات الرئاسية بتوظيف القضاء والهيئة الانتخابية لتحقيق هذا الغرض.
ويرفض سعيد الاتهامات بأنه يريد تفكيك الديمقراطية أو أن لديه ميولا دكتاتورية. وبدلا من ذلك، يصف بعض معارضيه بأنهم خونة ويقول إن برنامجه السياسي يهدف إلى القضاء على الفساد.
وفي حين كانت الانتخابات في السنوات التي أعقبت انتفاضة 2011 شديدة التنافسية وكثيفة المشاركة، فإن الغضب العام من الأداء الاقتصادي الضعيف في تونس والفساد بين النخبة أدى إلى خيبة أمل متزايدة.
وبعد انتخابه في 2019 في جولة الإعادة ضد أحد أقطاب صناعة الإعلام في تونس، قام سعيد عبر إجراءات الخامس والعشرين من يوليو 2021، بإزاحة منظومة الحكم السابقة التي تمكنت من السلطة، حيث أقال الحكومة وحلّ البرلمان، قبل اقرار دستور جديد في العام 2022 لإقامة نظام رئاسي، وهي خطوات وصفتها المعارضة بأنها انقلاب.
ويقول سالم لحمر، وهو بائع فواكه “سعيد هو أول رئيس حارب الفساد ولم يستثن في حربه أحدا، لا سياسيين ولا رجال أعمال مؤثرين. لذلك ننتخبه ونظهر دعمنا له مجددا”.
ولم يشارك في الاستفتاء الذي أجراه سعيد على دستوره الجديد في 2022 سوى 30 بالمئة ممن يحق لهم التصويت، بينما لم تتعد نسبة الإقبال في انتخابات 2022 للبرلمان الجديد 11 بالمئة.
وسُجن كبار مسؤولي الأحزاب السياسية الرئيسية التي تبدي معارضة شديدة لسعيد بتهم مختلفة على مدار العام الماضي من بينهم راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية المحافظة، وعبير موسي رئيس حزب الدستوري الحر. وقبلهما أيضا سجن جوهر بن مبارك وغازي الشواشي وعصام الشابي وعبدالحميد الجلاصي وخيام التركي، بتهم تتعلق أغلبها بالتآمر على أمن الدولة والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة.
ولم تدعم الأحزاب السياسية علنا أيا من المرشحين الثلاثة في اقتراع اليوم الأحد. وقال بعضها إنها لن تعترف بنتائجها.
وأزاحت هيئة الانتخابات ثلاثة مرشحين بارزين يمثلون تيارات سياسية كبرى من قائمة المرشحين في السباق في خطوة أثارت غضبا واسع النطاق من المعارضين ومنظمات المجتمع المدني.
كما جرد البرلمان الأسبوع الماضي المحكمة الإدارية من سلطة الفصل في النزاعات الانتخابية، حيث تقول أوساط سياسية إن الخطوة تأتي لتغيير القضاء الإداري بالعدلي، بعدما تبيّن أن المحكمة الإدارية أصبحت تلعب دورا سياسيا من خلال إعادة مترشحين للسباق تم رفضهم لاحقا من قبل هيئة الانتخابات، ويذهب الرافضون لمراجعة القانون بكونها تستهدف العملية الانتخابية وسلك القضاء.
وإضافة للأزمة السياسية المتفاقمة تواجه تونس أزمة مالية مستمرة منذ سنوات.
لكن عوائد السياحة والمساعدات المالية من الدول الأوروبية القلقة بشأن الهجرة ساعدت تونس على تجنب الحاجة إلى قرض من صندوق النقد الدولي بشروط قاسية. ومع ذلك ما زالت المالية العامة تعاني صعوبات أدت إلى نقص في واردات سلع رئيسية.
وتخلو أرفف المتاجر على نحو متواتر من بعض السلع الغذائية المدعومة، إضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي والمياه وسوء الخدمات العامة. وقد يعكس أي تحد حقيقي لسعيد في تصويت اليوم الأحد الغضب العام من تلك المشكلات المستمرة.
وقال رجل اسمه أنور بينما كان واقفا في صف للانتخاب بالعاصمة تونس “الوضع صعب والأسعار ملتهبة.. مع ذلك أصوت على أمل ان تكون الأوضاع أفضل في السنوات المقبلة”.