طالبت الفنانة جاسلين كور، في خطاب فوزها بجائزة “تيرنر” للفن الحديث، والتي تعتبر أرقى تكريم للفن المعاصر في المملكة المتحدة، بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وظهرت خلال خطاب الفوز وهي ترتدي العلم الفلسطيني.
وقالت كور، وهي أصغر متسابقة تفوز بهذه الجائزة الرفيعة، خلال الخطاب الذي تم في “غاليري تيت” الثلاثاء، إنها “تردد صدى مطالب المحتجين الذين تجمعوا خارج تيت غاليري، وهو احتجاج شارك به فنانون وناشطون ثقافيون وعمال في المجال الثقافي وموظفون في تيت وطلاب ممن أقف بثبات معهم، وقد تجمعوا لتوضيح المطالب الواردة في رسالة وقعها في آخر مرة فحصت 1,310 وفي أسبوع واحد”.
وأضافت قائلة: “كنت أتساءل لماذا يُطلب من الفنانين أن يحلموا بالتحرر في المعرض، ولكن عندما يعني هذا الحلم الحياة، فإننا نتعرض للاستبعاد”. وأضافت: “أريد أن يختفي الفصل بين التعبير عن السياسة في المعرض وممارسة السياسة في الحياة. أريد أن تفهم المؤسسة: إذا كنت تريدنا في الداخل، فأنت بحاجة إلى الاستماع إلينا في الخارج. وقف إطلاق النار الآن، وحظر الأسلحة الآن، والحرية لفلسطين”.
وبقبولها الجائزة، شكرت كور فريقها وزملاءها و”الفنانين والشعراء والآباء والطلاب الذين أظهروا لي العمل البطيء والدقيق في التنظيم وبناء العالم، والأشخاص الذين يوجهون حياتهم نحو الحرية… الذين يدافعون عن الحياة وليس الموت”.
وكانت كور واحدة من بين أكثر من 1200 فنان وعامل وقّعوا على رسالة مفتوحة، تطالب “Tate”، بالتوقف عن المانحين والمنظّمات التي لها علاقات مع إسرائيل، واتخاذ موقف واضح ضدّ الإبادة الجماعية والفصل العنصري”.
وحثّت الرسالة المتحف، على إنهاء أي عقود أبرمها مع “باركليز” و”هيوليت باكارد”، وكلاهما هدفان لحركة المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، وقطع العلاقات مع صندوق الفن المعاصر “Outset”، وصندوق “Zabludowicz” للفنون، وصندوق الفن المعاصر، مشاريع “زابلودوفيتش” الفنية.
وقالت صحيفة “الغارديان” في تقرير أعدته مراسلة الفن والثقافة نادية خومامي إن عمل كور فاز لأنه قدم صورة عن التشارك في الهويات والمجتمع.
وكور، 38 عاما، هي أصغر فائزة تدخل القائمة النهائية عن معرضها “تغيير المذبح” في “غاليري تراموي” في غلاسكو والذي تضمن منحوتات وأعمالا صوتية.
ومن بين الأعمال المعروضة سيارة “فورد إيسكورت” حمراء مغطاة بشرشف مزخرف، تعبيرا عن أول سيارة اشتراها والدها ولكل المهاجرين الهنود إلى بريطانيا والذين عملوا في مصانع النسيج.
وكان العمل تمّ عرضه للمرّة الأولى في “Alter Altar” في ترامواي غلاسكو عام 2023، وهو العرض الذي رشّحت بموجبه للجائزة.
ووصفت الفنانة عملها بأنه “مزيج من سيارة والدها الأولى، ورغباته المهاجرة”، وذلك انعكاساً لتربيتها في اسكتلندا باعتبارها ابنة لأبوين هنديين.
كما تضمّن عملها، صوراً من أرشيف العائلة، وإشارات إلى الأطعمة المباركة التي رأتها في معبد السيخ، جوردوارا، وتضمنت صودا البرتقال الشهيرة في اسكتلندا.
وقال الفنانة: “أنا مهتمة بالأيقونات الرمزية في المنازل والمساحات المجتمعية التي نشأت حولها، وكيف تعمل كأدوات تعليمية”.
وقدم الجائزة الممثل جيمس نورتون إلى كور، وستحصل على 25,000 جنيه إسترليني كجائزة نقدا.
وتم الاحتفاء بالطريقة التي زاوجت فيها كور ما بين الروحي والبصري من أجل استعادة التضامن والفرح. وأثنى الحكام على قدرتها للجمع بين عدة أصوات مختلفة من خلال مجموعات مرحة من الأشياء، من زجاجات “برو” الإيرانية إلى الصور العائلية. وتضمن معرضها أجراس الطقوس والموسيقى الروحية الإسلامية الصوفية والهارمونيوم الهندي والأغاني الشعبية.
وفي الوقت نفسه، تم تعليق “سماء” أكريليك مبعثرة بأشياء يومية عابرة فوق سجادة أكسمينستر كبيرة الحجم.
وقالت لجنة التحكيم إن عمل كور كان واعيا للقضايا المعاصرة و “يتحدث بشكل خيالي عن كيف يمكننا أن نعيش معا في عالم يشهد وبشكل متزايد صعود القومية والانقسام والسيطرة الاجتماعية”.
وقبل الحدث، تجمع العشرات من المحتجين المؤيدين لفلسطين في الخارج للهتاف والتلويح باللافتات. واستخدمت الفنانة، التي كانت ترتدي العلم الفلسطيني، خطابها للدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة وسحب “تيت” استثماراته من المنظمات التي قالت إنها متواطئة مع النظام الإسرائيلي.
وقالت: “تساءلت لماذا يطلب من الفنانين أن يحلموا بالتحرر في المعرض، ولكن عندما يعني هذا الحلم الحياة، فإننا نقمع، أريد أن يختفي الفصل بين التعبير عن السياسة في المعرض وممارسة السياسة في الحياة. أريد أن تفهم المؤسسة: إذا كنت تريدنا في الداخل، فأنت بحاجة إلى الاستماع إلينا في الخارج. وقف إطلاق النار الآن، وحظر الأسلحة الآن، والحرية لفلسطين”.
وأشاد أليكس فاركوهارسن، مدير معرض تيت البريطاني ورئيس لجنة التحكيم، بقدرة كور على “خلق بيئات ساحرة ومذهلة من أكثر الأشياء بساطة”.
وقال إن هناك “إحساسا بالحياة” في الأشياء، التي “تنتقل من تفاصيل حياة كور الخاصة إلى موضوعات الشتات الكبرى للهوية عبر الثقافات، وخاصة جنوب آسيا وأسكتلندا، وداخل السيخ والعلمانيين”.
ونشأت كور في عائلة من السيخ في منطقة بولوكشيلدز في غلاسكو، وقد وصفت تجربتها في السابق بأنها “تجعل من الممكن فهم ما هو خارج نطاق الرؤية أو مخفي”.
وتعتبر جائزة تيرنر من أشهر جوائز الفن في العالم وعادة ما تمنح لفنان مولود في بريطانيا أو يعمل فيها عن معرض نظمه العام الماضي.
تأسست هذه الجائزة المرموقة عام 1984، وتحمل اسم الرسام البريطاني جيه. إم. دبليو. تيرنر، وتُمنح لفنان مولود في المملكة المتحدة أو مقيم في المملكة المتحدة تقديراً لمعرض أو أداء لأعماله في الأشهر الـ12 الماضية. ويحصل الفنان الفائز على جائزة نقدية قدرها 25 ألف جنيه إسترليني.
وضمت القائمة النهائية لهذا العام أعمالا تهيمن عليها موضوعات الاستعمار والقومية وسياسات الهوية، وعكست التمثيل المتزايد للفنانين من ذوي البشرة السوداء والأقليات العرقية في معارض المتاحف والمعارض الفنية بعد حركة “حياة السود مهمة”. وقال فاركوهارسن إن عمل كور “يفتح طرقا جديدة للتفكير في الهوية البريطانية من خلال لغة الفن المعاصر”.
وضمت القائمة النهائية، كلوديت جونسون وبيو آباد وديلين لو باس، الذين سيحصل كل واحد منهم على 10,000 آلاف جنيه إسترليني. ورشحت جونسون، 65 عاما، عن عملها الفردي “حضور” في غاليري كورتولد بلندن وأروتواز بروجيكت في نيويورك وتضمن أعمالا عن المناهضة للعبودية سارة باركر ريموند. وهي آخر فنانة سوداء ظهرت في حركة الفن الأسود في الثمانينيات ليتم الاعتراف بها من قبل جائزة تيرنر، على خطى لوبينا حميد (الفائزة عام 2017) وفيرونيكا رايان (2022)، وتم ترشيح إنغريد بولارد وباربرا ووكر.
ورشح أباد، 41 عاما، وهو من أصلي فلبيني عن معرضه “إلى الجالسين في الظلام” في متحف أشموليان بأكسفورد. وقد استوحى اسمه من مقال الكاتب الأمريكي مارك توين انتقد فيه الإمبريالية الأمريكية في موطن الفنان الفلبين. واحتوى عرضه أيضا على إشارات إلى برونزيات بنين، بعد أن اكتشف أباد أن الحملة العسكرية لعام 1897، نهبت خلالها القوات البريطانية مدينة بنين ونهبت القطع الفنية النادرة. ورشحت لو باس، 59 عاما، وهي فنانة من أصل روماني، عن معرضها في فيينا “سيسيشن” وتضمن أعمالا مثيرة للإعجاب عن فن الأداء والأزياء المسرحية والمنحوتات.