تكنولوجيا
أخر الأخبار

الصين تتحدى أمريكا بـ”ديب سيك – DeepSeek” وتعصف بأسهم الشركات العالمية

تمكنت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية “ديب سيك – DeepSeek” من إحداث تحول كبير في المعادلات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، مفاجئة الأسواق بتطورها السريع في هذا القطاع الذي هيمنت عليه لفترة طويلة الشركات الأمريكية مثل “أوبن إيه آي” و”غوغل ديب مايند”.

وحسب وكالة “رويترز”، ففي خطوة لافتة، تفوَّق مساعد الذكاء الاصطناعي “ديب سيك” يوم الاثنين، على منافسه “تشات جي بي تي” ليصبح التطبيق المجاني الأعلى تصنيفًا على متجر “أبل” في الولايات المتحدة.

تفوق صيني واضح

وكانت الشركة، التي أسسها مدير صندوق التحوط، ليانغ وينفينغ، قد كشفت عن نموذجها المتقدم “R1″، وهو نموذج لغوي ضخم بميزانية محدودة نسبيًا، مما أثار جدلاً واسعًا في الأوساط التكنولوجية وأسواق المال العالمية، خصوصًا في وادي السيليكون، حول ما إذا كانت الشركات الأمريكية ذات الموارد الأكبر، مثل “ميتا” و”أنثروبيك”، قادرة على الحفاظ على تفوقها التقني في ظل هذا التحدي الجديد.

وأصبح ليانغ رمزًا للفخر الوطني في بلاده، حيث كان هذا الأسبوع الوحيد من قادة الذكاء الاصطناعي الذين تم اختيارهم لحضور اجتماع علني مع رجال الأعمال برفقة ثاني أقوى قائد في البلاد، لي تشيانغ. وقد تم توجيه رجال الأعمال خلال الاجتماع بضرورة “تركيز الجهود لتحقيق اختراقات في التقنيات الأساسية”.

بتكاليف أقل.. الصين تتحدى الهيمنة الأمريكية

ونشرت “ديب سيك” ورقة بحثية تفصيلية توضّح كيفية بناء نموذجها بتكلفة لا تتجاوز 6 ملايين دولار، باستخدام شرائح “إنفيديا إتش 800” الأقل تطورًا، مما أظهر قدرة الفريق الصيني على تحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة. واعتبر هذا الإنجاز دليلاً على قدرة الصين على تحقيق اختراقات تقنية على الرغم من القيود التي فرضتها واشنطن على تصدير الرقائق المتقدمة، وهو ما فتح المجال للتساؤلات حول فاعلية السياسات الأمريكية وحجم قدرة الشركات الصينية على الابتكار في ظل هذه القيود.

وحسب شركة أبحاث بيانات التطبيقات “سنسور تاور”، فإن تطبيق الذكاء الاصطناعي الذي يعمل بنظام “ديب سيك- في 3″، الذي يقول مبتكروه إنه “يتصدر قائمة المتصدرين بين نماذج المصدر المفتوح وينافس أكثر نماذج المصدر المغلق تقدمًا على مستوى العالم”، شهد زيادة ملحوظة في شعبيته بين المستخدمين الأمريكيين منذ إطلاقه في 10 يناير.

“ديب سيك”.. القصة بدأت عام 2021

وفي عام 2021، بدأ “ليانغ” في شراء آلاف وحدات معالجة الرسوميات من “إنفيديا” لمشروعه الجانبي في مجال الذكاء الاصطناعي في أثناء إدارة صندوق التحوط “هاي فلاير”، مما عدَّه المطلعون على الصناعة خطوة غير تقليدية من ملياردير يبحث عن هواية جديدة.

واستطاع “ليانغ” بناء ثروة عبر استخدام الذكاء الاصطناعي والخوارزميات لاكتشاف الأنماط التي قد تؤثر على أسعار الأسهم، ليصبح فريقه ماهرًا في استخدام رقائق “إنفيديا” لتحقيق الأرباح من تداول الأسهم. وفي عام 2023، أطلق “ديب سيك” معلنًا عن خططه لتطوير ذكاء اصطناعي بمستوى بشري.

وبعد أن منعت واشنطن شركة “إنفيديا” من تصدير أقوى رقائقها إلى الصين، اضطرت شركات الذكاء الاصطناعي المحلية إلى إيجاد طرق مبتكرة للاستفادة القصوى من عدد الرقائق المحدود المتاح محليًا، وهي مشكلة كان فريق ليانغ قد توصل إلى حلول لها.

تركيز “ديب سيك” على البحث يجعلها منافسًا قويًا

يقول المطلعون على الصناعة إن تركيز “ديب سيك” الفريد على البحث يجعلها منافسًا قويًا، حيث إنها على استعداد لمشاركة اكتشافاتها بدلاً من الاحتفاظ بها لأغراض تجارية. كما لم تقم “ديب سيك” بجمع أموال من مصادر خارجية أو اتخاذ خطوات كبيرة لتحقيق إيرادات من نماذجها.

وقال أحد المستثمرين في مجال الذكاء الاصطناعي في بكين: “إدارة (ديب سيك) تشبه إلى حد كبير الأيام الأولى لـ(ديب مايند)”، وأضاف: “إنها تركز بشكل كامل على البحث والهندسة”.

رواتب عالية لأفضل مواهب الذكاء الاصطناعي بالصين

ويستخدم “ليانغ”، الذي يشارك بشكل شخصي في أبحاث “ديب سيك”، عائدات صندوق التحوط لدفع رواتب عالية لأفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي، وإلى جانب “بايت دانس” المالكة لـ”تيك توك”، تُعد “ديب سيك” واحدة من الشركات التي تقدم أعلى تعويضات لمهندسي الذكاء الاصطناعي في الصين، حيث يعمل موظفوها في مكاتبها في هانغتشو وبكين.

تراجع أسهم الشركات الكبرى في الأسواق

شهدت أسواق التكنولوجيا الآسيوية انخفاضًا في أسهم الشركات الكبرى، يوم الاثنين، وذلك على خلفية المخاوف المتعلقة بالاستثمار العالمي في الذكاء الاصطناعي وتأثير شركة “ديب سيك” الصينية الناشئة.

وتراجعت أسهم شركتي الرقائق اليابانيتين “كيسكو كورب”، و”أدفانتست”، الشريكة لشركة “إنفيديا”، بنسبة 2.9 في المائة و8.1 في المائة على التوالي، في حين هبطت أسهم الشركة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات (إس إم آي سي)، الرائدة في صناعة الرقائق في الصين، بنسبة 2.5 في المائة. وأظهرت التداولات الليلية في الولايات المتحدة أن شركة “إنفيديا”، الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، كانت على استعداد للافتتاح على انخفاض عند إغلاق يوم الجمعة.

تأتي هذه الانخفاضات في وقت استوعبت فيه الأسواق التقدم غير المتوقع لشركة الذكاء الاصطناعي الصينية “ديب سيك”، مما أثار الشكوك حول الإنفاق الرأسمالي الضخم في مجال الذكاء الاصطناعي في وادي السيليكون واستدامة الهيمنة التقنية الأمريكية في هذا القطاع.

وشبه المستثمر مارك أندريسن إصدار “ديب سيك” بالتحفيز العالمي الذي أعقب نجاح الاتحاد السوفياتي في إطلاق أول قمر صناعي، مما أحدث تحولاً كبيرًا في مسار التاريخ التكنولوجي.

الصين لم تكن مكتوفة الأيدي حتى مع فرض القيود

وزعمت الشركة الناشئة الصغيرة أنها تبني نماذج تنافسية بميزانية محدودة، مما دفع المطلعين على الصناعة إلى التساؤل حول ما إذا كان من الضروري ضخ عشرات المليارات من الدولارات في بناء مجموعات شرائح الذكاء الاصطناعي لتدريب نماذج اللغة الكبيرة.

وقال ميتول كوتيشا، رئيس الاقتصاد الكلي والنقد الأجنبي في “باركليز”: “يبدو أن هناك بعض الحقيقة في أن الصين لم تكن جالسة مكتوفة الأيدي، حتى مع فرض هذه التعريفات والقيود الاستثمارية على شركات التكنولوجيا. حقيقة أنهم قادرون على تحقيق تكنولوجيا متطورة فاجأت الكثير من الناس… ويبدو أن هذا هو ما يدفع التحول في المشاعر اليوم”.

زر الذهاب إلى الأعلى