الأخبار
أخر الأخبار

إسرائيل تستعيد رفات جندي إسرائيلي فُقِد عام 1982

أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، استعادة رفات الجندي في سلاح المدرعات، تسيفي فلدمان، خلال عملية خاصة في سورية، وذلك بعد 43 عاماً من فقدانه إثر سقوطه في معركة السلطان يعقوب مع الجيش السوري إبان اجتياح إسرائيل لبنان عام 1982.

وفي بيان أصدره مكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وأوردته وسائل الإعلام الإسرائيلية المختلفة، أُعلن أن “نتنياهو زار منزل عائلة فلدمان في تل أبيب، برفقة سكرتيره العسكري ومنسق شؤون الأسرى والمفقودين، ليبلغ العائلة رسمياً باستعادة رفات ابنها، الذي بقي في عداد المفقودين طوال 43 عاماً”.

وبحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت”، استعيدت رفات فلدمان الذي كان جندياً في سلاح المدرعات، من قلب سورية، بعد عملية خاصة نفذها جهاز الموساد بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي. وذكرت الصحيفة أن الموساد أرسل “بالخديعة”، خلية من العملاء غير الإسرائيليين إلى سورية، على الرغم من أنه كان هناك خطر داهم على حياتهم، وبعد خمسة أشهر من العمل المكثف، تمكنت إسرائيل من استعادة رفات الجندي، ولم يغادر الفريق سورية حتّى أكّدت نتائج فحوصات “DNA” أن الرفات تعود لفلدمان.

وقال نتنياهو في بيان إنه “في عملية خاصة للموساد والجيش، استعدنا رفات الجندي تسفي فلدمان، الذي فُقد في معركة السلطان يعقوب في يونيو/حزيران 1982″، مشيراً إلى أنه “على مدى عقود، لم نوفر جهداً لتحديد مكانه ومكان الجنود المفقودين الآخرين في المعركة ذاتها”.

وذكر نتنياهو أنه “قبل ست سنوات استعدنا جثمان زكريا باومل، واليوم نستعيد جثمان تسيفي، ولن نتوقف حتى نُعيد الجندي يهودا كاتس، الذي لا يزال مفقوداً هو الآخر”. ودون أن يتوانى عن تحصيل نقاط لنفسه أضاف أنه “صدّقت على العديد من العمليات السرية على مدار السنوات”، مع العلم أن مصادقته على عمليات كهذه بديهية كونه رئيس الحكومة.

وختم نتنياهو بالقول “أشكر الموساد والجيش والشاباك ومنسق الأسرى والمفقودين غال هيرش على جهودهم. إسرائيل وحكومتها تحت قيادتي ملتزمة بإعادة جميع أبنائها، سواء كانوا أحياء أو أموات”، مستعيناً بآية من التوارة، وتحديداً من سفر يرمياهو (إرميا) تقول “وَيُوجَدُ رَجَاءٌ لآخِرَتِكِ، يَقُولُ الرَّبُّ. فَيَرْجعُ الأَبْنَاءُ إِلَى تُخُمِهِمْ”، في إشارة إلى إدعاءاته بالالتزام الديني تجاه الأسرى والمفقودين، الذين يُتهم بأنه وحكومته قد تخلوا عنهم.

أمّا وزير الأمن، يسرائيل كاتس، فلفت في بيان إلى أنه “بعد 43 عاماً، عادت رفات الجندي تسيفي فلدمان إلى الوطن، في عملية معقدة ومشتركة بين الموساد والجيش”، مشدداً على “مواصلة إسرائيل جهودها لإعادة الجندي يهودا كاتس الذي قتل في المعركة ذاتها”.

معلومات أساسية عن معركة السلطان يعقوب

دارت معركة السلطان يعقوب دارت في 10-11 يونيو/حزيران 1982، بين قوات الجيش السوري، وجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي غزا لبنان. وفي نهاية المعركة سقط 20 قتيلاً فيما أصيب العشرات من الجنود الإسرائيليين وفُقِد ستّة من رفاقهم.

وظلّت تفاصيل المعركة وظروفها مركز تحقيقات إسرائيلية وجدلٍ شعبي، بسبب النتائج الصعبة فضلاً عن مصير المفقودين والانتقادات المختلفة التي طاولت القادة العسكريين لهذه المعركة الذين تحوّل جزء منهم مع مرور السنين إلى مسؤولين وقادة للحياة السياسية الإسرائيلية، في مقدمتهم رئيس الحكومة سابقاً، إيهود باراك. وترجع المعركة إلى اليوم الخامس على غزو لبنان، قبيل دخول وقف إطلاق النار مع الجيش السوري حيّز التنفيذ. في حينه تلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي أوامر بالسيطرة على مفترق استراتيجي تحت كود عسكري باسم “مثلث طوفلانو” الممتد حتّى قرية السلطان يعقوب.

قائد القطاع الذي دارت فيه المعركة كان قائد الفيلق الشمالي، أفيغدور بن غال، أمّا نائبه فكان إيهود باراك، إذ أدارا المعركة التي شاركت فيها ثلاثة ألوية من المدرعات وواحد من سلاح المُشاة. وفي الليلة بين 10-11 يونيو/حزيران بدأت القوة الإسرائيلية بالتحرك نحو وجهتها، دون معرفتها بتمركز القوات السورية بالقرب من قرية السلطان يعقوب.

مهمة تحقيق الاختراقة أُلقيت على عاتق واحدة من كتائب الدبابات الاحتياطية، وخلال الليل وصلت الكتيبة إلى “مثلث طوفلانو” قبل أن تبدأ التحرك باتجاه السلطان يعقوب. وقت قليل إثر ذلك، بدأت القوات السورية المتمركزة في المكان بإطلاق وابل كثيف من النيران باتجاه القوة الإسرائيلية. وطبقاً لشهادات إسرائيلية عديدة، نقلتها صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، فإن سياقات القتال رافقها تخبط وانعدام تنسيق بين القوات، التي أدت إلى تبادل القوات الإسرائيلية النيران فيما بينها بالخطأ، ما أفضى إلى تضرّر دبابتَين. وتواصلت المعركة ذاتها مدة ثماني ساعات حتّى انسحاب الكتيبة الإسرائيلية تحت تغطية من نيران المدفعية الثقيلة.

مع انتهاء المعركة غَنِمَ الجيش السوري ثماني دبابات إسرائيلية، فيما أعلن جيش الاحتلال فقدان ستة من مقاتليه. مصير ثلاثة منهم تبيّن لاحقاً: أحدهم وهو زوهار ليفشيتس، قتل خلال المعركة ودفن في سورية فيما أُعيدت جثته إلى إسرائيل مع انتهاء الحرب. أمّا الثاني فهو إيريك ليبرمان، الذي وقع أسيراً في أيدي الجيش السوري الذي أطلق سراحه بعد عامَين. أمّا الثالث وهو حيزي شاي، فوقع أسيراً في أيدي قوات الجبهة الشعبية-القيادة العامة، بقيادة أحمد جبريل، وأفرج عنه بعد ثلاث سنوات من ذلك، ضمن الصفقة التي عُرفت باسم “صفقة جبريل”.

ومذّاك بقي الجنود الثلاثة الآخرون وهم؛ تسيفي فلدمان، يهودا كاتس، وزكريا باومل، مجهولي المصير. بعد توقيع اتفاقية أوسلو، سلّم الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، الإسرائيليين جزءاً من القلادة العسكرية لزكريا باومل. وفي العام 2019 عُثِر على رفات الأخير، واستعادتها إسرائيل بمساعدة من روسيا التي كانت قواتها منتشرة في داخل البلاد.

وهذه ليست المرة الأولى التي تستعيد فيها تل أبيب رفات أحد جنودها من سورية، ففي عام 2019 سلّمها الجانب الروسي رفات الجندي زخريا باوميل مقابل سجينين سوريين كانا في السجون الإسرائيلية. وعثر الروس على رفات باوميل في مقبرة مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بضواحي العاصمة السورية دمشق، بعد أن نبشت قوات روسية هذه المقبرة.

وقتل باوميل هو الآخر في معركة سلطان يعقوب في لبنان. ولا تزال إسرائيل تبحث عن رفات أشهر جواسيسها (إيلي كوهين) الذي أُعدم في سورية منتصف الستينيات من القرن المنصرم بعد انكشاف أمره من السلطات في دمشق. وفي صيف 2018، أعلنت تل أبيب أنّها استعادت ساعة يد كوهين التي كانت جزءاً من “هويته العربية الزائفة”، وذلك بفضل “عملية خاصّة نفّذها الموساد في دولة عدوّة”، في إشارة ربما إلى سورية.

ونبشت القوات الروسية قبوراً في مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، في محاولة للعثور على رفات كوهين الذي كان اخترق المجتمع السوري لسنوات عدة، وتعتبر تل أبيب إيلي كوهين الذي عاش في دمشق سنوات عدّة على أنه رجل أعمال سوري، باسم كامل أمين ثابت، “بطلاً قومياً”.

زر الذهاب إلى الأعلى