في يمن الحوثيين.. الأضاحي سلعة مفقودة والفرح مؤجل

تشهد أسواق المواشي في صنعاء تراجعًا حادًا في الإقبال على شراء أضاحي العيد هذا العام وسط تدهور غير مسبوق في القوة الشرائية للمواطنين، وانعدام رواتب الموظفين منذ سنوات، مما يحول دون شراء الكثيرين للاضحية التي تعد المظهر الابرز لعيد الاضحى المبارك.
إقبال شبه منعدم
بحسب تجار المواشي في سوق “نقم” بصنعاء، فإن أسعار الأضاحي شهدت ارتفاعًا بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالعام الماضي، حيث يتراوح سعر الخروف بين 200 ألف إلى 700 ألف ريال يمني، بينما تجاوز سعر البقرة 2 مليون ريال، وهو ما يعادل رواتب عدة سنوات للموظفين الذين لا يتقاضون رواتبهم بانتظام منذ عام 2015, وبحسب “أبو محمد”، موظف حكومي متوقف راتبه، فإن الأضحية لم تعد من ضمن في العيد، والسبب انه بم يتمكن من شراء ملابس جديدة لاطفاله، فضلا عن الاضحية، ويضيف : “كيف نشتري أضحية وعائلتي لا تجد قوت يومها؟ في هذه السنين السوداء لم يعد لدينا قدرة على الكماليات وصار كل همنا توفير الاساسيات: بينما تقول “أم يوسف”، ربة منزل: “العيد مثل أي يوم عادي، نحن نعجز عن توفير وجبة ، فكيف بالأضحية؟”.
ويقول “أحمد ناجي” أب لخمسة أطفال لموقع الوعل اليمني “كنت اشتري الأضحية قبل شهر كامل من العيد ، أما اليوم فاسأل الله أن اوفّر رغيف خبز للجهال، ومن تسمي نفسها حكومة صنعاء مشغولة بمشاكل العالم والعيد لهم فقط، اما نحن فهو مجرد مناسبة مؤلمة”.
وتضيف ” كوثر”، أرملة تعيل ثلاثة أيتام: ” لماذا ابحث عن اضحية وقد صرنا نحن الشعب اضحية لمطامع إقليمية خربت بلادنا وحولتنا الى جوعى “؟
تجار يصرخون
من جهته، يشتكي التاجر “عبدالله الحيمي” من قلة المبيعات وتدني الاقبال قائلا لموقع الوعل اليمني “السوق شبه ميت للامانة، ولاعجب فالناس لا تملك ثمن كيلو اللحم، فكيف براس غنم يصل ثمنه الى نصف مليون ريال؟ فكرنا في البيع بالتقسيط ولكن الناس تقول انها لا تضمن مصدر دخلها، والحل؟ إعادة المواشي لحظائرها الى حين”.
في حين يؤكد التاجر “لطف” الذي يعمل في بيع المواشي منذ 20 عاماً، ان هذا العام : “أسوأ موسم على الإطلاق الناس تأتي لتسأل عن الأسعار وتضحك ثم تذهب و معظمهم يريدون اخذ الاضحية بعشرةالاف الى عشرين الف فكيف ابيع باقل من ربع القيمة ؟”.
بينما يقول مربي الماشية “حسن” الوادعي: “اضطررنا لبيع الأغنام بأسعار بخسة بعضها بسعر النصف، لأننا بحاجة للمال العاجل لشراء الدواء والقمح ومستلزمات العيد… السوق ببساطة ميت”.
وبحسب تقديرات تجار المواشي، فأن نسبة المواطنين القادرين على شراء الأضاحي هذا العام لا تتجاوز 10% مقارنة بالاعوام السابقة، فيما انخفض عدد رؤوس الماشية المعروضة في السوق بنسبة 50% بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد والعلف.
ويعزو خبراء اقتصاد الأزمة إلى سياسات الحوثيين المالية، التي أدت إلى طباعة العملة دون غطاء، وانهيار قيمة الريال اليمني إلى مستويات قياسية، حيث فقد أكثر من 600%من قيمته منذ 2015، بينما توقف صرف رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لهم، ما دفع بالملايين من اليمنيين إلى حافة المجاعة.
وما بين التقاليد الدينية التي يصعب على اليمني التخلي عنها، وضيق ذات اليد، يتحول العيد في مناطق سيطرة الحوثيين من مناسبة دينية عظيمة إلى شاهد على معاناة يومية تتفاقم تحت وطأة حرب مستعرة ودولة مختطفة وسياسات اقتصادية فاشلة، تركت المواطنين بين مطرقة الجوع وسندان الالتزامات التي أصبح الكثير منها رفاهية لا يقدرون عليها.