أعلنت روسيا اليوم الخميس سيطرة قواتها على قرى في ثلاث مناطق أوكرانية، وذلك بعدما سلّمت كييف جثث ألف جندي في وقت سابق اليوم بموجب اتفاق أُبرم أثناء محادثات سلام يونيو (حزيران) الماضي، بحسب ما أفاد كبير مفاوضي موسكو فلاديمير ميدنسكي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها سيطرت على بوبيف يار في منطقة دونيتسك على الجبهة الشرقية، وكاميانسكي في منطقة زابوريجيا على الجبهة الجنوبية، وديغتيارنيه في منطقة خاركيف شمال شرق أوكرانيا.
من جهته، قال المفاوض الروسي ومستشار الكرملين ميدنسكي على “تيليغرام”، “بعد الاتفاقات التي تم التوصل إليها في إسطنبول، تسلمت أوكرانيا اليوم ألف جثة إضافية لجنود” أوكرانيين، وأضاف أن أوكرانيا سلمت جثث أكثر من 19 جندياً روسياً.
ونشر ميدنسكي صوراً تظهر أشخاصاً يرتدون ملابس طبية بيضاء ويضعون أكياس جثث في شاحنات مبردة.
ونظمت جولتان من المحادثات في مايو (أيار) ويونيو الماضيين في إسطنبول، لكنهما فشلتا في تحقيق أي اختراق لإنهاء الحرب، لكن البلدين اتفقا على إطلاق سراح مئات السجناء من كل جانب وإعادة جثث مقاتلين.
وإعادة جثث العسكريين وتبادل أسرى الحرب يعدّان من المجالات القليلة التي تعاونت فيها كييف وموسكو منذ اندلاع الحرب في فبراير (شباط) 2022، وهما النتيجة الملموسة الوحيدة لمفاوضات إسطنبول.
هجمات الليل
كما تبادلت روسيا وأوكرانيا هجمات جديدة بطائرات مسيّرة خلال الليل، وفق ما أعلن الجانبان اليوم الخميس مما أسفر عن مقتل وإصابة أشخاص على جهتَي خط المواجهة، وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان نُشر على “تيليغرام” إن القوات الروسية اعترضت 122 مسيّرة خلال الليل ودمرتها، معظمها فوق المناطق الجنوبية الغربية المتاخمة لأوكرانيا.
وحذرت أوكرانيا من أنها ستكثف ضرباتها على روسيا رداً على تزايد الهجمات الروسية على أراضيها في الأسابيع الأخيرة التي أودت بحياة عشرات المدنيين.
وقال حاكم منطقة بيلغورود فياتشيسلاف غلادكوف على “تيليغرام” إن امرأة قُتلت وأُصيب مدني ليل الأربعاء-الخميس جراء ضربة بمسيّرة أوكرانية في منطقة بيلغورود المتاخمة لأوكرانيا، وأفاد بأن ثلاثة مدنيين قتلوا في اليوم السابق.
وأُصيب ثلاثة مراهقين خلال الليل بشظايا مسيّرة أُسقطت فوق مبنى سكني في منطقة فورونيج (جنوب غربي روسيا)، حسبما أفاد حاكم المنطقة ألكسندر غوسيف على “تيليغرام”.
من جهته، قال حاكم مدينة دنيبرو، سيرغي ليساك إن الضربات الروسية على أوكرانيا أسفرت عن مقتل شخص في مدينة دنيبرو في وسط البلاد.
وأفاد سلاح الجو الأوكراني بأن روسيا أطلقت 64 مسيّرة استهدفت معظمها منطقة دنيبروبيتروفسك (وسط) التي تضم دنيبرو، مشيراً إلى أنه أسقط واعترض 41 منها.
وقال رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين على “تيليغرام” إن وحدات الدفاع الجوي الروسية أسقطت طائرتين مسيرتين أوكرانيتين، كانتا متجهتين إلى موسكو في وقت مبكر من اليوم الخميس.
ولم يشر سوبيانين إلى وقوع إصابات أو أضرار.
وقال إن متخصصين يفحصون شظايا الطائرتين المسيرتين، في الموقعين اللذين ارتطمتا فيهما بالأرض.
في المقابل، قتل شخصان وجرح أكثر من 20 بضربة جوية روسية على ساحة بلدة دوبروبيليا القريبة من خط المواجهة أمس الأربعاء، فيما تخشى السلطات وجود عالقين تحت الأنقاض.
ونفذت روسيا هجمات بمئات المسيرات على أوكرانيا، كما قصفتها بالمدفعية وبصاروخ باليستي بين ليل الثلاثاء وفجر الأربعاء، في تحد لدعوات الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.
هدد ترمب الإثنين بفرض عقوبات مشددة ضد موسكو، إذا لم تتوصل خلال 50 يوماً إلى اتفاق سلام ينهي حربها على أوكرانيا.
وقالت السلطات الإقليمية في دوبروبيليا إن روسيا أسقطت قنبلة زنتها 500 كيلوغرام (1100 رطل)، على البلدة التي تبعد 20 كيلومتراً من خط المواجهة.
وقال فاديم فيلاشكين، عضو الإدارة الإقليمية لدونيتسك في منشور على شبكة للتواصل الاجتماعي، “معلومات محدثة عن قصف دوبروبيليا، قتل شخصان وجرح 22 آخرون”.
وأشار إلى أن الهجوم الذي وقع في ساعة الذروة أصاب 54 متجراً و13 مبنى في محيط الساحة المزدحمة، وتابع “يحتمل وجود أشخاص عالقين تحت الأنقاض، مع تواصل البحث عن ناجين”.
ضربات ميدفيديف الوقائية
من جهة أخرى نقلت وكالة تاس الرسمية للأنباء اليوم عن الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف قوله إن الغرب يشن فعلياً حرباً واسعة النطاق على روسيا، مضيفاً أنه يجب على موسكو أن ترد بصورة كاملة وتوجه ضربات وقائية إذا لزم الأمر، وبحسب الوكالة قال ميدفيديف “علينا أن نتصرف وفقاً لذلك، الرد بصورة كاملة، وإذا لزم الأمر، توجيه ضربات وقائية”.
ورفض ميدفيديف، وهو نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، تعليقات مسؤولين غربيين بأن روسيا يمكن أن تهاجم أوروبا ووصفها بأنها محض هراء، وقال “أذكّركم بأن رئيسنا قال بصورة لا لبس فيها إن روسيا ليس لديها أي نية لمحاربة حلف شمال الأطلسي أو مهاجمة أوروبا”.
نقل أنظمة باتريوت إلى أوكرانيا
في السياق، قال قائد قوات حلف شمال الأطلسي ألكسوس جرينكويتش اليوم إن الاستعدادات جارية لنقل أنظمة دفاع جوي إضافية من طراز باتريوت إلى أوكرانيا سريعاً في وقت تتعرض فيه البلاد لأشد الهجمات الروسية في الحرب حتى الآن، وأضاف خلال مؤتمر في مدينة فيسبادن الألمانية أن “الاستعدادات جارية، ونعمل عن كثب مع الألمان على نقل أنظمة باتريوت… تلقيت تعليمات بالتحرك بأسرع ما يمكن”.
ووصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هذا الهجوم بـ”المروع”، وقال في كلمته المسائية اليومية إلى الأمة إن “ضرباتهم ليس لها معنى عسكري، بل تهدف فقط إلى التسبب بأكبر عدد ممكن من الضحايا”.
وتعود محادثات السلام المباشرة الأخيرة بين مسؤولين أوكرانيين وروس إلى أكثر من شهر، ولم يحدد أي موعد لاجتماعات جديدة على رغم إبداء الكرملين انفتاحه على مزيد من التواصل.
وأفاد سلاح الجو الأوكراني بهجوم روسي بنحو 400 مسيرة بين ليل الثلاثاء وفجر الأربعاء، وبصاروخ باليستي أطلق من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو.
الهجمات أوقعت قتيلة وعشرات الجرحى، إضافة إلى حصيلة الضربة في دوبروبيليا، وفق سلطات أوكرانية.
وتستهدف روسيا المدن الأوكرانية بضربات جوية بصورة شبه يومية، في إطار هجومها الذي أطلقته في فبراير (شباط) 2022.
وتواصل القوات الروسية التي تحتل نحو 20 في المئة من الأراضي الأوكرانية تقدمها على الجبهة، بوجه جيش أوكراني أقل عديداً وعتاداً.
والإثنين، قال ترمب إنه ابرم اتفاقاً مع حلف شمال الأطلسي لإمداد أوكرانيا بأنظمة دفاع جوي وأسلحة أميركية، مبدياً استياءه لعدم قبول روسيا بوقف إطلاق النار.