الأخبار المحلية
أخر الأخبار

موجة غضب بعد التصريحات المناطقية من مدير شرطة خورمكسر ومطالبات بمحاسبته

توجه الشاب مأمون الشيباني، وهو من مواليد مدينة عدن، إلى قسم شرطة خور مكسر لاستخراج بلاغ فقدان جواز سفر. لم يكن يتوقع أن يتحول طلبه البسيط إلى قضية رأي عام، بعد أن واجه سلوكًا وصفه كثيرون بأنه عنصري ومناطقي من مدير القسم العقيد أحمد الشاعري. فقد أُجبر على الانتظار حتى حضور مدير القسم، الذي تعامل معه بطريقة مهينة، وسأله عن أصله، وحين علم أنه من محافظة تعز، وتحديدًا من بني شيبان، قال له ساخرًا: “روح بني شيبان في تعز هناك يعطوك بلاش”، مضيفًا: “والله لن أختم بلاغ الفقدان لو تكون من مواليد الضالع”. رغم أن الشيباني أوضح أنه من مواليد عدن أبًا عن جد، إلا أن الرد كان أكثر حدة، وانطوى على تمييز مناطقي واضح، حيث قال له الشاعري: “أيوه روح بلادك.. ما ينكر أصله إلا قليل أصل”.

انتشر تسجيل صوتي يوثق جانبًا من الحوار بين الشيباني والشاعري، وأثار موجة غضب واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وانهالت التعليقات المنددة بسلوك العقيد الشاعري، معتبرين ما حدث إساءة لكرامة المواطن وانتهاكًا لمبدأ المساواة أمام القانون. ناشطون وحقوقيون طالبوا بإقالة الشاعري ومحاسبته، فيما أصدرت إدارة أمن عدن توجيهات بإيقافه وإحالته للتحقيق.

الصحفي فتحي بن لزرق وصف الواقعة بأنها لا يجب أن تمر مرور الكرام، مؤكدًا أن من يحمل مشروعًا يقوم على التطهير العرقي لا يمكن أن يكون مؤتمنًا على منصب. الكاتب خالد سلمان اعتبر أن الشاعري أساء لمدينة الضالع نفسها، حين استخدمها كأداة إقصاء، مشيرًا إلى أن عدن والضالع وتعز جميعها أدانت هذا السلوك. وأضاف أن مدير شرطة خور مكسر يطالب شابًا من أبناء عدن بالمغادرة إلى بني شيبان حيث مسقط رأس الجد الأول، دون أن ينس لعن عبدالفتاح إسماعيل، وقال إن هذا النوع من التفكير يحمل بذور فناء شاملة ومدمرة، ويجب الوقوف بحزم تجاهه.

أما المحامية هدى الصراري، فقد وصفت الحادثة بأنها انتهاك صارخ للدستور اليمني، ودعت إلى إصدار تعميم يمنع أي شكل من أشكال التمييز داخل أقسام الشرطة، مع ضرورة تدريب الكوادر الأمنية على احترام حقوق الإنسان. وأكدت أن هذه الممارسات تهدد ما تبقى من نسيج اجتماعي في بلد أنهكته الحروب والانقسامات، وأن السكوت عنها يعني القبول بتحول المجتمع إلى بيئة تقرر فيها قيمة الإنسان بناءً على نسبه أو انتمائه.

الكاتب علي سالم أشار إلى مفارقة لافتة، إذ إن العقيد الشاعري نفسه من أسرة ضالعية، لكنه وُلد في تعز، المدينة التي رفض منح ابنها العدني مأمون الشيباني حقه القانوني. هذه المفارقة كشفت عن خلل في فهم الهوية والانتماء، وأعادت طرح أسئلة عميقة حول التنشئة السياسية لبعض القيادات الأمنية. وأضاف أن الكراهية ليست لتعز كمدينة، بل لفكرة تعز التي ارتبطت في أذهان البعض بالماركسية، رغم أن من طرد الشاعري من عدن في السابق كانوا من أبناء الضالع أنفسهم.

الصحفية سامية الأغبري وصفت ما حدث بأنه بلطجة وعنصرية بغيضة، بينما قال الصحفي أحمد ماهر إن مأمون الشيباني، رغم كونه من أبناء عدن، واجه إهانة من شخص غريب عن المدينة، واعتبر أن تعز فخر لكل من ينتمي لها، وأن من يتحدث بالأصول هو من يشعر بالنقص. وأضاف أن أمثال الشاعري لن يُحاسبوا، بل قد يُكرمون، لأنهم يمثلون مشروعًا مناطقيًا يتصدر المشهد، وهو ما يدفع الكثير من أبناء عدن للتمسك بالوحدة هروبًا من هذه الممارسات.

الصحفية حنان حسين شددت على ضرورة أن تقابل هذه التصرفات بمحاسبة رسمية، مؤكدة أن ما ظهر في التسجيل يعكس استغلالًا للسلطة ونفوذًا مرفوضًا من أبناء الجنوب والشمال على حد سواء. أما المحلل السياسي ياسين التميمي، فقد اعتبر أن الشاعري تنمّر على مواطن عدني، رغم أنه هو نفسه وُلد وترعرع في تعز، وصب جام حقده على الراحل عبد الفتاح إسماعيل، مؤسس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، الذي ناضل لإعادة عدن إلى حضن اليمن.

لم تكن الواقعة مجرد حادث فردي، بل مؤشر على أزمة أعمق في بنية الدولة، تستدعي إصلاحًا جذريًا يعيد الاعتبار لقيم المواطنة والعدالة والمساواة، ويضع حدًا لأي سلوك مناطقي أو عنصري داخل المؤسسات الرسمية.

زر الذهاب إلى الأعلى