الأخبار المحلية
أخر الأخبار

حرب المليارات داخل جماعة الحوثي: صراع أجنحة يشتعل حول ضرائب وجمارك صنعاء

تشهد جماعة الحوثي في صنعاء تصاعدًا حادًا في صراع الأجنحة داخلها، يتمحور حول السيطرة على مصلحة الضرائب والجمارك، بعد قرار دمج المؤسستين في كيان إداري واحد. هذا التحول الإداري، الذي يتزامن مع استعداد الجماعة لرفع قيمة الدولار الجمركي من 250 إلى 350 ريالًا، فتح الباب أمام تنافس محموم بين ثلاث كتل نافذة داخل الجماعة، تسعى كل منها لفرض وكلائها على رأس المؤسسة التي تُعد من أكبر مصادر الإيرادات غير النفطية في مناطق سيطرتها.

الصراع بلغ حد التدخل المباشر من مكتب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الذي سبق أن عيّن رئيس المصلحة الحالي إبراهيم علي مهدي بقرار شخصي. وفي تطور جديد، رشح مكتب الرئاسة الحوثي وكيلين جديدين للجمارك والضرائب، بينما دفع المكتب التنفيذي، بقيادة عبد الكريم الحوثي، بمرشح لمنصب وكيل الضرائب مع الإبقاء على وكيل الجمارك السابق. في المقابل، حاول جهاز الأمن والمخابرات فرض أحد عناصره كوكيل للجمارك، ما أدى إلى فتح جبهة صراع ثلاثية داخل الجماعة.

هذا التنازع دفع مكتب زعيم الجماعة إلى اقتراح إعادة هيكلة شاملة للمصلحة، إلا أن وزير المالية عبد الجبار الجرموزي رفض المقترح، متمسكًا بقرار المجلس السياسي الأعلى الصادر في أكتوبر 2024، الذي ألحق المصلحة بمكتبه ومنحه سلطة ترشيح الوكيلين. الجرموزي يخشى أن تؤدي إعادة الهيكلة إلى إحكام قبضة مكتب زعيم الجماعة على المؤسسة، ويفضل بدلًا من ذلك تعيين نائبين لرئيس المصلحة لتقاسم النفوذ.

الصراع لا يقتصر على التعيينات، بل يمتد إلى خلاف علني مع الغرفة التجارية في صنعاء، التي عبّرت عن رفضها للزيادات الضريبية والجمركية، وكشفت عن توجه لرفع الدولار الجمركي. في المقابل، نفت المصلحة وجود زيادات على السلع الأساسية، مشيرة إلى أن التعديلات تطال سلعًا لها بدائل محلية بهدف حماية الإنتاج الوطني. إلا أن مراقبين يرون أن هذه التبريرات لا تخفي حقيقة أن رفع الدولار الجمركي سيعزز خزائن الجماعة بمليارات إضافية، وأن جوهر الصراع يتمثل في من يتحكم بمفتاح هذه الإيرادات ضمن نظام مغلق يمنح القرار المالي لعدد محدود من القيادات المقربة من عبد الملك الحوثي.

في سياق متصل، كشفت تقارير رقابية عن تفشي الفساد داخل مؤسسات الجماعة، بما في ذلك مصلحة الضرائب والجمارك. تقرير صادر عن قطاع مكافحة الفساد التابع للحوثيين أشار إلى اختلاسات وتلاعبات مالية تجاوزت خمسة ملايين دولار خلال النصف الأول من عام 2022، تورط فيها أكثر من 200 قيادي حوثي. كما تم الكشف عن صرف عشوائي من الحسابات الخاصة، وتواطؤ مع مكلفي الضرائب عبر الرشاوى، واختلاس مبالغ كبيرة من مكاتب الأراضي والأشغال في صنعاء.

هذه المعطيات تعكس أن الصراع الدائر داخل الجماعة لا يقتصر على النفوذ الإداري، بل يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمصادر الثراء والتمويل، وسط بيئة مغلقة تفتقر إلى الشفافية والمساءلة، وتُدار فيها المؤسسات العامة كأدوات لتوزيع الامتيازات بين الأجنحة المتنافسة.

زر الذهاب إلى الأعلى