تقارير
أخر الأخبار

في النقاط الأمنية الحوثية.. الكل متهمون حتى تثبت براءتهم!!

متابعات/ بلقيس نت

في كل مرةٍ يسافرُ فيها من صنعاء، حيث تقيمُ أسرته، إلى مأرب حيث يعمل، يُضطّر زكريا فارع (40 عاما) إلى تجزئة سفره إلى أسفار متعددة، بين صنعاء وقريته القريبة من مدينة التربة بمحافظة تعز، ومنها إلى العاصمة المؤقتة عدن، قبل الانطلاق الأخير صوب مدينة مأرب، لتصبح المسافة الكلية، التي يقطعها في سفره، تقريبا ٩٨٨ كيلو مترا، مجزّأة على يومين، بينما لا تتجاوز المسافة بين مأرب وصنعاء ١٩٥ كيلو متراً، يقطعها المسافر في مدة زمنية تتراوح بين ٣ ساعات ونصف وأربع ساعات تقريبا.

هذه المعاناة المضاعفة، التي يعيشها ملايين اليمنيين المقيمين تحت سيطرة الحوثيين، تفاقمها الهواجس الأمنية وتشديد النقاط الأمنية الحوثية، المنتشرة في الطرقات بشكل مكثف، وهو ما انعكس لدى المواطنين الراغبين بالسفر والتنقل، خصوصا من غير المؤيدين للمليشيات، أو من يختلفون في رأيهم عنها، وإن لم يكونوا مناهضين لها، وليس لهم أي نشاطٍ معاد، كما في حالة فارع.

– انتهاكات مستمرة

في الطريق من عدن إلى صنعاء عبر طريق يافع، استمر أمين الحالمي (سائق باص نقل من أبناء محافظة لحج) ٢٢ ساعة في سفره بينما لا تتجاوز المدة في العادة ١٢ ساعة عبر الطرق الأخرى، لكن نقاط التفتيش المنتشرة بين محافظة البيضاء وصنعاء، والخضوع الإجباري للتفتيش الكامل للركاب والحقائب في كثير من هذه النقاط، يضاعف المُدّة الزمنية لكل رحلة، وهو ما يضعه في موقف صعب، ويهدد استمراريته في هذه المهنة.

“لا يتركون شيئا لا يفتشوه، رغم تنسيقنا المسبق ،وعملي المستمر في هذا الخط، ومع ذلك نضطر للتعامل مع أكثر من ٥٠ نقطة حوثية فقط، ويفتشونا أحيانا تفتيشا كاملا أكثر من ثماني مرات”، يقول الحالمي لموقع قناة “بلقيس”.

 ويضيف: “حتى حقائب النساء وملابسهن، وعُلب البخور والأخضرين يفتشونها في كل نقطة، تخيل!”

في تقرير سابق لها بعنوان ‘نقاط الموت’، رصدت منظمة “رايتس رادار” لحقوق الإنسان أكثر من ١٣ ألف انتهاك بحق المسافرين في نقاط وحواجز التفتيش في ٢٠ محافظة يمنية بين عامي ٢٠١٤ و ٢٠٢١، ومن بين الانتهاكات، التي رصدت، ٧٢١ حالة قتل، و٣٨٥٧ حالة اختطاف، وإخفاء وتعذيب، وقد تصدّرت محافظة البيضاء قائمة الانتهاكات، تلتها محافظات تعز و إب وصنعاء، وجميعها محافظات خاضعة كليا (إب، صنعاء) أوجزئيا (البيضاء، تعز) لسيطرة الحوثيين.

– بين الاضطرار والخوف

لدى عبدالإله الوصابي (٢٨ عاما) -صحفي ترك العمل الصحفي مجبرا ويعمل في بقالة والده- تجربة سيِّئة مع الإخفاء القسري لدى مليشيات الحوثي، فقد تعرض للاحتجاز في عنابر البحث الجنائي لمدة عامين؛ بسبب منشور مناهض، ورغم إطلاق سراحه سابقا، وحصوله على فرصة للعمل في السعودية، لكنه يخشى تكرار تجربة الاختطاف والتعذيب في نقاط الحوثيين إن خرج من صنعاء، خصوصا في ظل الحالات، التي تعرض لها زملاؤه.

على عكس الوصابي، ربما كان زكريا فارع محظوظا رغم معاناته في التنقل بين صنعاء وتعز وعدن ومأرب، إلا أنه يجد ذلك أهون من المغامرة والسلوك في الطرقات التي تشدد فيها نقاط الحوثيين التفتيش، والبحث عن أسماء المسافرين في قوائم المشتبهين والمعارضين لها، خصوصا أنه ينتمي لحزب مناهض للجماعة، رغم تجنبه أي مواجهات توضح رأيه مع عناصرها، سواء في الواقع أو على وسائل التواصل، ‘لكن هذه النقاط هي مراكز اصطياد دسمة بالنسبة للمليشيا’.

– متهم حتى تثبت براءته

في أول نقطة تابعة للحوثيين في منطقة آل برمان بمديرية الزاهر في محافظة البيضاء، ومن بين كل الركاب، احتجزَ المواطن حمود عبدالله صغير (٢٧ عاما)  -من أبناء محافظة حجة- مع رفيقيه العاملين ببقالة في مديرية البريقة مدة ثلاث ساعات في استجواب مطول.

ورغم إجابته عن كل أسئلة المشرف الحوثي إلا أن الانتظار في ظل الرعب كان هو الإجابة الصامتة من المشرف، حتى جاء اتصال من دائرة المشتبهين التابعة للحوثيين بإخلاء سبيل الثلاثة، بعد اتصالات أجريت للتأكد من حقيقة عملهما في البريقة، والتأكد من المشرف الحوثي في منطقتهم بمحافظة حجة أن الثلاثة لا علاقة لهم بالحكومة الشرعية والجيش الوطني، كما يقول.

وفي ظل التشديد في النقاط الأمنية والتعميم في الاشتباه، خصوصا في حق المسافرين المنتمين لمناطق خاضعة للحوثيين، والمتجهين نحو محافظات سيطرة الحكومة الشرعية؛ مثل مأرب وعدن، تزداد نسبة التحريات والتفتيش والتحقيقات مع المواطنين؛ للتأكد من خلو سجلهم من أي نشاط مناهض، أو عمل صحفي أو إعلامي، وخلو هواتفهم من أي محتوى ينتقد المليشيات وسلطتها، يجد المواطنون أنفسهم رهائن سجن مفتوح تمتد مساحته على أكثر من عشر محافظات يمنية، ومع كل ضرورة تدفع للسفر يبادرون بتحضير أسباب النَّجاة قبل الحقائب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى