تقارير

الاقتصاد تحت القمع: الحوثيون يحولون الحياة اليومية إلى ساحة نفوذ

تقرير

في اليمن، لم تعد الحرب مجرد مواجهة مسلحة، بل أصبحت شبكة معقدة من السيطرة الاقتصادية والاجتماعية. الحوثيون يستخدمون الموارد والأسواق كسلاح للضغط على السكان، حيث تتحول الأراضي، الوقود، والمساعدات الإنسانية إلى أدوات قوة لا تقل تأثيرًا عن القتال المباشر. وفي الوقت نفسه، تتزايد معاناة المواطنين الذين يعيشون تحت وطأة التهديد اليومي والاستغلال الممنهج. تقارير حديثة من منظمات حقوقية دولية ومحلية تكشف عمق هذه الممارسات وتأثيرها على المجتمع المدني.

الأراضي الزراعية ومصادر المياه كأداة ضغط

تقرير صادر عن منظمة “اليمن لحقوق الإنسان” في سبتمبر 2025 يؤكد أن الحوثيين يسيطرون على عشرات آلاف الهكتارات الزراعية في صنعاء وذمار ويفرضون رسومًا على الفلاحين مقابل السماح بالزراعة. مواطن من إب يقول لموقع الوعل اليمني “اضطررت إلى بيع نصف محصولي بسبب الضرائب المفروضة من الحوثي، وكل يوم يزداد الضغط على حياتنا”. الحقوقية سارة القيسي تؤكد أن “التحكم بالمياه والأراضي الزراعية يعد انتهاكًا ممنهجًا للحق في الكفاف الاقتصادي وحرمان المواطنين من وسائل العيش الأساسية”.

احتكار الوقود وأسواق الطاقة

تقرير محلي من شبكة “اليمن اليوم” في أكتوبر 2025 أظهر أن الحوثيين يتحكمون بأكثر من 70٪ من محطات الوقود في مناطق سيطرتهم، ويقومون برفع الأسعار بشكل مفاجئ. مواطن من صعدة يقول “قبل أسبوع لم نتمكن من شراء وقود لتشغيل مولداتنا، اضطررت لتأجيل عملي ومعيشتي”. الخبير الاقتصادي عبد الرحمن القادري  يوضح أن “التحكم بالوقود ليس فقط وسيلة ربحية، بل أيضًا أداة ضغط سياسي على السكان وتحويل الاقتصاد المحلي لساحة نفوذ”.

المساعدات الإنسانية والتلاعب السياسي

تقرير للأمم المتحدة الصادر في نوفمبر 2025 رصد تحويل جزء من المساعدات الإنسانية في مناطق الحوثي لمكاسب مالية وجماعية، بما في ذلك بيع المواد الغذائية واحتكارها للموالين. مواطنة من صنعاء تقول لموقع الوعل اليمني “نحن مضطرون للوقوف في طوابير طويلة بينما تصل المساعدات إلى أقرباء الحوثيين فقط”. الحقوقي الدولي جمال الشريف يؤكد أن “هذا التلاعب بالمساعدات الإنسانية يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ويزيد من هشاشة المجتمعات المحلية”.

خبراء في شؤون اليمن مثل هالة الشامي يشيرون إلى أن “اقتصاد الحرب أصبح أكثر تأثيرًا من المعارك العسكرية في التحكم في حياة السكان، وتحويل مناطق كاملة إلى مناطق نفوذ اقتصادي وسياسي”. تقارير منظمات حقوقية محلية ودولية تؤكد أن هذه السيطرة تتجاوز الجانب المالي لتصل إلى الهيمنة الاجتماعية والتحكم في سلوك المواطنين وإرادتهم.

سيطرة الحوثيين على الاقتصاد والأسواق والموارد تحوّل حياة اليمنيين اليومية إلى صراع للبقاء وسط شبكة معقدة من السيطرة والاستغلال. من الأراضي الزراعية إلى الوقود والمساعدات الإنسانية، يتم استغلال كل مورد لإدامة النفوذ السياسي والاجتماعي، مع تهديد مباشر لحقوق الإنسان. هذا الاقتصاد الحربي يعكس الوجه الخفي للصراع ويضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية مراقبة مستمرة لضمان حماية المدنيين من الانتهاكات الاقتصادية والاجتماعية.

زر الذهاب إلى الأعلى