الصمت، واستخدام الفراغات السردية، تقنيتان ميّزتا رواية الكاتب البريطاني المجري ديفيد سزالاي “لحم”، التي أعلنت جائزة البوكر فوزها، مساء أمس، في حفل أُقيم بقاعة أولد بيلينغسغيت، وسط لندن، وقدّمت الجائزة إليه الفائزة في العام الماضي الكاتبة البريطانية سامانثا هارفي.
ترأّس لجنة التحكيم الروائي الأيرلندي رودي دويل، إلى جانب الكاتبة كيلي ريد، والكاتبة النيجيرية أيوبامي أديبايو، والناقد والكاتب البريطاني كريس باور، والممثلة والناشرة سارة جيسيكا باركر، وتبلغ قيمة الجائزة خمسين ألف جنيه إسترليني.
تقص الرواية حكاية شاب مجري يدعى إستفان، فتى خجول يعيش مع والدته، وينتقل في الخامسة عشرة من عمره إلى بلدة جديدة، فيجد نفسه معزولاً في المدرسة. تنشأ علاقة بينه وبين سيدة أكبر منه، وتنتهي بصورة عنيفة، فينضم بعدها إلى الجيش، ويشارك في الحرب العراقية.
لا يكشف النص تفاصيل رحلته إلى العراق، بل يعرض آثارها بعد عودته في صورة اضطراب نفسي. ينتقل إستفان إلى لندن، ويعمل سائقاً وحارساً شخصياً لأحد الأثرياء، ثم يدخل عالم المال والعقارات. ومع كلّ تحوّل تشهده شخصيته، يزداد شعوره بعدم الانتماء، ويبتعد عن مشاعره الأولى، إلى أن ينتهي غريباً عن الآخرين وعن جسده. وتقدّم الرواية صورة رجل تتحكم به الصدفة والجسد والرغبة، وصولاً إلى انقطاع صلته بالمشاعر، وتتناول موضوعات الذكورة والحميمية والصدمة النفسية.
يرسم سزالاي حياة إستفان عبر لقطات مقتضبة متباعدة، تاركاً فجوات بين الفصول ليملأها القارئ. وعلى صعيد اللغة، يستخدم أسلوباً مكثفاً ومباشراً، وجاء في بيان اللجنة أن العمل “مظلم، لكنه يبعث على متعة القراءة”.
إلى جانب الرواية الفائزة، ضمّت القائمة القصيرة روايات: “وَحدة سونيا وصَني” للكاتبة الهندية الأميركية كيران ديساي، و”تجربة أداء” لليابانية الأميركية كاتي كيمارو، و”بقية حياتنا” للكاتب الأميركي البريطاني بنجامين ماركوفيتز، و”مصباح يدوي” للروائية الأميركية سوزان تشوي، و”أرض الشتاء” للروائي البريطاني أندرو ميللر.
وُلد ديفيد سزالاي عام 1974 في مونتريال لأب مجري وأم كندية. انتقلت عائلته في طفولته المبكرة إلى بيروت، ثم غادرت بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية إلى لندن، حيث نشأ. درس الأدب في جامعة أكسفورد، وعمل بعد تخرّجه في مجال الإعلان. نشر ستة أعمال تُرجمت إلى أكثر من عشرين لغة، ورُشّح سابقاً لجائزة البوكر عام 2016 عن روايته “كلّ ما هو عليه الرجل”، ويكتب مسرحيات إذاعية لـ”بي بي سي”.







