الأخبار
أخر الأخبار

واشنطن تدفع لإنشاء قوة دولية مؤقتة في قطاع غزة

تتجه أنظار المجتمع الدولي مساء اليوم الاثنين إلى مجلس الأمن الدولي، حيث من المتوقع أن يصوّت على مشروع القرار الأميركي الخاص بقطاع غزة، والذي يأتي ضمن خطة الرئيس دونالد ترامب لإنهاء النزاع في القطاع بعد عامين من الحرب المتواصلة. ويهدف المشروع إلى تثبيت وقف إطلاق النار ونشر “قوة استقرار دولية” لإدارة القطاع مؤقتاً عبر هيئة تُعرف باسم “مجلس سلام”، على أن تستمر هذه الإدارة حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2027، مع إمكانية التمديد.

تفاصيل القرار

ويأتي هذا المشروع بعد سلسلة من الجولات الدبلوماسية المكثفة، وسط جدل واسع حول تفاصيل القرار الأميركي، حيث ينص على نشر قوة دولية تحل محل الجيش الإسرائيلي فور دخولها القطاع، والإشراف على إعادة إعمار غزة وتقديم الدعم الإنساني، فضلاً عن تنسيق الجهود مع السلطات المحلية والجهات الدولية لضمان الاستقرار. كما يهدف المشروع إلى تمهيد الطريق لمسار مشروط نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة دولة فلسطينية، بعد إنجاز إصلاحات السلطة الفلسطينية وإعادة بناء البنية التحتية والخدمات الأساسية.

وتشمل مهام القوة الدولية تنفيذ السيطرة على المناطق الأمنية، ونزع الأسلحة من الجماعات المسلحة غير الحكومية، ودعم الشرطة الفلسطينية، وتأمين الممرات الإنسانية وحركة المدنيين، وحماية المدنيين، والإشراف على مشاريع إعادة الإعمار، بينما يُشترط انسحاب القوات الإسرائيلية بعد تثبيت السيطرة والاستقرار، مع إبقاء وجود أمني محيط لضمان عدم عودة أي تهديد إرهابي.

موقف الفصائل الفلسطينية

أصدرت الفصائل الفلسطينية بياناً جماعياً أعربت فيه عن رفضها مشروع القرار الأميركي، معتبرة إياه “خطيراً” ويشكل “محاولة لفرض وصاية خارجية على قطاع غزة”. وأكدت الفصائل رفض أي وجود عسكري أجنبي أو قواعد دولية داخل القطاع، معتبرة أن ذلك “يمس السيادة الوطنية ويمهد لهيمنة خارجية على القرار الفلسطيني”.

ودعت الفصائل الدول العربية، وعلى رأسها الجزائر، إلى التصدي للمشروع الأميركي والدفاع عن حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، مشددة على أن الحل الحقيقي لتحقيق الأمن والاستقرار في غزة يكمن في إنهاء الاحتلال ورفع الحصار واحترام إرادة الشعب الفلسطيني.

المشروع الروسي البديل 

في المقابل، قدمت روسيا مشروعاً بديلاً يركز على إشراك الأمم المتحدة في الإشراف على تنفيذ خطة ترامب، ويطالب بتقديم تقرير سريع حول خيارات نشر قوة دولية لتثبيت الاستقرار، دون إنشاء “مجلس سلام” أو التفويض المباشر. وانتقدت موسكو المسودة الأميركية لغياب المساءلة والرقابة الدولية، معتبرة أن المشروع يترك القرار النهائي بيد الولايات المتحدة وإسرائيل على حساب السيادة الفلسطينية.

ومن الناحية الدبلوماسية، أصدرت عدة دول عربية وإسلامية، بينها مصر والسعودية وقطر والأردن والإمارات وباكستان وتركيا، بياناً مشتركاً أعلنت فيه دعمها للمشروع الأميركي، مؤكدة أنه يحقق التوازن بين مصالح المنطقة واستقرارها، ويفتح الطريق لتقدم شامل نحو إعادة إعمار القطاع واستمرار وقف إطلاق النار. وفي المقابل، رحبت السلطة الفلسطينية بالمشروع، رغم تحفظات على تهميش دورها في إدارة غزة وتحويلها إلى إدارة مؤقتة تحت إشراف دولي.

احتمالات التصويت

تشير المصادر الدبلوماسية إلى أن المشروع الأميركي قد يحظى بتأييد 9 أعضاء على الأقل، مع احتمال امتناع روسيا والصين عن التصويت بدلاً من استخدام حق النقض، فيما تظل احتمالات الدول الأخرى محل تكهنات حتى اللحظة الأخيرة. ويأتي التصويت وسط ضغوط شديدة تمارسها واشنطن لدعم مشروعها، في حين تواجه المسودة الأميركية انتقادات واسعة من الفصائل الفلسطينية ومن الجانب الروسي، على خلفية غياب آليات واضحة للمحاسبة والمراقبة الدولية على “مجلس السلام” وقوة الاستقرار، بالإضافة إلى عدم وضوح دور السلطة الفلسطينية في المرحلة الانتقالية.

يبقى السؤال الأكبر حول مدى قدرة القرار على تحقيق استقرار حقيقي في غزة، في ظل هشاشة وقف إطلاق النار وغياب ضمانات واضحة لتطبيق الإصلاحات ومساءلة الجهات المكلفة بالإدارة، فيما يُنظر إلى مشروع القرار الأميركي على أنه محاولة لإعادة ترتيب الإدارة في غزة وفق منظور أميركي إسرائيلي، مع ترك السلطة الفلسطينية في موقف انتظاري، ومحدودية الدور العربي الرسمي سوى في التنسيق والدعم المالي.

في هذا السياق، تبرز أهمية مراقبة نتائج التصويت وتأثيره على الوضع في غزة، حيث يمثل القرار خطوة مفصلية نحو مرحلة جديدة من إعادة الإعمار وإعادة ترتيب الأمن والسيادة، وسط توترات سياسية ودبلوماسية محتدمة على المستوى الدولي. ويظل الشعب الفلسطيني متابعاً عن كثب لتداعيات القرار، سواء على الأرض من حيث الأمن والخدمات الإنسانية، أو على المستوى السياسي من حيث دوره في تقرير المصير المستقبلي وإقامة الدولة الفلسطينية المنشودة.

زر الذهاب إلى الأعلى