شهدت العلاقات الاستراتيجية بين مصر وروسيا الاتحادية نقطة تحول جديدة وبارزة اليوم، الأربعاء، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، في مراسم تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة للطاقة النووية.
وتزامنت هذه الفعالية الهامة مع الاحتفال بالعيد المصري السنوي الخامس للطاقة النووية، وهو اليوم الذي يحيي ذكرى توقيع الاتفاقية الحكومية بين البلدين لبناء وتشغيل المحطة، مما يرمز إلى الانطلاق الفعلي للبرنامج النووي السلمي المصري.
الحدث الذي تم في موقع الضبعة بمدينة مرسى مطروح، شمال مصر، يمثل خطوة محورية في مسيرة تنفيذ المشروع القومي الأضخم، حيث يضع المشروع على المسار نحو بدء التشغيل الفعلي والمخطط له في عام 2028.
وبدأ الحفل بعرض فيلم تعريفي شامل عن المشروع النووي المصري، أعقبته كلمات لكبار المسؤولين، من بينهم أليكسي ليخاتشوف، المدير العام لشركة “روس آتوم” المنفذة للمشروع، والمهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، إضافة إلى كلمة مسجلة لرافائيل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي أكد أن مشروع الضبعة هو أحد أهم المشروعات القومية في مصر.
وفي كلمته، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن بالغ امتنانه وسعادته بالوتيرة التي يسير بها العمل في المشروع، مؤكداً أن التعاون القائم بين مصر وروسيا في بناء المفاعل بالسرعة الحالية يُعد “نجاحاً بارزاً ونموذجًا ناجحًا للتعاون بين مصر وروسيا”.
وأشار بوتين إلى أن هذا المشروع ليس مجرد تصريحات سياسية، بل هو برهان عملي على شراكة استراتيجية عميقة الجذور بين البلدين، تعود لعقود طويلة شهدت مشاركة الخبراء السوفييت في بناء السد العالي ومجمع حلوان الصناعي، مشدداً على أن هذه العلاقة ستستمر وتزدهر، بدعم خاص من الرئيس السيسي الذي وجه له التهنئة بيوم مولده الذي صادف تاريخ الفعالية.
من جانبه، أكد الرئيس السيسي أن محطة الضبعة النووية تمثل خطوة نوعية مهمة نحو تعزيز أمن الطاقة وتحقيق التحول إلى اقتصاد أكثر استدامة يعتمد على الطاقة النظيفة.
وأوضح أن مشروع الضبعة يرسل رسالة قوية بأن الدولة المصرية “ستمضي قدماً وبكل قوة” في مسيرة البناء والتنمية رغم كل التحديات التي يواجهها العالم، مؤكداً أن هذا الإنجاز يؤكد على جاهزية الكوادر المصرية في العلوم النووية، حيث يساهم المشروع في توفير الآلاف من فرص العمل، كما يشارك فيه أكثر من مئة طالب مصري يدرسون حالياً في أرقى الجامعات الروسية للطاقة النووية.
وقد اختتم الرئيس السيسي كلمته بتوجيه الشكر للرئيس بوتين، وشركة “روس آتوم”، وكافة المهندسين والعمال المصريين والروس المشاركين في إخراج هذا الحلم إلى حيز الحقيقة.
وتعتبر محطة الضبعة أول محطة نووية مصرية، وستضم أربع وحدات مفاعلات من الجيل الثالث المطور (3+) العاملة بالماء المضغوط، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميجاوات (1200 ميجاوات لكل وحدة).
وأكد الرئيس الروسي أن هذه الوحدات ستعزز بشكل كبير أمن الطاقة في مصر، حيث ستضيف للمنظومة الكهربائية حوالي 35 مليار كيلووات من الطاقة سنوياً لأغراض سلمية، مع الالتزام الصارم بأعلى معايير الأمن والسلامة النووية.
كما أشار بوتين إلى أن التعاون الثنائي يشمل الجوانب التجارية الأخرى، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين روسيا ومصر بنسبة الثلث مقارنة بالعام الماضي، فضلاً عن مضي روسيا قدماً في إنشاء منطقة صناعية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.







