شهد قطاع غزة خلال الأيام القليلة الماضية تدهوراً كارثياً جديداً في الأزمة الإنسانية، وذلك مع وصول موجة من الطقس البارد والأمطار الغزيرة التي زادت من معاناة النازحين في المخيمات المكتظة وأدت إلى وفاة 14 شخصًا.
وأدت الأمطار إلى فيضانات واسعة النطاق في المناطق التي تضم تجمعات ضخمة من الخيام المؤقتة، خاصة في منطقة رفح وخان يونس والمناطق الوسطى، حيث يعيش مئات الآلاف تحت ملاجئ لا تصمد أمام الظروف الجوية القاسية.
تحولت أرضيات الخيام، التي أقيمت في الأصل على تربة رملية غير مجهزة، إلى مستنقعات طينية غمرت المياه فيها محتويات النازحين القليلة، وتسببت في فقدانهم لأغطيتهم وممتلكاتهم الأساسية، ما دفعهم للاستنجاد بالمنظمات الإغاثية لتقديم مساعدات فورية للتدفئة والنزح.
تأكدت الأنباء الواردة من مصادر طبية وإغاثية محلية ودولية عن وقوع وفيات مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بظروف الطقس.
وتشير التقارير إلى أن عدد الضحايا الذين فارقوا الحياة جراء البرد الشديد وانعدام التدفئة المناسبة، خاصة بين الأطفال وكبار السن الذين يعانون من ضعف المناعة وسوء التغذية، قد وصل إلى نحو 14 شخصاً.
وتتزايد المخاوف من ارتفاع هذا العدد مع استمرار الموجة الباردة ونقص الوقود اللازم لتشغيل أي وسائل تدفئة بدائية، ما يفاقم من خطر الأمراض التنفسية والالتهابات الرئوية بين النازحين، خاصة في ظل انهيار القطاع الصحي وعدم قدرة المستشفيات على تقديم العلاج اللازم إلا في حالات محدودة جداً وبإمكانيات ضئيلة.
وثقت وكالات الأمم المتحدة، بما في ذلك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والمكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، غرق آلاف الخيام بشكل كلي أو جزئي.
أشارت تقديرات أولية إلى أن ما لا يقل عن 18 ألف خيمة تأثرت بشكل بالغ، ما ترك عشرات الآلاف من العائلات بلا مأوى مرة أخرى، بعد أن نزحوا من منازلهم في شمال القطاع ووسطه.
هذه الخيام، التي كانت توفر الحد الأدنى من الحماية، بُنيت من مواد بلاستيكية وأقمشة رقيقة، ولم يتم تجهيزها لتحمل العواصف أو الأمطار الغزيرة، مما يجعلها عرضة للانهيار في أي لحظة.
وقد أدى هذا الوضع إلى موجة نزوح داخلي جديدة ومحدودة بحثاً عن أي مساحة مغلقة أو مبنى يمكن أن يوفر حماية مؤقتة من الأمطار والرياح.
على الرغم من المناشدات المتكررة للمنظمات الدولية والحكومات بزيادة إدخال المساعدات الإنسانية، فإن وتيرة دخول المساعدات لا تزال بطيئة وغير كافية لتلبية الاحتياجات الهائلة، خاصة فيما يتعلق بمواد الإيواء والتدفئة الضرورية لمواجهة الطقس.
كما يواجه عمال الإغاثة تحديات جمة في توزيع الإمدادات القليلة المتاحة بسبب الطرق المدمرة والقيود الأمنية، مما يعيق وصول المساعدات إلى أشد المناطق تضرراً.
الوضع الحالي يهدد بحدوث كارثة صحية وبيئية أعمق بسبب اختلاط مياه الأمطار بمياه الصرف الصحي في المناطق المكتظة، مما يخلق بيئة خصبة لانتشار الأمراض المعدية، ويزيد من الضغط على المنظمات القليلة التي لا تزال تعمل في الميدان.







