الأخبار المحلية
أخر الأخبار

من حسابات صنعاء إلى شقق باريس: القصة الكاملة لملاحقة القضاء الفرنسي لأبناء صالح

لم تبدأ القصة من صنعاء، بل من قلب العاصمة الفرنسية باريس، حيث قادت عقارات فاخرة في أحياء راقية المحققين إلى واحد من أكثر الملفات القضائية حساسية المرتبطة بثروات النظام اليمني السابق. اليوم، يواجه اثنان من أبناء الرئيس الراحل علي عبد الله صالح ملاحقة قضائية أمام القضاء الفرنسي، في قضية تتعلق باتهامات غسل أموال عامة مختلسة والفساد المنظم.

بحسب صحيفة لو باريزيان، تتعلق القضية بقيام نجلي صالح بشراء عقارات فاخرة في باريس باستخدام أموال يُشتبه بأنها نُهبت من المال العام خلال سنوات حكم والدهم، الذي أُطيح به عام 2012 وقُتل في 2017 بعد أكثر من ثلاثة عقود في السلطة.

بداية الخيط: تعاون قضائي سويسري

انطلق التحقيق القضائي الفرنسي عام 2019 بناءً على طلب تعاون قضائي تقدمت به السلطات السويسرية، عقب رصد تحركات مالية مشبوهة مرتبطة بحسابات مصرفية ممولة من اليمن. وسرعان ما قادت هذه التحركات إلى استثمارات عقارية ضخمة في العاصمة الفرنسية.

خريطة العقارات محل الشبهات

ووفقًا للصحيفة، شمل التحقيق شراء ثلاث شقق فاخرة في شارع غاليلي بالدائرة الثامنة في باريس مقابل نحو 7 ملايين يورو عام 2005، إضافة إلى شقة قرب قوس النصر في شارع تيلسيت بقيمة 6.5 مليون يورو عام 2010. كما كشفت التحقيقات عن استثمار بنحو 2.5 مليون يورو في قصرين خاصين بشارع إيينا عام 2011.
ويرى الادعاء أن هذه الصفقات لم تكن استثمارات تقليدية، بل جزءًا من آلية لغسل الأموال وتحويلها إلى أصول عقارية آمنة داخل أوروبا.

مصادرة أصول وتحويلات مالية

مع تقدم التحقيق، صادرت السلطات الفرنسية عددًا من العقارات محل الشبهات، كما استردت نحو 500 ألف يورو من حسابات مصرفية تعود لـأحمد علي عبد الله صالح. كما تتبع المحققون تحويلات مالية بلغت قيمتها نحو 30.6 مليون دولار جرى تمريرها عبر حسابات مصرفية خارجية خلال الفترة بين 2009 و2011.

تقارير أممية في صلب الاتهام

واعتمد الادعاء الفرنسي في إثبات شبهة غسل الأموال على تقارير فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن، والتي قدّرت الثروة التي جمعها علي عبد الله صالح خلال فترة حكمه بما يتراوح بين 32 و60 مليار دولار. وتشير هذه التقارير إلى أن هذه الثروة تكونت عبر منظومة فساد ممنهجة شملت عمولات من عقود النفط والغاز والسلاح، واختلاس أموال عامة عبر ما وُصف بـ**“الخدمات الموازية”**.

وتكشف التحقيقات أنه بعد تجميد أصول صالح ونجله الأكبر دوليًا عامي 2014 و2015، تولى نجله الأصغر خالد صالح دورًا محوريًا في إدارة ثروة العائلة، ويُقدَّم في ملف الادعاء بوصفه العقل المدبر لعمليات غسل الأموال.

دفاع ونفي

في المقابل، ينفي الشقيقان جميع التهم الموجهة إليهما. وأكد أحمد علي عبد الله صالح أن الأموال محل التحقيق تعود إلى “هدايا من رؤساء دول”، مدعيًا أن الوثائق التي تثبت ذلك دُمّرت بسبب الحرب في اليمن. كما شكك محامو الدفاع في تقارير خبراء الأمم المتحدة، معتبرين أنها لا تقدم دليلًا كمّيًا حاسمًا على مصدر الأموال.

ومع اقتراب موعد المحاكمة المقررة في سبتمبر 2026، تتحول القضية إلى اختبار حقيقي لقدرة القضاء الأوروبي على تفكيك شبكات المال السياسي، والإجابة عن سؤال لا يزال معلقًا: كم من ثروة اليمن المنهوبة استقر في شقق باريس، وكم منها لا يزال مخفيًا في أماكن أخرى؟

زر الذهاب إلى الأعلى