
أثار برنامج الذكاء الاصطناعي «غروك»، الذي طورته شركة xAI المملوكة ل إيلون ماسك، موجة واسعة من الجدل والانتقادات بعد نشره معلومات مضللة وخاطئة حول حادث إطلاق النار الجماعي الذي وقع على شاطئ بوندي في مدينة سيدني الأسترالية، مستهدفًا تجمعًا من المحتفلين بعيد حانوكا اليهودي مساء الأحد الماضي.
الهجوم، الذي وصفته السلطات الأسترالية بأنه «معادٍ للسامية» و«إرهابي»، أسفر عن مقتل 15 شخصًا على الأقل وإصابة 42 آخرين، وأطلق في الوقت نفسه سيلًا من الصور والمقاطع المصورة والمعلومات المتداولة على الإنترنت، خصوصًا عبر منصة «إكس»، حيث يُستخدم «غروك» على نطاق واسع، ما ساهم في تضخيم روايات غير دقيقة.
بطل يتحول إلى رواية زائفة
وقع «غروك» في خطأ جسيم حين أخطأ في تحديد هوية أحمد الأحمد (43 عامًا)، الذي اعتُبر بطلاً في أستراليا بعد تداول مقطع فيديو يُظهره وهو ينتزع سلاح أحد المهاجمين، قبل أن يُصاب بجروح خطرة نُقل على إثرها إلى المستشفى ولا يزال يتلقى العلاج.
وزعم البرنامج أن المقطع المتداول “يتطابق مع فيديو قديم انتشر سابقًا لرجل يتسلق شجرة نخيل في موقف سيارات”، واصفًا المشهد بأنه «حدث مرتب»، وهو ادعاء ثبت لاحقًا عدم صحته.
ولم يتوقف التضليل عند هذا الحد، إذ ذهب «غروك» إلى حد تحديد أحمد الأحمد، وهو سوري الأصل، على أنه أسير إسرائيلي سابق احتجز في غزة لأكثر من 700 يوم، وهي معلومة زائفة بالكامل.
إعصار بدل مجزرة
وعندما طُرح على البرنامج مقطع آخر من مشاهد الهجوم، زعم خطأً أن اللقطات تعود إلى «الإعصار ألفريد» الذي ضرب الساحل الأسترالي في وقت سابق من العام، ولم يعترف بأن المشاهد مرتبطة بحادث إطلاق النار في شاطئ بوندي إلا بعد أن ضغط أحد المستخدمين عليه لإعادة تقييم إجابته.
وفي روايات متناقضة أخرى، ادعى «غروك» أن شخصًا يُدعى إدوارد كربتري، وهو مختص تقني ومهندس حلول، هو من نزع سلاح المهاجم، قبل أن يتراجع لاحقًا ويقر بأن هذه المعلومة استندت إلى خطأ صحفي أو إلى محتوى ساخر أو مقال منشور على موقع إخباري شبه معطل يُشتبه في كونه مُنشأ بالذكاء الاصطناعي.
رد مثير للجدل
وفي رد تلقائي على استفسار لوكالة الصحافة الفرنسية، قال مطور البرنامج «xAI»: “وسائل الإعلام التقليدية تكذب”، وهو تصريح زاد من حدة الجدل بشأن معايير التحقق والمسؤولية الأخلاقية لمنصات الذكاء الاصطناعي.
تحذيرات الخبراء
ويرى خبراء الإعلام والتقنية أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مساعدة في مهام محدودة مثل تحديد الموقع الجغرافي للصور، إلا أنهم يؤكدون أن التحقق من الوقائع وفهم السياق الإخباري لا يزالان بحاجة إلى العنصر البشري، ولا يمكن الاستغناء عنهما، خاصة في القضايا الحساسة والأحداث الدامية.
وتعيد هذه الواقعة فتح النقاش حول مخاطر الاعتماد المتزايد على برامج الدردشة الآلية كمصدر للمعلومات، في وقت قلّصت فيه شركات التكنولوجيا الكبرى فرق التحقق من الأخبار، ما يثير مخاوف متزايدة من انتشار التضليل الرقمي أثناء الأزمات الكبرى.






