الأخبار
أخر الأخبار

تحت ذريعة الهدنة الناقصة.. إسرائيل تغلق غزة بوجه الصحافة الدولية

غزة- الوعل اليمني.

تواصل إسرائيل فرض حظر مشدد على دخول الصحفيين الأجانب إلى قطاع غزة، مبررة ذلك بما تسميه “عدم اكتمال اتفاق وقف إطلاق النار”، في خطوة أثارت انتقادات واسعة واعتُبرت محاولة ممنهجة لحجب حقيقة ما يجري في القطاع عن الرأي العام العالمي.

وجاء هذا الموقف في رد رسمي صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية، على استجواب قدّمه النائب العربي في الكنيست أيمن عودة، رئيس قائمة الجبهة الديمقراطية للسلام والقائمة العربية للتغيير، إلى وزير الدفاع يسرائيل كاتس في يوليو/تموز الماضي، تساءل فيه عن أسباب استمرار القيود المفروضة على دخول الصحفيين إلى غزة.

تبرير سياسي

وادعى جيش الاحتلال أن منع دخول الصحفيين يعود إلى معارضة المستوى السياسي لهذه الخطوة، بزعم أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لم يكتمل بعد. غير أن النائب عودة وصف هذا التبرير بأنه سياسي بامتياز، ويهدف إلى إخفاء الجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في غزة خلال الحرب، والتي لا تزال تداعياتها قائمة حتى اليوم.

وأكد عودة أن وقف إطلاق النار كان يمكن أن يشكل فرصة حقيقية أمام الصحافة الدولية للاطلاع المباشر على الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع، ونقل الصورة الكاملة للرأي العام العالمي، إلا أن الحكومة الإسرائيلية اختارت الإبقاء على القيود، ما يثير شكوكًا جدية حول محاولات إخفاء حجم الدمار وما خلّفته الحرب من آثار إنسانية جسيمة.

رواية مُسيطر عليها

ومنذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تفرض إسرائيل قيودًا صارمة على دخول الصحفيين الأجانب، ولم تسمح إلا لعدد محدود جدًا منهم بالدخول، وذلك ضمن جولات مرافقة وتحت إشراف عسكري مباشر، في إطار ما وصفته مؤسسات إعلامية بمحاولات تعزيز الرواية الإسرائيلية ومنع التغطية المستقلة.

وفي تصريحات سابقة، برّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الحظر بالقول إن هناك صعوبة في تأمين سلامة الصحفيين داخل القطاع، وهو تبرير قوبل بتشكيك واسع من قبل جهات إعلامية وحقوقية، اعتبرته غطاءً لمنع توثيق الانتهاكات بحق المدنيين.

إخفاء جرائم الحرب

وشدد النائب عودة على أن منع الصحفيين الأجانب من دخول غزة يمثل انتهاكًا صارخًا لحق كشف حقيقة ما يجري في مناطق النزاع، وتستّرًا على ارتكاب جرائم حرب جسيمة، مضيفًا أن “الاحتلال لا يريد للعالم أن يعرف بشاعة الجرائم التي ارتكبها”.

وقال عودة إن ما تحاول الحكومة الإسرائيلية إخفاءه بات واضحًا للعالم، غير أن الإصرار على منع الصحافة من الوصول إلى غزة يعكس نية واضحة في حجب الواقع الكارثي وطمس آثار الجرائم المرتكبة بحق السكان المدنيين.

مطالبات دولية

وخلال أشهر الحرب، طالبت هيئات صحفية محلية وعربية ودولية، إلى جانب جهات حكومية في غزة، بالسماح للصحفيين الأجانب بدخول القطاع لتوثيق الانتهاكات الجسيمة التي طالت المدنيين والبنية التحتية. إلا أن إسرائيل لم تستجب لهذه المطالب، حتى بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

وجدد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تأكيده أن منع دخول الصحفيين الأجانب يأتي خشية انكشاف الجرائم المرتكبة في القطاع على نطاق أوسع، مشيرًا إلى أن القيود المفروضة تتعارض مع المبادئ الأساسية لحرية الصحافة وحق الشعوب في المعرفة.

حصيلة كارثية

وأسفرت الحرب الإسرائيلية على غزة عن استشهاد أكثر من 71 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد على 171 ألفًا بجروح متفاوتة، إلى جانب تدمير نحو 90% من البنى التحتية المدنية في القطاع. وقدّرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة الإعمار بحوالي 70 مليار دولار، في واحدة من أعنف الكوارث الإنسانية التي شهدها القطاع.

وفي ظل استمرار منع الصحفيين من الدخول، تبقى غزة مغلقة أمام التغطية الإعلامية المستقلة، بينما تتصاعد التحذيرات من أن تغييب الصحافة لا يلغي الحقيقة، بل يفاقم حجم الجريمة ويؤجل مساءلتها.

زر الذهاب إلى الأعلى