إسماعيل ياشا
خسر رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو، فجر الأحد الماضي، المنافسة الديمقراطية التي خاضها في المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري للاحتفاظ بمنصبه، وحصل على 536 صوتا فقط، في مقابل حصول منافسه، أوزغور أوزل، على 812 صوتا في الجولة الثانية من التصويت.
حقبة كليتشدار أوغلو التي بدأت في حزب الشعب الجمهوري عام 2010 بعد فضيحة جنسية أدت إلى استقالة رئيس الحزب آنذاك، دنيز بايكال، واستمرت حوالي 13 عاما، انتهت بهزيمة مدوية. ويمكن القول بأن حياة كليتشدار أوغلو السياسية أيضا انتهت، علما بأنه يبلغ من العمر 75 عاما وليس عضوا في البرلمان الحالي.
الرجل كان يحلم بالفوز في الانتخابات الرئاسية وإنهاء حياته السياسية في القمة كرئيس للجمهورية، إلا أن رياح الديمقراطية لم تهب كما تشتهي سفن كليتشدار أوغلو. وكان أوزل أعلن قبل فترة وجيزة أنه لن ينافس كليتشدار أوغلو على رئاسة حزب الشعب الجمهوري، كما صرح هذا الأخير قبل 13 عاما بعد استقالة بايكال أنه لن يترشح لرئاسة الحزب، ثم تراجع فترشح.
انتخاب أوزل رئيسا لحزب الشعب الجمهوري جاء تحت شعار التغيير بعد هزيمة كليتشدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ولكن الرئيس الجديد كان أحد أعضاء فريق كليتشدار أوغلو لسنين طويلة، ولم يسجل أي معارضة لسياساته وقراراته، ما يعني أنه كان شريكا في فشله. وكلا المتنافسين أرسلا في المؤتمر العام رسالة طمأنة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من خلال إرسال تحياتهما إلى عثمان كافالا، المتهم بالوقوف وراء أحداث غزي باركي، وصلاح الدين دميرتاش، المتهم بالتورط في أعمال إرهابية انفصالية
انتخاب أوزل رئيسا لحزب الشعب الجمهوري جاء تحت شعار التغيير بعد هزيمة كليتشدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ولكن الرئيس الجديد كان أحد أعضاء فريق كليتشدار أوغلو لسنين طويلة، ولم يسجل أي معارضة لسياساته وقراراته، ما يعني أنه كان شريكا في فشله. وكلا المتنافسين أرسلا في المؤتمر العام رسالة طمأنة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من خلال إرسال تحياتهما إلى عثمان كافالا، المتهم بالوقوف وراء أحداث غزي باركي، وصلاح الدين دميرتاش، المتهم بالتورط في أعمال إرهابية انفصالية. وبالتالي، يطرح الرأي العام التركي الآن هذا السؤال: “ما الذي سيتغير في حزب الشعب الجمهوري؟”.
الرئيس الجديد أمامه تحديات كبيرة، أولها الحفاظ على وحدة حزب الشعب الجمهوري الذي تمتلئ صفحات تاريخه بانقسامات وصراعات داخلية. ولذلك، قد يواجه في الأيام القادمة معارضة من الخاسرين بخسارة كليتشدار أوغلو لرئاسة الحزب. ومهما صرح أوزل بعد فوزه بأنه سيكون رئيسا لجميع المنتمين إلى حزب الشعب الجمهوري دون تمييز، فإن الأيام القادمة ستكشف مدى صحة هذا القول وكيفية تعامل الرئيس الجديد مع أنصار سلفه.
حزب الشعب الجمهوري سيخوض بعد أقل من خمسة أشهر الانتخابات المحلية، وهو أول اختبار للقيادة الجديدة. وكان مرشحو حزب الشعب الجمهوري فازوا في الانتخابات المحلية السابقة في العاصمة أنقرة وإسطنبول وإزمير وغيرها بفضل تحالفه مع أحزاب أخرى، كحزب الشعوب الديمقراطي الموالي لحزب العمال الكردستاني، والحزب الجيد الذي ترأسه ميرال أكشنار. ومن المتوقع أن يستمر في الحقبة الجديدة تحالف حزب الشعب الجمهوري مع الموالين لحزب العمال الكردستاني، كما أن أكشنار التي أعلنت أن حزبها سيخوض الانتخابات المحلية في جميع المدن بمرشحيه دون التحالف مع أي حزب آخر، قد تتراجع عن هذا القرار، بعد أن تمت الإطاحة بكليتشدار أوغلو الذي كانت تعارض ترشيحه للانتخابات الرئاسية كمرشح لتحالف الطاولة السداسية.
التحدي الأكبر أمام أوزل هو رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، لأن أوزل فاز برئاسة حزب الشعب الجمهوري بدعم إمام أوغلو، وأن الأخير يرى نفسه الأحق بتولي ذاك المنصب، كما أن هناك رأيا سائدا في الأوساط السياسية والإعلامية التركية يقول إن أوزل ما هو إلا وكيل لإمام أوغلو ليسلم رئاسة حزب الشعب الجمهوري إليه في مستقبل قريب.
التحدي الأكبر أمام أوزل هو رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، لأن أوزل فاز برئاسة حزب الشعب الجمهوري بدعم إمام أوغلو، وأن الأخير يرى نفسه الأحق بتولي ذاك المنصب، كما أن هناك رأيا سائدا في الأوساط السياسية والإعلامية التركية يقول إن أوزل ما هو إلا وكيل لإمام أوغلو ليسلم رئاسة حزب الشعب الجمهوري إليه في مستقبل قريبهناك أسئلة عديدة تنتظر أجوبة، منها، على سبيل المثال: هل سيتنازل أوزل عن رئاسة حزب الشعب الجمهوري لصالح إمام أوغلو أم سيسعى للاحتفاظ بمنصبه بعد الانتصار الذي حققه أمام كليتشدار أوغلو؟ وهل سيتقبل إمام أوغلو رئاسة أوزل أم سيطلب منه التنحي؟ وهل سيخوض الاثنان منافسة جديدة على رئاسة حزب الشعب الجمهوري؟ ومن المؤكد أن أجوبة هذه الأسئلة ستلعب دورا كبيرا في مصير حزب الشعب الجمهوري ورسم مستقبل السياسة التركية.
إمام أوغلو لم يتجرأ على منافسة كليتشدار أوغلو مباشرة، واختار إسقاطه عن طريق دعم أوزل، وهو الآن إما سيترشح لرئاسة بلدية إسطنبول لفترة جديدة أو سيسعى لتولي رئاسة حزب الشعب الجمهوري. إلا أن كلا الخيارين يحمل في طياته مخاطر، فإن ترشح لرئاسة البلدية ولم يفز في الانتخابات فسيفقد بريقه إلى حد كبير، وسيكون احتمال توليه رئاسة حزب الشعب الجمهوري ضئيلا للغاية. كما أن أوزل يمكن أن يعزز مكانته في في رئاسة الحزب خلال هذه الفترة ليصعب إسقاطه، وإن استعجل إمام أوغلو فطلب من أوزل تسليم منصبه إليه فقد يتم رفض هذا الطلب.
وقال أوزل ردا على سؤال حول طبيعة علاقته مع إمام أوغلو ومستقبل هذه العلاقة، إنهما مثل الأخوين، إلا أن هذا الجواب يذكِّر بوصف كليتشدار أوغلو علاقته مع إمام أوغلو بـ”علاقة الأب مع ابنه”، ولا يعني أن حزب الشعب الجمهوري لن يشهد صراعا بين الرجلين.