Blogتقارير
أخر الأخبار

موقع عربي21 يتحدث عن شهادات حول ابتزاز الغزيين والمصريين ماليا على معبر رفح

فند شهود عيان نفي السلطات المصرية لما أوردته بعض وسائل الإعلام المصرية والأجنبية وصفحات التواصل الاجتماعي، فيما يتعلق بفرض أتاوات وابتزاز مالي للمسافرين عبر منفذ رفح من قطاع غزة إلى مصر، ووصفتها بأنها “ادعاءات كاذبة”.

وضجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسابيع الماضية ما أسمته بـ”الفضيحة” جراء شكاوى العديد من المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة، من تعرضهم للابتزاز من أجل السماح لهم بالخروج من القطاع المحاصر إلى مصر وتجاوز قوائم التنسيق الأمنية.

وإزاء تلك الانتقادات الواسعة التي انتشرت على نطاق واسع ضد تلك الممارسات ووصفوها بأنها “متاجرة في دماء الفلسطينيين”، انبرت السلطات المصرية لإنكار مثل تلك المزاعم عبر بيان لرئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان.

ونفى رشوان “مزاعم التحصيل الرسمي لأية رسوم إضافية على القادمين من غزة، وكذلك ادعاءات تقاضي أي جهة غير رسمية لأي مقابل مادي نظير العبور إلى الأراضي المصرية”، معتبرا أن تلك الشهادات “معتمدة على مصادر مجهولة وفردية ودون أي توثيق لها”.

حقيقة الأتاوة على معبر رفح:
تحدث موقع “عربي21” إلى عدد من شهود العيان على الجانبين الفلسطيني والمصري، بخصوص ما أورده بيان السلطة المصرية من ردود على شكاوى وقصص الابتزاز التي يتعرض لها بعض الراغبين في الخروج من قطاع غزة إلى مصر، لأسباب إنسانية أو صحية أو دراسية أو غيرها.

بخصوص النقطة الأولى والرئيسية التي وردت في بيان الهيئة العامة للاستعلامات، بأن “ما يتم تحصيله من الجهات الرسمية هو فقط الرسوم المقررة طبقا للقوانين المصرية المنظمة لعمل المعبر من قبل هيئة الموانئ البرية، وهي ثابتة ولم تطرأ عليها أية زيادة مطلقا”، أكد شهود أنها مغلوطة.

وقالت أسرة فلسطينية – بريطانية (مزدوجو الجنسية)، خرجت الشهر الماضي من قطاع غزة عبر معبر رفح لـ”عربي21″: “تم تحصيل رسوم مرور بالدولار والجنيه المصري معا، وقمنا بدفع 35 دولارا عن كل فرد بدلا من 25 دولارا للقيمة الرسمية للرسوم على الفيزا (التأشيرة)، أي بزيادة 10 دولارات، ولا يوجد بها إيصال رسمي بذلك؛ لأنها مخالفة للأسعار الرسمية. فأين تذهب تلك الزيادة وماذا يمكن اعتبارها غير أتاوة؟”.

وأضافت الأسرة المكونة من 5 أفراد في مزيج من السخرية والحسرة: “دفعنا أيضا 300 جنيه تذكرة مرور، و400 جنيه لشركة “هلا للحقائب”، على الرغم من أننا لم نستفد من هذه الخدمة ولم يحمل لنا أي شخص أي حقيبة، ولكنها خدمة إجبارية تحت مسميات مختلفة”.

شركة “هلا” إحدى شركات النافذة على المعبر.. ما قصتها؟

وأكدت الأسرة التي اعتادت المرور من خلال معبر رفح البري: “ليست المرة الأولى التي نعبر فيها المعبر، ولم تكن هناك رسوم بالدولار ثم وجدت لاحقا، ولم تكن هناك رسوم خدمة هلا للحقائب ولكنها وجدت لاحقا، وعلمنا أنها تعود إلى إحدى الشخصيات النافذة في شمال سيناء”.

بالعودة إلى اسم الشركة التي تقدم خدمات حمل الحقائب، تبين أنها تعود لشركة “هلا للاستشارات والخدمات السياحية” المملوكة لرئيس اتحاد قبائل سيناء “إبراهيم العرجاني”، أحد الموالين للمخابرات العامة المصرية والمقرب من الجهاز، لمع اسمه خلال السنوات القليلة الماضية بعد تحالفه مع المؤسسة العسكرية، بعد أن كان أحد المطلوبين أمنيا وأصبح الذراع العسكري والأمني للجهاز.

الشركة تقدم خدمات السفر والسياحة وخدمة نقل المسافرين (VIP) لمعبر رفح البري بأفضل الطرق وأحدث وسائل النقل، بحسب تعريفها على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ومقرها مدينة نصر شرق القاهرة.

سلط تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية صدر في 8 كانون الثاني/ يناير الجاري الضوء على عمليات الابتزاز الواسع التي يتعرض كل من يرغب في الخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح، ونقلت عن فلسطينيين قولهم؛ إنه “يُطلب منهم دفع (رسوم) كبيرة من قبل شبكة من السماسرة والسعاة، لها صلات مزعومة بأجهزة المخابرات المصرية”.

ووصف شهود آخرون تحدثوا لـ”عربي21″ بيان السلطات المصرية بأنه منفصل عن الواقع تماما؛ لأنه يدفع باتجاه خاطئ، هو أن الدولة لا تحصل أي رسوم إضافية من الفلسطينيين، وهي بذلك تتناول المشكلة من جانب خاطئ؛ لأن المشكلة هي استغلال أجهزة أمنية وشركات تابعة لها محنة الفلسطينيين، ومن ثم لا يوجد شيء رسمي يمكن إثباته.

وتهكم أحد الفلسطينيين الذين خرجوا من قطاع غزة إلى بريطانيا بصحبة زوجته، ويعمل صحفيا لصالح بعض القنوات والمواقع الإخبارية، طلب عدم ذكر اسمه، من دعوة البيان المصري للمتضررين بإخطار الجهات الأمنية المصرية الموجودة في المعبر، لاتخاذ الإجراءات القانونية الحاسمة والفورية تجاه هذه الوقائع والقائمين عليها، قائلا: “من يجرؤ أن يشتكي؟ كيف يشكو المسجون سجانه؟”.
وتساءل الصحفي الفلسطيني: “بيان هيئة الاستعلامات المصرية يدين السلطات المصرية التي أقرت بتحصيل رسوم مرور من الفلسطينيين المنكوبين، الذين يتعرضون للقتل والتهجير والدمار بدلا من إعفائهم من أي رسوم، ولكن سلطات المعبر تصر على تحصيل الرسوم دون الأخذ في الاعتبار أن هناك حربا في قطاع غزة، كما أنها تدين نفسها بالدفاع عن شبكة السماسرة والمصالح الموجودة على معبر رفح، وتعمل تحت مرأى ومسمع السلطات الأمنية هناك، ويعرفها ويعلمها القاصي والداني”.

إحدى الفلسطينيات في العقد الخامس من عمرها من سكان مدينة خان يونس (محافظات غزة الوسطى)، يعيش والدها في دولة الكويت وتعمل بإحدى المدارس الحكومية، قالت في شهادتها لـ”عربي21″: “التنسيق الأمني لخروجنا من قطاع غزة إلى مصر موجود منذ سنوات وليس اليوم، في عام 2014 دفعت 2000 دولار من أجل الخروج عبر معبر رفح”.

وأضافت السيدة الفلسطينية، التي فضلت عدم ذكر اسمها: “بعد انتقال العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى خان يونس، غادرنا المدينة باتجاه مدينة رفح، ومن هناك بدأت قصة البحث عن سماسرة (وسطاء) للخروج من قطاع غزة والأسعار بدأت بـ 7 و 8 آلاف دولار، ووصلت في بعض الحالات إلى 10 آلاف دولار، لكل فرد يرغب في الخروج لظروف خاصة تتعلق بعمله أو دراسته أو أهله أو صحته”.

وأشارت إلى أن “صديقتها سافرت بالفعل بعد أن دفعت 8 آلاف دولار إلى وسيط في رفح، تربطه شبكة علاقات مع جهات أمنية على الجانب المصري، وحدثتني من مدينة المنيا (جنوب القاهرة) عقب وصولها إلى هناك، وحتى الآن أبحث عن وسيط أستطيع الثقة فيه؛ لأن هناك حالات نصب واحتيال كبيرة وقعت للكثيرين وخسروا كل ما يملكون”.

الواقع يخالف البيانات الرسمية:
رغم حديث الحكومة المصرية عن توفير المساعدات وتذليل الصعوبات، إلا أن واقع آلاف الجرحى في قطاع غزة (60 ألف مصاب) يفند مثل تلك الادعاءات، ففي مقابل هذا العدد الكبير من الجرحى الفلسطينيين، وحاجتهم الشديدة للعلاج بالمشافي المصرية، وتلك التي أرسلتها حكومات دول عربية وإسلامية وغربية إلى شمال سيناء، فإن مكتب الإعلام الحكومي في غزة يقول؛ إن 1 بالمئة فقط من الجرحى استطاعوا الخروج للعلاج.

بعد إعلان سلطات الاحتلال أمام المحكمة الدولية مسؤولية مصر عن إغلاق معبر رفح، تصدر هاشتاغ معبر رفح وافتحوا معبر رفح مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، للمطالبة بوقف حصار غزة، وإدخال المساعدات المتكدسة على الجانب المصري إلى الجانب الفلسطيني، وإدخال المصابين من أهالي غزة للعلاج في الخارج.

الابتزاز يطال المصريين العالقين:
شهادة أخرى من زوج إحدى المصريات العالقات في قطاع غزة، ويدعى محمد أبو زياد، أكد فيها أن الابتزاز طال أيضا المصريين العالقين في القطاع وليس الفلسطينيين فقط، وقال: “شهادتي من تجربتي الشخصية وليس شيء آخر، زوجتي وأولادها الثلاثة علقوا في قطاع غزة منذ بدء الحرب على القطاع، ولم يتمكنوا من الخروج حتى هذه اللحظة”.

وأوضح في حديثه لـ”عربي21″: “هناك العديد من المجموعات على تطبيق واتس آب والماسنجر للعالقين، ويمكن الاستماع إلى مئات القصص المدهشة عن معاناة آلاف المصريين في القطاع، ويعانون من الابتزاز أيضا، ولكنهم يدفعون أقل بكثير من الفلسطينيين، إذ يدفع المصريون 650 دولارا للبالغ و350 دولارا للأطفال، ومن ينكر ذلك فلماذا لا يسمحون بعودة جميع المصريين العالقين”.

توثيق حقوقي:
على المستوى الحقوقي، قال المدير التنفيذي لـ”الشبكة المصرية لحقوق الإنسان”، أحمد العطار؛ إن “الروايات وشهادات شهود العيان العديدة من المواطنين الفلسطينيين والأجانب الذين تعرضوا لعمليات ابتزاز وقحة من بعض القائمين على معبر رفح، هي حقيقة موثقة وجريمة ووصمة عار على جبين السلطات المصرية الرسمية”.

واعتبر في حديثه لـ”عربي21″: أن “نفي السلطات لا يعفيها من المسؤولية، قد لا تحصل هي بشكل رسمي على الأموال، ولكنها تسمح بتحصيلها من قبل مسؤولين أمنيين تابعين لها، ومن ثم لا تستفيد منها إلا عصابات المعابر، وهي شريكة ضمنية فيها؛ لأنها تركت عمليات الابتزاز تمر دون رقابة ولا محاسبة”.
مشددا على أنه “كان على مصر فتح المعبر بالمجان، وليس التبجح بالحصول على الرسوم المقررة فقط، السؤال المهم الآن بعد كم الشكاوى على مواقع التواصل: هل قامت مصر بعمل تحريات وفتح تحقيقات في هذه الجريمة؟ الإجابة بالتأكيد لا، ونحن ننتظر أن تفتح تحقيقا وتعلن النتائج بشكل علني وتقدم المتورطين للمحاسبة، ولكنها لن تفعل لأنها لن تحاسب أجهزتها الأمنية”.

واختتم العطار حديثه بالقول: “بالمناسبة، هذا الموضوع تم أيضا في بداية الحرب في السودان، وكان هناك تقريبا الأمر نفسه في المعابر البرية بين مصر والسودان، ولكن هذة المرة كان من جانب السلطات المصرية الرسمية، التي فرضت قيودا وقامت برفع تكاليف العبور البري من السودان إلى مصر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى