مع إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، تمتزج مشاعر الفلسطينيين في قطاع غزة بين الفرح لما آلت إليه الأمور في لبنان، وبين الأمل بأن يتوقف عدوان الاحتلال الإسرائيلي على القطاع وحربه المتواصلة عليهم منذ أكثر من عام، والتي دمرت القطاع وجعلته منكوباً بالكامل، وبين تخوف البعض من استمرار العدوان وسط تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار بين حركة حماس والاحتلال.
ويأمل الفلسطينيون الذين يعيشون في القطاع المحاصر منذ نحو عقدين والمدمر بفعل العمليات الإسرائيلية العسكرية الوحشية، في أن يشكل اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان مدخلاً للوسطاء من أجل زيادة الضغط والعمل للوصول إلى اتفاق يضع حدّاً لحرب الإبادة التي طاولتهم على مدار 14 شهراً متواصلة، استهدف فيها الاحتلال كل مقومات الحياة وحوّل القطاع إلى جحيم وألحق به دماراً بدرجات لا توصف.
يقول نادي مطر (43 عاماً)، لـ”العربي الجديد”، إنّ أهالي غزة لا يحبون الحرب ويريدون أنّ تتوقف في كل مكان وليس في لبنان فقط، ويتمنون على الوسطاء استغلال توقف الحرب على لبنان من أجل وقفها في القطاع، ويعبر عن أمله في أن يكون ذلك قريباً. ويضيف: “نحن لسنا هواة حروب ولا نحبها، وإسرائيل هي التي تعتدي علينا دوماً وهي التي تضربنا في كل يوم، وتقصف ما تبقى من بيوتنا كما ضربت لبنان وقصفت البيوت على ساكنيها. آمل أن يكون الاتفاق في لبنان بداية النهاية لحرب غزة التي أتعبتنا وأرهقتنا وجعلتنا في حال لا يعلم به إلا الله”.
ويشير أيضاً إلى الآمال المعلقة على التدخلات العربية وتدخل الوسطاء من أجل أن تنتهي الحرب “فاليوم الذي تتوقف فيه الحرب سنحمي المزيد من الناس من الموت وسنخفف آلام النازحين وسنعيد الأمل لنفوسهم المرهقة. نحن متعبون ولا نستطيع التحمل إلى ما لا نهاية ويجب أن تنتهي الحرب المجنونة”.
يبدي الشاب الفلسطيني علي الأخرس تخوفه من تداعيات الاتفاق على جبهة لبنان وأثره على الوضع في قطاع غزة. ويضيف: “يجب أن يضغط الجميع من أجل وقف الحرب على غزة ومن أجل وقف هذه الإبادة التي دمرت حياتنا وقلبتها رأساً على عقب، وجعلت الموت والدمار دون أي أفق حقيقي بالحياة”، ويتساءل: “ما ذنبنا حتى يتم ذبحنا بهذه الطريقة وعلى مسمع ومرأى من العالم الذي يشاهدنا وكأنه يشاهد حلقة في فيلم أو مسلسل منذ أكثر 14 شهراً؟”.
من جهتها، تشعر النازحة الفلسطينية من مخيم جباليا إلى غربي مدينة غزة الحاجة أم وسيم جاد الله بقلق من تبعات القرار على قطاع غزة، وتقول لـ”العربي الجديد”: “سيستفرد الاحتلال الإسرائيلي بالقطاع الآن، ويزيد الضغط العسكري على الفلسطينيين من أجل تحقيق أهداف عدوانه. هناك فرحة وارتياح بوقف العدوان على أهلنا في لبنان، لكن المطلوب أن تمتد هذه الفرحة إلى أهالي غزة الذين يعانون منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023”.
وتؤكد أم وسيم خوفها من أن يستغل الاحتلال الهدوء على الساحة اللبنانية ويُعيد قواته إلى غزة، أو أن يضغط أكثر لإكمال خطة تفريع مناطق شمال القطاع من السكان وتهجيرهم جنوباً كما في “خطة الجنرالات”.
بدوره، يشعر محمد سلمان، النازح من مدينة غزة، والذي يوجد في خانيونس منذ الأسبوع الأول للحرب، بخوف من إمكانية أن يدفع الاتفاق مع لبنان الاحتلال نحو توسيع الحرب على غزة، ويقول لـ”العربي الجديد”: “في كل مرة يتفرّد فيها الاحتلال بالفلسطينيين يعزز القتل والتجويع، خصوصاً في ظل غياب الدور العربي اللازم لممارسة ضغط عليه من أجل إنهاء الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام”.
يضيف: “بالتأكيد نحن فرحون لفرح الشعب اللبناني وانتهاء الحرب هناك، لكننا نحتاج أن تنتهي الحرب في غزة، فالعيش في الخيام والنزوح من مكان إلى آخر صعب وقاسٍ، خصوصاً في فصل الشتاء وانخفاض الحرارة والأمطار المتكررة وحالة الجوع التي نعيشها على مدار الساعة”.
في المقابل، يشعر الفلسطيني عبد الله محمود بإمكان اقتراب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة من نهايتها، بعدما انتهت في لبنان ونجاح الوساطات المتعددة في بلورة اتفاق أنهى الحرب، ويقول لـ”العربي الجديد”: “استمرار الحرب لم يعد مجدياً لأطراف كثيرين، وتحديداً الولايات المتحدة والدول الغربية. واضح أن الجميع يريدون انتهاء هذه الحرب، لكن خوفنا الحالي هو من أن الضغط علينا سيبقى حاضراً خلال الفترة المقبلة من خلال ارتكاب مزيد من المجازر أو تعزيز سياسة التجويع”.
وعكست مواقف الفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً الحالة التي يعيشونها بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان. ورحب كثيرون بهذا الاتفاق، آملين أن يمتد وقف إطلاق النار إلى غزة، وشكروا لبنان على مواقفه المساندة للقضية الفلسطينية، في حين تخوّف آخرون من أن تصعّد إسرائيل عدوانها على القطاع.