أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) وحرس الحدود، في بيان مقتضب، اليوم الثلاثاء، إطلاق عملية عسكرية في جنين تحت اسم “السور الحديدي”، في عدوان جديد يضاف إلى سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية.
وانطلق العدوان مع اقتحام قوات خاصة إسرائيلية، ظهر اليوم، حي الجابريات المحيط بمخيم جنين شمالي المدينة شمالي الضفة الغربية، وسط إطلاق صافرات الإنذار لتنبيه المقاومين، في وقت انسحبت الأجهزة الأمنية الفلسطينية من محيط المخيم.
وأكدت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، أنه بعد الاقتحام الأولي للقوات الخاصة الإسرائيلية، دخلت تعزيزات إضافية من جيش الاحتلال إلى المدينة وأطراف المخيم.
ووفقاً لمصادر محلية، لوحظ انسحاب الأجهزة الأمنية الفلسطينية من محيط مخيم جنين، بعد أن حاصرته لمدة 47 يوماً، في أحداث دامية أسفرت عن مقتل 15 فلسطينياً، بينهم 6 من عناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وبحسب مصادر محلية، فقد حوّلت قوات الاحتلال عدداً من المباني السكنية المحيطة بمخيم جنين إلى ثكنات عسكرية ونقاط للقناصة.
ومع إعلان جيش الاحتلال انطلاق عدوانه الجديد، هاجمت طائرة مسيّرة موقعاً في جنين، كما أطلقت قوات الاحتلال النار من طائرة أباتشي على المخيم، ما أسفر عن سقوط 8 شهداء، وفق ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، مشيرة كذلك إلى تسجيل نحو 35 إصابة.
كما أعلن الناطق باسم أجهزة الأمن الفلسطينية أنور رجب، إصابة عدد من عناصر الأمن بجروح أحدهم حالته خطيرة برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحامها جنين. وأفاد الهلال الأحمر الفلسطيني، في بيان، بأنّ قوات الاحتلال تمنع طواقمه من الوصول إلى إصابات داخل مخيم جنين بعد ورود بلاغات عن عدد من الجرحى.
ومجددا، قصفت طائرة مسيرة تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، عصر اليوم الثلاثاء، هدفاً في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات بشرية جراء القصف، وفقًا لمصادر محلية.
وتحدث مراسل “العربي الجديد” عن سماع دوي انفجار ضخم في محيط مخيم جنين، في الوقت الذي تقوم فيه مسيّرات إسرائيلية بإلقاء قنابل على المنازل داخل المخيم، مع تمركز مدرعات عسكرية على أطراف مدينة جنين. وذكر تلفزيون فلسطين من جهته، أن قوات الاحتلال تحاصر منزلاً في مخيم جنين، وسط أنباء عن وقوع إصابات في عدة مناطق وأحياء، وُصفت اثنتان منها بالخطيرة.
وتزامن الاقتحام مع قصف طائرات مسيّرة إسرائيلية مركبة فارغة بالقرب من مدرسة الزهراء في محيط مخيم جنين، وفق التلفزيون، الذي أشار إلى نشر جنود الاحتلال القناصة في حي الهدف في مخيم جنين، وإطلاقهم النار بشكل كثيف تجاه الفلسطينيين، فيما أفاد شهود عيان بوجود إصابة في حارة الدمج بالمخيم.
من جهتها، تحدثت إذاعة جيش الاحتلال عن أن العملية في جنين بدأت بغارة جوية لطائرة مسيّرة استهدفت عدة بنى تحتية، مشيرة إلى أن قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الوحدات الخاصة، والشاباك، وحرس الحدود، ستعمل في أنحاء جنين في الأيام المقبلة.
وقالت الإذاعة: “إن العملية سوف تستمر طالما كان ذلك ضرورياً. وللعملية أهداف واضحة ـ مواصلة الحفاظ على حرية عمل الجيش الإسرائيلي في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وتدمير وتحييد البنية التحتية للإرهاب والقنابل الموقوتة”.
وتزامنت عملية الاقتحام مع اشتباكات عنيفة دارت بين المقاومين وقوات الاحتلال، وأكدت كتيبة جنين في سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أن مقاتليها تمكنوا من اكتشاف قوة إسرائيلية خاصة تسللت إلى حي الهدف، وإيقاعها بحقل من النيران، وتحقيق إصابات مؤكدة.
يأتي هذا بينما يستعد جيش الاحتلال لنقل قوات من غزة إلى الضفة الغربية المحتلة، في وقت قال رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي، أمس الاثنين، إن على الجيش الاستعداد لشن عمليات عسكرية واسعة في الضفة قد تبدأ قريباً.
حماس تدعو لتصعيد الاشتباك بعد اقتحام جنين: سلوك أمن السلطة مستغرب
وبعد اقتحام جنين، دعت حركة حماس جماهير الشعب في الضفة الغربية وشبابها الثائر، “للنفير العام وتصعيد الاشتباك مع جيش الاحتلال في كافة نقاط التماس معه، والعمل على إرباكه، وإفشال العدوان الصهيوني الواسع على مدينة جنين ومخيمها”، ناعية شهداء جنين الذين ارتقوا بنيران وقصف الاحتلال، ومشيدة ببسالة المقاومين وتصديهم واشتباكهم مع جنود الاحتلال، واستهدافهم بالعبوات الناسفة.
وأضافت في بيان: “إن ما يثير الاستغراب، سلوك أجهزة السلطة التي انسحبت من محيط مخيم جنين، بالتزامن مع بدء العملية العسكرية للاحتلال، بعد حصار دام أكثر من 48 يوماً للمخيم، وتعطيلها للاتفاق مع المقاومين حتى اليوم، ورفضها كل النداءات الوطنية لوقف إجراءاتها الخطيرة بحق المناضلين والمقاومين”.
وأكدت حماس، أن هذه العملية العسكرية التي يشنها الاحتلال في جنين ستفشل، “كما فشلت كل عملياته العسكرية السابقة ضد أبناء شعبنا الصامد ومقاومته الباسلة، ولن تنكسر الإرادة الفلسطينية أمام غطرسة المحتل، وجرائمه، وانتهاكاته المستمرة”.
نتنياهو عن العدوان على جنين: خطوة إضافية نحو تحقيق هدفنا
وعمم ديوان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بياناً حول العدوان على جنين، جاء فيه “بتوجيه من المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت)، بدأ الجيش الإسرائيلي، وجهاز الأمن العام (الشاباك)، وشرطة إسرائيل اليوم عملية عسكرية واسعة النطاق ومهمة للقضاء على الإرهاب في جنين – السور الحديدي.
هذه خطوة إضافية نحو تحقيق الهدف الذي وضعناه، وهو تعزيز الأمن في يهودا والسامرة (الضفة المحتلة). نعمل بشكل منهجي وحازم ضد المحور الإيراني في كل مكان يرسل أذرعه إليه، في غزة، ولبنان، وسورية، واليمن، ويهودا والسامرة، وسنستمر”.
وفي السياق، قال وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الثلاثاء، في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية، إن “التهديد الذي يواجه الاستيطان والمستوطنين في يهودا والسامرة (الضفة المحتلة) وعلى خط التماس يزداد سوءاً”.
وبحسب قوله “يدرك أعداؤنا أن هذه هي الجبهة المفتوحة الوحيدة اليوم. المكان الوحيد الذي توجد فيه مواجهات وإطلاق نار وإرهاب ضد دولة إسرائيل، وبالتالي المحور الإيراني الذي عمل على زعزعة استقرار المنطقة، يستمر في العمل على خلق الإرهاب من خلال التمويل والتوجيه والتسليح”.
وأضاف كاتس أنه أصدر تعليماته لجيش الاحتلال “بالعمل بقوة لحماية جميع المستوطنات والمستوطنين. وهذا أمر تم وسيتم تنفيذه، من أجل الهجوم بقوة كبيرة وإحباط الإرهاب”، بحسب زعمه.
وذكر موقع والاه العبري، أنه “بسبب الفترة الحساسة، تم تعزيز فرقة يهودا والسامرة بوحدات خاصة وسرايا قتالية لأغراض تأمين الطرق، والمستوطنات، والتعامل مع الأحداث العنيفة والاعتقالات على نطاق واسع”.
ونقل الموقع تقديرات جيش الاحتلال و”الشاباك”، بأن إطلاق سراح أسرى صفقة غزة إلى الضفة الغربية، “من شأنه أن يؤدي إلى زيادة التحريض ضد إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والتطرف في الشارع الفلسطيني، وتشجيع الشباب على … تنفيذ عمليات”، وفقاً للمزاعم الإسرائيلية، فيما تم عرض المخاطر والفرص، على المستوى السياسي.