استشهد 67 فلسطينيًّا في مجزرة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي عندما أطلقت النار على حشود منتظري المساعدات غرب مدينة غزة شمالي القطاع، وسط تفاقم المجاعة ووصولها إلى مستويات تنذر بحالات وفاة جماعية. وإلى ذلك أعلنت وزارة الصحة في غزة إصابة 150 فلسطينياً بينهم حالات خطيرة جداً، وصلوا إلى مستشفيات القطاع منذ فجر اليوم.
وأفادت مصادر طبية للأناضول الأحد، بارتفاع حصيلة القتلى جراء القصف المدفعي وإطلاق النار من الآليات الإسرائيلية على منتظري المساعدات في محيط منطقة السودانية إلى 73 فلسطينيا.
ونقل مراسل الأناضول، عن مصادر طبية وشهود عيان، أن قصفا مدفعيا وإطلاق نار من الآليات الإسرائيلية استهدف حشوداً من منتظري المساعدات في محيط منطقة السودانية، ما أسفر عن وقوع العشرات بين قتيل وجريح.
وأضاف أنه جرى نقل العديد من الضحايا والمصابين عبر العربات ووسائل نقل بدائية.
وأوضح أن 50 قتيلا فلسطينيا على الأقل جراء المجزرة الإسرائيلية وصلوا مستشفى الشفاء، فيما وصل 18 جثمانا إلى عيادة الشيخ رضوان، وجثمانان إلى مستشفى القدس في تل الهوى بمدينة غزة.
وحذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة اليوم الأحد من أن القطاع “يتجه نحو كارثة إنسانية غير مسبوقة مع تواصل الإبادة بالقتل والتجويع الجماعي ضد أكثر من 2.4 مليون إنسان بينهم 1.1 مليون طفل”.
وقال المكتب في بيان: “نحن على أعتاب مرحلة الموت الجماعي بسبب إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لجميع المعابر منذ أكثر من 140 يوماً، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وحليب الأطفال والوقود، وتشديد الحصار بشكل كامل، ونفاد الغذاء والدواء واستمرار سياسة التجويع”، مضيفاً: “العالم يتفرج على ذبح غزة وقتلها بالتجويع والإبادة دون أن يُحرّك ساكناً. نحن أمام أكبر مجزرة جماعية في التاريخ الحديث”.
وأطلقت سيارات الإسعاف في غزة، الأحد، صفاراتها بشكل موحد في نداء استغاثة وتحذير من تفاقم المجاعة وتدهور الوضعي الصحي بالقطاع المحاصر. وقالت وزارة الصحة إنها توجه نداء عاجلاً إلى الجهات المعنية للضغط على الاحتلال لإدخال المساعدات.
وأصدر الجيش الإسرائيلي الأحد أمر إخلاء “فوري” للفلسطينيين وسط قطاع غزة تمهيداً لتوسيع عملياته ضد مقاتلي حركة “حماس”.
وقال المتحدث باسم الجيش للإعلام العربي أفيخاي أدرعي إن الجيش “يوسع أنشطته” في المنطقة الجنوبية الغربية من دير البلح وهي “منطقة لم يعمل فيها من قبل”.
وخاطب الموجودين في المنطقة “من أجل سلامتكم أخلوا المكان فوراً وانتقلوا جنوباً نحو المواصي”.
وأفادت مصادر طبية من المستشفيات، إن مشفى السرايا الميداني في وسط مدينة غزة استقبل قتيلين اثنين فيما استقبل مستشفى المعمداني قتيلا واحدا جراء ذات المجزرة.
وكانت مصادر طبية أفادت في وقت سابق الأحد، بمقتل 51 فلسطينياً وإصابة أكثر من 100 آخرين، منذ الصباح، جراء استهداف الجيش الإسرائيلي منتظري المساعدات الإنسانية شمال غرب قطاع غزة.
فيما قال شهود عيان إن الآليات الإسرائيلية حاصرت حشود منتظري المساعدات وأطلقت النار والقذائف تجاههم.
وقال مصدر طبي بمستشفى الشفاء إن المستشفى يطلق نداء عاجلا للمواطنين من أجل التبرع بالدم نظرا للحاجة الماسة بسبب النقص الحاد في مخزون بنك الدم نتيجة الظروف الراهنة، من أجل إنقاذ أرواح المصابين الذين يصلون تباعا.
وأفادت مصادر طبية للأناضول بأن الوضع بمستشفيات مدينة غزة “كارثي” نتيجة توافد عشرات الإصابات في وقت متزامن، “ما أثقل كاهل المنظومة الطبية التي تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات، وحالة شبه انهيار” نتيجة حرب الإبادة المستمرة منذ 22 شهرا.
تزامناً، أكد المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة الصحافة الفرنسية مقتل سبعة أشخاص خلال ضربات إسرائيلية ليلية في مدينة غزة وجنوب القطاع.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أيضاً تكثيف عملياته البرية في جباليا شمال قطاع غزة.
وبحسب بيان الجيش فقد تمكن من “تدمير المئات من المباني المستخدمة لأغراض إرهابية والعثور على وسائل قتالية كثيرة والقضاء على عشرات المخربين”.
وقال إن قواته عثرت على “مسارات عدة يبلغ طولها الإجمالي 2.7 كم وعمقها 20 متراً تحت الأرض في جباليا، ودمرتها”.
ويعيش في قطاع غزة 2.4 مليون نسمة، معظمهم نزحوا مرة واحدة في الأقل منذ الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) قال في يناير (كانون الثاني) الماضي إن أكثر من 80 في المئة من أراضي قطاع غزة مشمولة بأوامر إخلاء إسرائيلية لم يتم إلغاؤها.
من جهته، أعرب منتدى عائلات الأسرى والرهائن المحتجزين في قطاع غزة عن قلقه من خطر إصابتهم خلال الضربات الإسرائيلية.
وطالبت العائلات الجيش بـ”توضيح خطة القتال للمواطنين الإسرائيليين ولأسر المحتجزين بصورة عاجلة، وشرح كيف تضمن هذه الخطة حماية من لا يزالون في غزة”.
خلال الأسبوعين الماضيين شاركت وفود تفاوضية تابعة لإسرائيل وحركة “حماس” في محادثات غير مباشرة لوقف إطلاق النار مدة شهرين مقابل إطلاق سراح 10 رهائن على قيد الحياة.
وفي تل أبيب، تظاهر مساء السبت أهالي الرهائن، مطالبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب بإعادة المحتجزين وإنهاء الحرب.
وفي 27 مايو/ أيار الفائت، اعتمدت تل أبيب وواشنطن خطة لتوزيع مساعدات محدودة بعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
وفاقمت هذه الآلية معاناة الفلسطينيين في غزة، حيث يطلق الجيش الإسرائيلي النار على المصطفين لتلقي المساعدات ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص.
وتسببت هذه الآلية، التي باتت توصف بأنها “مصائد للموت”، في مقتل 995 فلسطينيا، وإصابة 6 آلاف و11 آخرين، إضافة إلى 45 مفقودا منذ 27 مايو الماضي، وفق آخر بيان للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة الأحد.
ومنذ 2 مارس/آذار 2025، تغلق إسرائيل جميع المعابر مع القطاع وتمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية، ما تسبب في تفشي المجاعة داخل القطاع.
وتشن إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، نحو 200 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.