بواسطة هذا المقال سيتم التعرف على التركيبة النفسية والمعرفية التي تقف وراء سلوكيات التطرف والإرهاب، حيث أن العقل المتطرف، هو مزيج من السمات النفسية المحافظة والعقائدية، ويكون في العادة حذراً على المستوى المعرفي، وأبطأ في معالجة المسائل المتعلقة بالجانب الإدراكي، وأضعف في الذاكرة العاملة، بالإضافة إلى تمتع هذه الجماعات بسمات شخصية متهورة تسعى إلى الإحساس والتجارب المحفوفة بالمخاطر.
ولو تطرقنا لتفاصيل الخريطة النفسية والذهنية لهذه الجماعات الإرهابية المتطرفة سنجد الكثير من المشاكل النفسية، لأن لديهم مزيجاً معيناً من سمات الشخصية وأنواع الإدراك اللاواعي (الطرق التي يستقبل بها دماغنا المعلومات الأساسية) والذي يدفعهم للقيام بهذه السلوكيات والتي تظهر كمؤشرات قوية كالأفكار المتطرفة عبر مجموعة من المعتقدات، بما في ذلك القومية التي يستغلها الحوثي مثل شعاراته الزائفة بأنه سوف يحرر فلسطين وهو أضعف من ذلك ولن يستطيع تحرير نفسه من المعتقدات الخرافية غير الحقيقية، وكذلك الحماسيات الدينية التي يخاطب بها دائماً الطبقات المجتمعية الأدنى والتي يكون مستواها التعليمي والثقافي ضعيفاً جداً، أما بالنسبة للمتعلمين والمثقفين الذين يمارسون معتقداته ويرددون شعاراته هم اشخاص نفعيون ليس إلا، وبالإجبار والإكراه لهم من قبل هذه المليشيات.
أيضاً البناء العقلي والمعرفي لهذه الجماعات تتسم بضعف الذاكرة العاملة (النظام الذي يحتفظ بالمعلومات المؤقتة في العقل والمطلوبة لمهام مختلفة في الوقت اللحظي) وبطء “الاستراتيجيات الإدراكية”- المعالجة اللاواعية للمثيرات المتغيرة، فضلاً عن الميول نحو الاندفاع والسعي إلى الإحساس بالقوة والنصر الوهمي؛ على سبيل المثال لأنهم لا يملكون خيارات سلمية، كالاقتصاد، والتعليم، والتربية والفن، والحوار، دائماً يلوحون بالقوة الصاروخية التي تشعرهم بالقوة.. لا خيار لديهم فهم فقراء الخيارات السلمية وغير واثقين من أنفسهم، ويكذبون على أتباعهم وعلى المجتمع الذي يسيطرون عليه بأن معاركهم دائماً منتصرة، وهذا يسمى بالخداع النفسي أو بمعنى اخر التبرير وكلها حيل نفسية يلجأ إليها المريض نفسياً الذي فقد الثقة بنفسه وبالواقع.
كذلك تتسم هذه الجماعة الإرهابية بسمات متفاوتة ومتناقضة تمتزج مع بعضها وتنتج سلوكاً، كالسمات المعرفية والعاطفية بتأييد العنف دعماً لـ “مجموعة الأفكار والمعتقدات” التي تدعم المحافظة على أهدافهم السياسية الشرسة ومغالطاتهم الاجتماعية وفشلهم الاقتصادي خصوصاً عندما تسيطر على مقدرات دولة (كمليشيات الحوثي)، فضلاً عن “التعصب”، والذي يظهر من خلال الأشخاص الذين لديهم نظرة عالمية ثابتة ويقاومون الأدلة؛ على سبيل المثال الحوثي لديه ناشطون وداعمون ولاعبون سياسيون واقتصاديون خارج اليمن ويشاهدون التطورات الاقتصادية والتكنولوجية والفوارق الحضارية التي صنعتها هذه الأمم إلا أنهم يقاومون كل ذلك، والسبب يعود إلى بنائهم المعرفي والنفسي المؤدلج والذي بني على معتقد ديني واجتماعي عنصري يرون أنفسهم أفضل من الآخرين ويتحدثون مع أنفسهم بأننا المصلحون للجانب الإنساني والتشريعي في الأرض ونحن وكلاء الله في الأرض وعندما نتمكن من السيطرة على الجزيرة سنبني ما نطمح إليه، نفسياً هي أوهام واحلام لا أساس لها من الصحة نابعة من وعاء شخصي ضعيف الترابط في اركان الشخصية.
أيضاً نجد أدمغة الأشخاص المتعصبين والإرهابيين أبطأ في معالجة الأدلة الإدراكية، ولكنهم أكثر اندفاعاً من حيث الشخصية، وهذا المؤشر العقلي للتطرف في مختلف المجالات هو مزيج من السلوكيات المحافظة والتعصبية، وهذا قانون في علم نفس الشخصية يتم من خلاله التعرف على كثير من الناس كانوا أشخاصاً جيدين في مجتمعاتهم، وأصبحوا متطرفين أو تبنوا آراءً سياسية متطرفة بشكل متزايد، وهذا يعتبر مرضاً نفسياً، وإذا أردنا معرفة لماذا يكون هؤلاء الأفراد أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض أو مصابين به”؛ في قواعد تحليل شخصية المضطرب سلوكياً لا بد من فحص الإدراك العاطفي “الساخن” إلى جانب الإدراك اللاواعي “البارد” لمعالجة المعلومات الأساسية والتي غالباً ما تكون وراء تطرفه، يمكننا أن نرى تركيباً نفسياً لأولئك المعرضين لخطر الانخراط في أيديولوجية بطريقة متطرفة”؛ بمعنى أن الصعوبات الدقيقة في المعالجة العقلية المعقدة (الدينية) قد تدفع الناس دون وعي نحو عقائد متطرفة تقدم تفسيرات أكثر وضوحاً وتحديداً للعالم (مثل محاضرات حسين الحوثي)، مما يجعلهم عرضة لأشكال سامة من الأيديولوجيات العقائدية والاستبدادية”، بشكل مبسط هذه الجماعات تطرح قضايا دينية جدلية على انها معقدة ولا مساس فيها، وفي الوقت نفسه تقدم بدائل سهلة وبسيطة للآخرين مما يؤمنون بها ويمارسونها كالاستشهاد والجهاد، وكثيراً ما يستهدفون الأطفال والشباب الذي تدور في اذهانهم كثير من التساؤلات الوجودية لكثير من المسائل الحياتية.
ومن أجل دعم عقائدهم الأيديولوجية وافكارهم المتطرفة يسعون دائماً لاتخاذ تدابير تساعدهم وتساهم في دفع هؤلاء الأطفال والشباب والمجتمعات للتطرف من خلال بث المشاكل الاجتماعية والعمل على زيادة الانقسامات الأيديولوجية ليستمروا في تغذية عقول الأطفال والشباب وبقية الفئات المجتمعية المستهدفة بأفكارهم السامة ومشاريعهم التدميرية، وهو ما نلاحظه حالياً في اليمن في ظل سيطرة مليشيات الموت والإرهاب الحوثية.