الحوثيين وورطة انتهاء حرب غزة
تقرير خاص
كانت القضية الفلسطينية العادلة ولاتزال ذريعة تستخدمها ميليشيات الحوثي لتبرير استيلائها وتسلطها وقمعها للشعب اليمني، وأحد الأوراق التي لعبت بها على مدار سنوات لتبرير تدهور الأوضاع وإشغال الشعب بالقضية الأممية، في الوقت الذي كان الوضع الداخلي في البلاد يتدهور بشكل متسارع، ومع اعلان وقف اطلاق النار في غزة صارت هذه الميليشيات تواجه أزمة حقيقة في إيجاد مبررات لاستمرار سياستها ونهبها للتجار والمال العام، وقريبا ستجد نفسها لامحالة في مواجهة مباشرة مع الشعب الغاضب التي اسكتته الجماعة بشعارات “القدس وفلسطين” وباسم فلسطين حشدت الأنصار وحافظت على التأييد الشعبي، وبحسب محللين يجد الحوثيون أنفسهم حاليا في موقف صعب مع تزايد المطالب المحلية بتحسين الظروف الاقتصادية، وتقديم حلول جادة لوقف انهيار العملة اليمنية، ويواجهون ضغطاً داخلياً حقيقياً من الشعب الذي يتطلّع للتغيير والتنمية، وعلى مطى عشر سنوات لم يجد سوى مزيد من الانقسامات والفوضى.
يقول المراقبون إن التحدي الأكبر الذي يواجه الميليشيات الآن هو قدرتها على تلبية مطالب الشعب في ظل أجواء السلام والاستقرار التي لا يمكنهم الاستمرار في العيش تحت ظلها، خاصة وان أعمالهم السياسية والعسكرية ومناوراتهم وشعاراتهم تعتمد أساسًا على استمرار النزاع والاضطراب، وإذا كان السلام هو الخيار الذي يفرض نفسه، فإن هذه الميليشيات قد تجد نفسها محاصرة في زوايا ضيقة وخيارات اضيق، مع عدم قدرتها على تنفيذ شروط السلام ومتطلباته.
وفي ضوء هذا المأزق، ترى تقارير واستطلاعات بأن الميليشيا قد تجد نفسها في حاجة إلى تكوين تحالفات جديدة أو حتى تغيير إستراتيجياتها بدلا من الاستمرار في استعداء العالم و جلب التدخلات الخارجية، وسيكون عليها أن تواجه حقيقة أن فشلها في تقديم حياة أفضل للشعب اليمني هو السبب الرئيسي لتدهور الأوضاع، وهو ما سيجعل الشعب أكثر قدرة على المطالبة بالتغيير، وستكون الميليشيات مع مرور الوقت مضطرة إلى اتخاذ خطوات ملموسة نحو تحقيق الاستقرار الداخلي، الأمر الذي يضعها في موقع محرج بالنظر إلى ماضيها السياسي والعسكري.
وينصح الخبراء الميليشيات بأن تعي أن العالم بدأ يتغير، وأن هناك مطالب داخلية ملحة تستدعي منها الاستجابة لتطلعات الشعب، لأنها إذا استمرت في الاعتماد على الشعارات والمناورات السياسية فإنها سوف تفقد زمام الأمور في اي لحظة، خاصة بعد اقتناع العالم بان التجارة البحرية اصبحت في خطر بسبب الهجمات التي نفذتها الجماعة على السفن التجارية في البحر الاحمر بدعوى فك الحصار عن غزة، مايرجح قيام الدول الكبرى والتجارية باتخاذ تدابير صارمة لضمان عدم قيام الحوثيين بمغامرات مماثلة في المستقبل.
في هذا السياق، يقول الأكاديمي وعضو مركز الدراسات والبحوث في محافظة مارب أ. عبدالله الشرعبي لموقع الوعل اليمني: “انتهاء الحرب المأساوية في غزة يشكل تحديًا كبيرًا للميليشيات الانقلابية التي لطالما اعتمدوا على قضية فلسطين وغزة أداة للشد العاطفي والتعبئة السياسية، فعلى مدى السنوات الماضية كانت فلسطين بالنسبة لهم بمثابة شماعة تعلق عليها الأزمات الاقتصادية والإنسانية داخل اليمن في محاولة لتخفيف الضغط عنهم لكن مع انتهاء الحرب أو توقفها، لن يكون لديهم نفس الذريعة لاستمرار الأوضاع الحالية التعيسة في البلاد”.
مضيفا: الميليشيات الحوثية التي استفادت من حالة التأجيج العاطفي على مدار السنوات الماضية ستجد نفسها الآن أمام محك حقيقي، وسيكون عليها أن تواجه الحقيقة: تدهور الوضع الاقتصادي، وانهيار المؤسسات الحكومية، واستمرار المعاناة اليومية للمواطنين، هذه الميليشيات، التي لم تقدم منذ عقد من الزمان أي حلول فعلية لتحسين حياة اليمنيين، ستجد نفسها مجبرة على تلبية مطالب الشعب المتزايدة في تحسين الوضع الاقتصادي، توفير الخدمات الأساسية، ورفع مستوى المعيشة وهذا ما يصعب عليهم تحقيقه.