متابعات/ أنباء عدن
أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبيرغ، ودبلوماسيون، ومسؤولون يمنيون، عن التوصل إلى صيغة نهائية لاتفاق “خارطة السلام في اليمن” يتضمن معالجات الملفين الاقتصادي والانساني وفي مقدمها استئناف صرف رواتب جميع موظفي الدولة في عموم أنحاء الجمهورية، وتوحيد الإيرادات العامة للدولة وإدارة البنك المركزي اليمني وطبعات العملة.
وقال المبعوث الأممي غروندبيرغ في بيان على حساب مكتب بعثته على منصات التواصل الاجتماعي: إنه “التقى في الرياض اليوم بالرئيس اليمني رشاد العليمي، لبحث الخطوات التالية نحو التوصل إلى اتفاق حول تدابير تحسين الظروف المعيشية في اليمن، ووقف مستدام لإطلاق النار يشمل عموم البلاد، واستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة”.
مضيفا في تدوينة أخرى على الحساب الرسمي لمكتب بعثته الاممية، بمنصة التدوين المصغر إكس (توتير سابقا): “أيضًا التقى المبعوث الخاص بالسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، لمناقشة تقدم جهود وساطة السلام في اليمن وأهمية إستمرار الدعم الإقليمي المتضافر”. والتي سبق أن أعلن مطلع الاسبوع عن إحرازها تقدما كبيرا باتجاه الاتفاق.
وصرح المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبيرغ في الثلاثين من نوفمبر الفائت، من العاصمة السعودية الرياض: أنه “التقى بوزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في #الرياض وناقشا التقدم نحو اتفاق أطراف النزاع على إجراءات لتحسين الظروف المعيشية لليمنيين، ووقف مستدام لإطلاق النار، واستئناف عملية سياسية يمنية-يمنية جامعة برعاية أممية”.
مضيفا في بيان مقتضب نشره على الموقع الإلكتروني لمكتبه في العاصمة الاردنية عمَّان وحساباته بمنصات التواصل الاجتماعي: “وأعرب المبعوث الأممي الخاص عن تقديره للدعم السعودي لجهود الوساطة الأممية في اليمن، كما شدد على ضرورة استمرار الدعم الإقليمي المتضافر لليمن في تقدمه نحو تحقيق سلام مستدام ومستقبل يلبي تطلعات جميع اليمنيين واليمنيات”.
جاءت لقاءات المبعوث الأممي غروندبيرغ في الرياض، عقب يوم على لقاءات عقدها في العاصمة العُمانية مسقط، قال عنها: إنه “واصل جهوده لتعزيز عملية السلام في اليمن أثناء زيارته إلى مسقط. والتقى بكبار المسؤولين العمانيين وكبير مفاوضي أنصار الله، وممثلين عن أحزاب سياسية يمنية لمناقشة تحقيق وقف دائم لإطلاق النار واستئناف عملية سياسية جامعة”.
من جانبه، أكد السياسي اليمني المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، والسفير الدولي للسلام، عبدالعزيز العقاب، والذي يرأس “منظمة فكر للحوار والدفاع عن الحقوق والحريات”، التوصل إلى صيغة نهائية لاتفاق “خارطة السلام في اليمن”، وكشف تفاصيل أبرز بنود الاتفاق على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ذكرر منها “تسليم الرواتب كاملة على ثلاثة مراحل متتالية”.
وقال: “سلام الله عليكم أجمعين، وجئناكم بنبأٍ يقين”. وأردف: “للذين يحاولون زرع اليأس لأنهم يخافون من السلام ويلجؤون للتشويش أوالتشكيك أقول لكم وأذكركم بما أنكرتموه سابقاً: قلنا ستقف الحرب فأنكرتم وتوقفت وقلنا ستكون هدنة فأنكرتم فوقعت وقلنا هناك حوار بين صنعاء والرياض فأنكرتم وحصل، وشاهدتم ذلك والآن أقول لكم سوف يتم ماذكرناه ولن يجدي تشكيككم”.
مضيفا: “سيتم تسليم الرواتب كاملة على ثلاثة مراحل متتالية، وفتح الطرقات والترتيب للطرق الملتمسه، وفتح المطار (مطار صنعاء الدولي) إلى وجهات جديدة، وتبادل الموقوفين (الأسرى والمحتجزين) وتشكيل لجنة خبراء إقتصادية، ولجنة سياسية تهيئ للحوارات الشاملة والوصول للحلول المستدامة، والتوقيع عقب الهدنة القادمة، فلا مجال للعرقلة فالسلام هو الضمانة للمنطقه”.
عززت هذه الأنباء ما نقلته صحيفة “البيان” الإماراتية، أمس الأربعاء، عن دبلوماسين من تأكيدات التوصل إلى “اتّفاق مرتقب بين الرياض وصنعاء، يقود إلى اتّفاق شامل للسلام في اليمن”. وقالت: إن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبورغ، كثّـف جولاته إلى عواصم المنطقة؛ بهَدفِ الدفع نحو إبرام (اتّفاق مبادئ) يقود في نهاية المطاف إلى اتّفاق شامل للسلام”.
والسبت الفائت، بدأت المملكة العربية السعودية، رسميا، بحث ترتيبات انسحاب قوات التحالف ممثلة بقوات المملكة وما تبقى من قوات إماراتية والقوات السودانية من أنحاء اليمن، بموجب اتفاق “خارطة السلام في اليمن” بينها وجماعة الحوثي، الجاري وضع اللمسات الاخيرة عليها، في العاصمة السعودية الرياض، رغم تحفظ مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية المعترف بها.
تفاصيل الاتفاق
يأتي هذا بعدما سرب أكبر المكونات السياسية للشرعية اليمنية، حزب التجمع اليمني للإصلاح، وحزب المؤتمر الشعبي العام، رسميا، تفاصيل المفاوضات الجارية في العاصمة السعودية الرياض، واتفاق “خارطة السلام في اليمن” المزمع التوقيع عليه خلال أيام، حسب تأكيد دبلوماسيين وسياسيين، وتأكيدهما “ان المملكة العربية السعودية توشك أن توقع اتفاقا مع جماعة الحوثي الانقلابية”.
من جانبها، سربت صحيفة “غارديان” البريطانية، تفاصيل الاتفاق المزمع توقيعه بين السعودية وجماعة الحوثي، وقالت: إن محادثات السعودية مع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية تأتي “لتقديم خريطة طريق منقحة من شأنها أن تؤدي إلى مغادرة القوات الأجنبية اليمن، في غضون ستة أشهر”.
وتابعت الصحيفة البريطانية، قائلة: إنه “سيتم بموجب اتفاق خريطة الطريق الجديدة، تحويل مبالغ كبيرة من عائدات النفط اليمني، إلى الموظفين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي”. مردفة: إن السعودية “ستقوم أيضًا بتمويل دفع الرواتب لعشرات الآلاف من الموظفين الحكوميين الذين لم يتقاضوا رواتبهم”.
معلقة في الوقت نفسه على الانتقادات السياسية لتوجه السعودية، بما فيها معارضة “المجلس الانتقالي الجنوبي”، بقولها في تقرير لها: إنه “يزعم منتقدو الاتفاق أنه يمكّن الحوثيين، لكن المملكة العربية السعودية، حريصة على الخروج من الحرب الأهلية في اليمن، تريد إنهاء مشاركتها في أسرع وقت ممكن”.
وأردفت: “من شأن الصفقة أن تؤدي إلى توحيد البنكين المركزيين والعملة في البلاد، كما سيتم إنشاء منطقة حدودية عازلة”. كاشفة عن “نقاشات إقامة دولة منفصلة للجنوب لاحقا” ومعارضة جماعة الحوثي اي تدخل سعودي او اماراتي في تقرير مصير اليمن وشكل دولته، وما إذا كانت موحدة أو فيدرالية.
وأصدرت السعودية، منتصف نوفمبر الجاري، اعلانا مبهجا لجميع اليمنيين بلا استثناء، يتضمن بنود اتفاق ما سمته “خارطة السلام في اليمن”، والمزمع توقيعه خلال ساعات من الان، بين مختلف الاطراف، ويتصدره الملف الانساني والاقتصادي وما يتعلق باستئناف صرف رواتب موظفي الدولة في عموم الجمهورية.
تصعيد الحوثي
من جانبهم ، ربط مراقبون للشأن اليمني هذا التقدم في المفاوضات الجارية بوساطة عُمانية بين السعودية مع جماعة الحوثي، وتصعيد الاخيرة العسكري وشنها هجمات على الكيان الإسرائيلي بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة بزعم “نصرة الشعب الفلسطيني ودعم المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة”.
مشيرين إلى أن “المبعوث الامريكي إلى اليمن كان ألمح نهاية أكتوبر الفائت إلى تجدد الحرب في اليمن”. وأعتبروا هذا التحول “تراجعا امريكيا عن خيار الحرب على جماعة الحوثي مقابل تراجع الاخيرة عن توسيع دائرة الصراع في المنطقة وايقاف هجماتها الجوية على اسرائيل العابرة لاراضي وأجواء السعودية والاردن ومصر”.
وخلال الأسابيع الماضية، أعلنت جماعة الحوثي الانقلابية، وأكد جيش الاحتلال الاسرائيلي، تنفيذ تسع هجمات حتى الان على الكيان الاسرائيلي، اخرها ليل الخميس الفائت، بـ “اطلاق دفعة من الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية على أهداف مختلفة وحساسة للعدو الإسرائيلي في الأراضي المحتلة, ام الرشراش (ايلات)”.
ترافق هذا مع إبلاغ المبعوث الأمريكي إلى اليمن، تيم ليندر كينغ، رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بموقف الولايات المتحدة الامريكية من مسار السلام في اليمن والاتفاق المزمع توقيعه في العاصمة السعودية الرياض، بنتائج المفاوضات المباشرة وغير المباشرة بين التحالف بقيادة السعودية وجماعة الحوثي الانقلابية.
وشهدت جولة المفاوضات المباشرة الثانية في الرياض نهاية سبتمبر الفائت، بين التحالف بقيادة السعودية وجماعة الحوثي، بعد لقاء رسمي وعلني مماثل في صنعاء منتصف ابريل الماضي؛ لقاء وفد الحوثي مع وزير الدفاع السعودي الامير خالد بن سلمان، حظي باحتفاء اعلامي سعودي واسع باعث على الريبة بنظر مراقبين.
كما سربت جماعة الحوثي الانقلابية لصحيفة عربية، ذائعة الصيت، نتائج أول لقاء للجماعة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ونقاط الاتفاق التي توصلت إليها ثاني جولة مفاوضات مباشرة وعلنية بينها والتحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، المختتمة أعمالها بوساطة سلطنة عُمان، وكذا نقاط الافتراق أو التي ماتزال عالقة.
من جانبها، انفردت بريطانيا بإعلان أهم مخرجات مفاوضات العاصمة السعودية الرياض، في خبر بثته وكالة الانباء البريطانية (رويترز)، أكد نقلا عن مصادر دبلوماسية “إحراز تقدم” في المفاوضات بين السعودية ووفد جماعة الحوثي خلال خمسة أيام، والاتفاق على بنود عدة بينها آلية توحيد إيرادات الدولة واستئناف دفع رواتب جميع الموظفين.
واتفق الجانبان السعودي وجماعة الحوثي في وقت سابق، بإعلانهما قبل بدء جولة مفاوضاتهما المباشرة الثانية في الرياض، أن الاخيرة ستركز في المقام الاول على وقف دائم لإطلاق النار والملفين الانساني والاقتصادي ومغادرة قوات التحالف اليمن وإعادة بناء الثقة بين مختلف الاطراف تمهيدا لمفاوضات سياسية لإقرار اتفاق سلام شامل ودائم.
جاء هذا، عقب تحريك الوساطة العُمانية منتصف اغسطس الفائت، إثر تصعيد جماعة الحوثي خطابها السياسي بشأن الهدنة المنتهية في اكتوبر الماضي، وأن “حالة اللاسلم واللاحرب لن تدوم طويلا”، وتكثيفها اجراء العروض والمناورات العسكرية، والتهديد الصريح بـ “استئناف الحرب لانتزاع حقوق الشعب اليمني المشروعة” حسب تعبيرها.
وعقدت المملكة العربية السعودية منذ سبتمبر 2022م مفاوضات غير مباشرة مع جماعة الحوثي الانقلابية عبر وساطة عُمانية ورعاية المبعوث الاممي إلى اليمن، لتمديد الهدنة ستة اشهر مع توسيع بنودها لتشمل دفع رواتب الموظفين وفتح المطارات والموانئ والطرقات واطلاق الاسرى، وبدء ترتيبات انهاء الحرب واحلال السلام في اليمن.
يشار إلى ان السعودية دفعت بالوساطة العُمانية، نهاية 2021م، عقب تمادي مليشيا الحوثي الانقلابية في استهداف المنشآت النفطية والاقتصادية في كل من المملكة العربية السعودية والامارات، بالطائرات المسيرة المفخخة والصواريخ الباليستية، تحت عنوان “حق الرد على غارات طيران التحالف وحصار ميناء الحديدة ومطار صنعاء”. حسب زعمها.