هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، بمنع وصول كييف إلى البحر، رداً على هجمات الطائرات المسيّرة الأوكرانية على ناقلات أسطول الظل الروسي في البحر الأسود.
وانطلقت محادثات بين بوتين والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وصهر الرئيس دونالد ترمب جاريد كوشنر حول أوكرانيا في الكرملين.
وأظهرت صور نشرتها وسائل إعلام روسية أن بوتين التقى بالمبعوثين الأميركيين في الكرملين اليوم.
كما أظهرت الصور أن مساعد بوتين، يوري أوشاكوف، والمبعوث كيريل دميترييف شاركا في الاجتماع الذي حضره مترجمون فوريون.
وقال بوتين خلال تصريحات أذاعها التلفزيون، “الحل الأكثر جذرية هو منع أوكرانيا من الوصول إلى البحر، وعندها ستكون القرصنة مستحيلة من ناحية المبدأ”. وأضاف أن روسيا ستكثف ضرباتها على المنشآت والسفن الأوكرانية.
في المقابل، أشار وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها إلى أن تصريحات بوتين تظهر أن روسيا تهدد حرية الملاحة في البحر الأسود وأنها ليست مستعدة لإنهاء الحرب. وكتب سيبيها على منصة “إكس”، “لليوم الثاني على التوالي، يدلي بوتين بتصريحات تُظهر أنه لا يخطط لإنهاء الحرب”. وأضاف “بالأمس قال إنه مستعد للقتال خلال فصل الشتاء. واليوم يهدد الموانئ البحرية وحرية الملاحة”.
وذكر مسؤول أمني أوكراني السبت الماضي أن طائرات مسيّرة تابعة للبحرية الأوكرانية أصابت ناقلتي نفط خاضعتين للعقوبات في البحر الأسود خلال هجوم بينما كانتا في طريقهما إلى ميناء روسي للتحميل بالنفط المتجه إلى أسواق خارجية.
وقالت هيئة الملاحة البحرية التركية ووكالة “تريبيكا” للشحن البحري إن ناقلة ترفع العلم الروسي محملة بزيت دوار الشمس أبلغت عن تعرضها لهجوم قبالة الساحل التركي اليوم، ولكن أفراد طاقمها البالغ عددهم 13 لم يتعرضوا لأية إصابات، إلا أن أوكرانيا أوضحت أن لا علاقة لها بالأمر.
وشنت أوكرانيا أيضاً هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على ميناء نوفوروسيسك الروسي على البحر الأسود، مما أدى إلى تعطيل شحنات النفط.
لقاء في أوروبا
وقال مسؤول كبير في كييف لوكالة الصحافة الفرنسية إن وفداً أوكرانياً قد يجتمع مع ويتكوف وكوشنر غداً الأربعاء بعد لقائهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو.
وأضاف المصدر أن “الجانب الأوكراني… لا يستبعد ذلك وهو مستعد” للقائهما، مضيفاً أن المحادثات قد تعقد في بروكسل، لكن لم تصدر بعد الموافقات النهائية حول هذا اللقاء.
وأكد بوتين اليوم أن روسيا “مستعدة” للحرب مع أوروبا إذا أرادت الأخيرة ذلك، متهماً إياها بالسعي إلى تخريب اتفاق لوقف القتال في أوكرانيا.
وقال بوتين قبيل محادثاته مع ويتكوف وكوشنر، “لا نخطط للدخول في حرب مع أوروبا، لكن إذا أرادت أوروبا ذلك وبدأت، فنحن مستعدون حالياً”، مضيفاً أن “الأوروبيين منزعجون من استبعادهم من المفاوضات، لكنهم… استبعدوا أنفسهم، كان ذلك بمبادرتهم”. وأردف على هامش منتدى اقتصادي “ليس لديهم برنامج سلام، إنهم مع الحرب”.
ودعا القادة الأوروبيين إلى التخلي عن “الوهم” بأنهم قادرون على إلحاق “هزيمة استراتيجية بروسيا” و”العودة للواقع، مرتكزين على الوضع على الأرض”.
قتال مستمر
قالت القوات الأوكرانية، الثلاثاء، إن القتال ما زال مستمراً في مدينة بوكروفسك الاستراتيجية في دونيتسك شرق البلاد، غداة إعلان موسكو السيطرة عليها بعد أشهر من المعارك.
وجاء ذلك غداة نشر قوات الدفاع الروسية فيديو ذكرت أنه يظهر رفع العلم الروسي في ساحة المدينة.
وكتبت القيادة العسكرية الشرقية الأوكرانية التي تتولى العمليات في تلك المنطقة في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي “تتواصل عمليات البحث والهجوم والقضاء على العدو في بوكروفسك”.
وأوضحت، من دون أن ترد بصورة مباشرة على موسكو، أن القوات الروسية التي رفعت علمها في وسط المدينة أجبرت على التراجع.
وأضافت أن روسيا حاولت الاستفادة من الطقس السيئ للتقدم إلى وسط المدينة التي كانت تضم 60 ألف نسمة قبل بدء الحرب في فبراير (شباط) عام 2022.
وأظهر تحليل أعدته وكالة الصحافة الفرنسية بناء على بيانات من مركز دراسات الحرب في واشنطن، أن القوات الروسية حققت الشهر الماضي أكبر تقدم لها في أوكرانيا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2024.
وصرّح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم بأن مفاوضين أميركيين وأوكرانيين “نقحوا” إطار عمل لاتفاق سلام صيغ في جنيف، أثناء محادثات في فلوريدا خلال الأيام الماضية.
وكتب زيلينسكي على منصة “إكس” أن أوكرانيا تتعامل مع المسار الدبلوماسي “بأقصى قدر من الجدية”، وتريد إشراك مزيد من حلفائها الأجانب في العملية، مضيفاً أن روسيا شنت “حملات تضليل” قبل اجتماع بين مسؤولين أميركيين وروس.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت، “أعتقد أن الإدارة متفائلة جداً”، مضيفة أن الرئيس دونالد ترمب وفريقه “عملوا بجد من أجل هذه المساعي ويريدون جميعاً أن تنتهي هذه الحرب”. وأضافت “أول من أمس أجروا محادثات جيدة جداً مع الأوكرانيين في فلوريدا والآن بالطبع، المبعوث الخاص ويتكوف في طريقه إلى روسيا”، حيث من المقرر أن يلتقي بوتين.
جرعة دعم لزيلينسكي
من جهته أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن أمله في البحث مع نظيره الأميركي في “قضايا رئيسة” وصفها بأنها “صعبة للغاية”، متصلة بخطة واشنطن، بعدما أفاد المفاوض الأوكراني رستم عمروف أمس بتسجيل “تقدم كبير” في شأن مسودة الخطة مع أنه أشار إلى أن “تعديلات” لا تزال ضرورية. وشدد زيلينسكي على أن إرساء “أمن حقيقي” يقتضي الحرص على عدم نيل روسيا “أي مكافأة” عن هذه الحرب.
وتلقى زيلينسكي الذي يواجه ضغوطاً سياسية وعسكرية متزايدة جرعة دعم قوية أمس من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي جدد تأكيد استنفار الأوروبيين لضمان “سلام عادل ودائم” لكييف.
ورحب ماكرون بجهود الوساطة الأميركية، لكنه أوضح أن “لا خطة مُنجزة اليوم بالمعنى الدقيق للكلمة”. وأضاف أنه “لا يمكن إنجاز (هذه الخطة) إلا بحضور الأوروبيين حول الطاولة، بالتالي ما زلنا في مرحلة تمهيدية”.
عقب المحادثات أجرى الرئيس الفرنسي اتصالاً هاتفياً بنظيره الأميركي تطرق إلى “شروط إرساء سلام قوي ودائم” وإلى “البعد المركزي للضمانات الأمنية اللازمة لأوكرانيا”، وفق الإليزيه.
تقدم عسكري روسي
في الأثناء قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أمس إن القادة العسكريين الروس أبلغوا بوتين مساء الأحد الماضي بأن القوات فرضت سيطرتها على مدينتي بوكروفسك وفوفشانسك الواقعتين على خط المواجهة بأوكرانيا.
ولم يقر المسؤولون الأوكرانيون بسقوط أي من المدينتين في أيدي الروس. وأفاد الجيش الأوكراني اليوم بوقوع نحو 43 هجوماً شنته روسيا في القطاع المحيط ببوكروفسك.
وقال بيسكوف في تسجيل صوتي نشره صحافيون من الكرملين إن رئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف أبلغ بوتين خلال زيارة لمركز قيادة عسكري بالسيطرة على بوكروفسك.
وتعد بوكروفسك هدفاً رئيساً في تقدم روسيا البطيء عبر منطقة دونيتسك، حيث تتعرض البلدة لهجوم من قبل قوات موسكو منذ أشهر.
وقال بيسكوف “أبلغ غيراسيموف القائد العام بتحرير مدينتي بوكروفسك في (منطقة دونيتسك) وفوفشانسك في منطقة خاركيف، إضافة إلى نتائج عمليات هجومية أخرى للقوات في غيرها من القطاعات”.
وتشهد فوفشانسك التي تقع بالقرب من الحدود الروسية في منطقة خاركيف بشمال شرقي أوكرانيا معارك ضارية منذ فترة طويلة.
وأبلغ قائد ثالث، وهو أندريه إيفانوف، بوتين بالتقدم الروسي جنوباً في منطقة زابوريجيا، فضلاً عن عملية وصفها بأنها أولى المراحل للسيطرة على مدينة هوليايبول.
وأظهر تحليل أجرته وكالة الصحافة الفرنسية لبيانات صادرة عن معهد دراسة الحرب الذي يعمل مع “مشروع التهديدات الحرجة” أن الجيش الروسي حقق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أكبر تقدم له على الجبهة في أوكرانيا منذ عام.
ففي شهر واحد سيطرت روسيا على 701 كيلومتر مربعة في أوكرانيا، وهو ثاني أكبر تقدم لها بعد التقدم الذي أحرزته في نوفمبر عام 2024 والبالغ 725 كيلومتراً مربعة، وذلك باستثناء الأشهر الأولى من الحرب في ربيع 2022.
وأمس الإثنين أعلنت روسيا أنها سيطرت على مدينة بوكروفسك في شرق أوكرانيا، والتي تعد خط إمداد استراتيجياً للقوات الأوكرانية، إضافة إلى بلدة فوفشانسك في شمال شرق البلاد. إلا أن زيلينسكي قلل من شأن هذه المعطيات، مشيراً إلى الطبيعة المتغيرة للمكاسب في حالة الحرب.
أما على الساحة الداخلية، فيواجه زيلينسكي فضيحة فساد لطخت سمعة الحكومة وأطاحت كبير موظفي الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك الذي اضطر إلى الاستقالة.
أسبوع “محوري” لأوكرانيا
ورأت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس قبل اجتماع لوزراء الدفاع في الاتحاد في بروكسل أول أمس أن الأسبوع المقبل قد يكون محورياً لأوكرانيا. ويأمل الأوروبيون بألا تضحي واشنطن بكييف، إذ يخشون أن تدفع أوكرانيا التي تشكل في نظرهم سداً في وجه الطموحات الروسية ثمن تساهل إدارة ترمب مع بوتين.
وقالت عقب اجتماع لوزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل “أخشى أن يمارس الضغط كله على الطرف الأضعف، لأن استسلام أوكرانيا هو أسهل سبيل لإنهاء هذه الحرب”.
وطرحت الولايات المتحدة قبل زهاء 10 أيام خطة مؤلفة من 28 بنداً لإنهاء الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ فبراير (شباط) عام 2022، صيغت من دون أي تدخل من حلفاء أوكرانيا الأوروبيين. وأخذت الخطة في الاعتبار عديداً من المطالب الروسية.
وعدلت واشنطن في المسودة الأصلية مع الأوكرانيين والأوروبيين، قبل أن تنكب على درسها مجدداً بصورة ثنائية مع الأوكرانيين في فلوريدا.







