تشهد العلاقات بين تايلاند وكمبوديا تصعيداً عسكرياً مفاجئاً هو الأخطر منذ سنوات، بعد أن أعلنت السلطات التايلندية اليوم، الإثنين، شنها غارات جوية استهدفت مواقع داخل الأراضي الكمبودية، ما أدى إلى تزايد المخاوف الدولية من انهيار اتفاقيات السلام الهشة التي تحكم المنطقة الحدودية المتنازع عليها.
وجاء هذا التصعيد في أعقاب اتهامات متبادلة حول انتهاك السيادة الوطنية والاشتباك حول منطقة “بري فيهيار”، وهي منطقة خلافية تعود أصول النزاع عليها إلى عقود مضت وتتعلق بالسيادة على معبد تاريخي يقع على الحدود بين البلدين.
وأكدت المصادر الكمبودية أن الغارات الجوية التايلندية أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن أربعة مدنيين في إحدى القرى الحدودية، إلى جانب إصابة عدد غير محدد من الأشخاص، فيما نفت بانكوك استهداف المدنيين، مدعية أن الغارات كانت محددة الأهداف وتستهدف مجموعات مسلحة “خارجة عن القانون” تتمركز على الجانب الكمبودي.
وقد دفع هذا التطور المفاجئ تايلاند إلى اتخاذ خطوات احترازية غير مسبوقة، حيث أعلنت السلطات عن إطلاق عملية إجلاء واسعة النطاق لنحو 200 ألف مدني من المناطق المتاخمة للحدود الكمبودية، خاصة في مقاطعة سا كايو، خوفاً من اتساع رقعة القتال. هذه الخطوة تشير إلى أن بانكوك تستعد لاحتمال تصعيد عسكري طويل الأمد.
وفي الوقت ذاته، دعت القوات المسلحة الكمبودية وحداتها الحدودية إلى “الاستعداد الكامل” لردع أي عدوان إضافي، بينما أكدت وزارة الخارجية في فنوم بنه أنها ستقدم شكوى رسمية عاجلة إلى الأمم المتحدة ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) لطلب تدخل دولي فوري لوقف “العدوان التايلندي”.
على المستوى الإقليمي والدولي، أعربت عدة دول عن قلقها البالغ إزاء هذا التصعيد، حيث أدلى رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، بتصريحات عاجلة، قال فيها إن “تجدد القتال يهدد بتقويض الاستقرار الذي تحقق بصعوبة في المنطقة”، ودعا تايلاند وكمبوديا إلى العودة الفورية إلى طاولة المفاوضات وتفعيل آليات تسوية النزاعات الحدودية القائمة ضمن إطار الآسيان.
وتخشى الدول الأعضاء في التكتل الإقليمي أن يؤدي النزاع إلى زعزعة جهود التعافي الاقتصادي في المنطقة.
ويُتوقع أن يتم عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي خلال الـ 24 ساعة القادمة لمناقشة الوضع وسبل منع تفاقم الأزمة إلى حرب شاملة.







