الأخبار
أخر الأخبار

تحت الحصار والقصف: غزة تدخل مرحلة الإبادة الصامتة

غزة – متابعة الوعل اليمني 

حذّرت وسائل إعلام ومنظمات دولية من أن ما يعيشه قطاع غزة يتجاوز حدود الإحصائيات والتقارير الدورية، ليكشف عن مأساة إنسانية مركّبة تطال شعبًا محاصرًا منذ أشهر، في ظل حرب مستمرة وحصار خانق يعيدان شبح المجاعة إلى الواجهة من جديد.

وقالت وكالة أخبار إيطالية إن على دول العالم الإصغاء إلى معاناة غزة قبل أن يطويها الإغفال والنسيان، مؤكدة أن الأرقام الصادرة عن الضحايا والأزمات لا تعكس وحدها حجم الكارثة، إذ تقف خلفها آلام إنسانية حقيقية، بينما يبدو الحديث عن وقف لإطلاق النار بلا أثر فعلي على حياة المدنيين.

وأضافت الوكالة أن الجيش الإسرائيلي يواصل استهداف المدنيين، في وقت تحوّل فيه الطقس البارد إلى عامل تهديد إضافي، خاصة في صفوف النازحين، حيث تُقام المخيمات ثم تتعرض للقصف أو الحرق، ويُحرم السكان من الخيام والإمدادات الأساسية رغم الإعلان عن هدن سابقة. وأشارت إلى أن الجوع الذي حصد أرواحًا في الأشهر الماضية بات اليوم مقترنًا بالبرد القارس كـ«قاتل صامت» جديد.

وأكد التقرير أن ما يجري في غزة لا يمكن اعتباره حوادث معزولة، بل يندرج ضمن نمط متواصل من الانتهاكات، وثّقته منظمات حقوقية دولية، من بينها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، خلصت في تقارير حديثة إلى أن إسرائيل ترتكب أفعالًا محظورة بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، من خلال فرض ظروف معيشية تهدف إلى التدمير الجسدي للسكان.

وسلّط التقرير الضوء على أوضاع الأطفال الفلسطينيين، معتبرًا أن عام 2025 كان عامًا كارثيًا عليهم، في ظل تعرضهم لأنماط ممنهجة من العنف والاعتقال وسوء المعاملة، إلى جانب المخاطر المستمرة للذخائر غير المنفجرة المنتشرة في أنحاء القطاع، والتي تسببت بمئات الضحايا الإضافيين.

وفي السياق ذاته، حذّرت صحيفة «الغارديان» البريطانية من أن خطر المجاعة في غزة لا يزال قائمًا، حتى مع رفع منظمات مراقبة الغذاء الدولية رسميًا تصنيف «المجاعة» عن القطاع. ووصفت الصحيفة الواقع الإنساني في غزة بأنه «فشل ذريع للإنسانية»، مشيرة إلى أن نحو 100 آلاف فلسطيني لا يزالون يعيشون في ظروف توصف بـ«الكارثية»، وهي أعلى درجات انعدام الأمن الغذائي وفق تصنيف الأمم المتحدة.

وبيّنت الصحيفة أن هذا التصنيف لا يغيّر من واقع العائلات التي تكافح شتاءً قاسيًا، في ظل دمار شبه كامل للاكتفاء الذاتي الغذائي، حيث أصبحت أكثر من 96% من الأراضي الزراعية في غزة مدمرة أو غير قابلة للاستخدام، ما جعل السكان يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الخارجية.

وأكدت «الغارديان» أن هذه الحالة الطارئة ليست نتيجة ظرف عابر أو كارثة طبيعية، بل هي حصيلة مباشرة لحصار طويل الأمد وسياسات ممنهجة، وصفها خبراء قانون دولي ومنظمات حقوق إنسان بأنها تشكل عناصر إبادة جماعية، من بينها استخدام التجويع كأداة، ما أدى إلى وفاة مئات الفلسطينيين بسبب سوء التغذية وحده.

ورغم الحديث عن زيادة محدودة في تدفق المساعدات تحت ضغط دولي، شددت الصحيفة على أن البنية الأساسية للحصار لا تزال قائمة، ما يجعل احتمال عودة المجاعة فورًا أمرًا واقعيًا. وخلصت إلى أن الفلسطينيين سيبقون عالقين في دائرة مصطنعة من البقاء والموت، ما دام الاحتلال العسكري والحصار مستمرين دون حلول جذرية.

ويجمع التقرير الإيطالي والتحذيرات البريطانية على أن غزة تواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة، تتداخل فيها الحرب والحصار والجوع والبرد، في ظل عجز دولي واضح عن وقف التدهور المتسارع، الأمر الذي يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وقانونية متزايدة لإنقاذ ما تبقى من حياة في القطاع المحاصر.

زر الذهاب إلى الأعلى