الأخبار المحلية
أخر الأخبار

تيه أيديولوجي.. مؤتمر للناصريين العرب في بيروت يتحول منبرا لعبدالملك الحوثي بحضور صباحي

أثار حضور المرشح الرئاسي المصري السابق حمدين صباحي وعدد من قيادات التيار الناصري في أعمال الدورة الحادية والعشرين للمؤتمر القومي العربي المنعقد في بيروت موجة واسعة من الانتقادات السياسية والشعبية، وذلك عقب بث كلمة مسجلة لزعيم مليشيا الحوثي عبدالملك الحوثي ضمن فعاليات المؤتمر.

وقد اعتُبرت هذه المشاركة من قبل مراقبين ونشطاء تماهياً صريحاً مع مشروع إقليمي تقوده إيران، وتطبيعاً مع جماعة مصنفة إرهابية في عدد من العواصم العربية والغربية، ما أثار تساؤلات حادة حول مواقف بعض التيارات القومية من تحالفات المنطقة ومفاهيمها المتغيرة حول المقاومة والسيادة.

الجدل تصاعد بشكل خاص بعد أن تضمن برنامج المؤتمر، الذي يُعد منصة تاريخية للحركات القومية واليسارية العربية، بث كلمة لعبدالملك الحوثي تحدث فيها عن ما وصفه بـ”العدوان الأمريكي الإسرائيلي” ودور محور المقاومة في مواجهته، وهو ما أثار استياءً واسعاً، خاصة مع تفاعل بعض الحضور مع الكلمة.

مشاركة صباحي، الذي يُعد من أبرز رموز المعارضة المصرية في العقد الأخير، أضفت على المؤتمر طابعاً من الشرعية السياسية، وهو ما اعتبره منتقدون بمثابة غطاء سياسي غير مباشر لخطاب جماعة الحوثي، التي تتحمل مسؤولية اندلاع الحرب في اليمن وتُتهم بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، فضلاً عن تبنيها شعارات طائفية تتعارض مع المزاج الشعبي المصري والعربي.

في خضم هذا الجدل، أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسومًا غاضبة مثل #صباحي_يطبع_مع_الإرهاب و#الناصريون_والحوثي، معبرين عن استيائهم مما وصفوه بخيانة مبادئ التيار الناصري، الذي لطالما تبنى خطابًا مناهضًا للتدخلات الإقليمية، مشيرين إلى أن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان من أشد المعارضين للمشاريع التوسعية الإيرانية.

كما طالبت شخصيات سياسية وأحزاب قومية أخرى بمساءلة صباحي ورفاقه، داعين إياهم إلى توضيح موقفهم من جماعة الحوثي ومن سياساتها التي تهدد الأمن القومي العربي، لا سيما في ظل تصاعد التوترات في البحر الأحمر، حيث تلعب الجماعة دورًا محوريًا في تهديد الملاحة الدولية.

المحلل السياسي الدكتور أحمد زيدان اعتبر أن ما حدث لا يمكن اختزاله في زلة أو اجتهاد فردي، بل يعكس أزمة فكرية عميقة داخل بعض التيارات القومية، التي تجد نفسها اليوم أمام مفترق طرق بين التمسك بمبادئ الدولة الوطنية أو الانخراط في تحالفات إقليمية تقودها قوى غير عربية، حتى وإن تعارضت مع مصالح شعوبها.

ويأتي هذا الجدل في وقت يمر فيه التيار الناصري في مصر بأزمة داخلية حادة، تتجلى في تراجع شعبيته وتعدد انقساماته، ما يدفع بعض قياداته إلى البحث عن تحالفات خارجية تعيد له بعض الزخم، حتى وإن كان ذلك على حساب ثوابته التاريخية.

المؤتمر القومي العربي، الذي انطلق عام 1990، لطالما مثّل ملتقى للحركات القومية واليسارية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تحولات في خطابه باتت أقرب إلى محور المقاومة الذي تقوده إيران وسوريا وحزب الله، وهو ما يثير تساؤلات حول مستقبل هذا التيار وقدرته على التكيّف مع التحولات الجيوسياسية دون التفريط بمبادئه.

وفي ظل هذا المشهد، يبدو أن التيار الناصري يواجه اختبارًا صعبًا بين استعادة ثقة قواعده أو الانزلاق في تحالفات قد تُفقده ما تبقى من رصيده الرمزي والسياسي.

زر الذهاب إلى الأعلى