الأخبار
أخر الأخبار

خبراء: ترامب يسير على خطى بايدن في “الإدراك المعرفي”

أعرب خبراء بارزون في الصحة العقلية والنفسية، من بينهم طبيب سابق في البيت الأبيض عن قلق يعتريهم في شأن القدرات العقلية لدى دونالد ترمب، مشيرين إلى أن علامات الإصابة بما يسمى “التدهور المعرفي” تظهر عليه [تراجع في التفكير والذاكرة والقدرات العقلية بصورة عامة].

وفي تصريحات إلى “اندبندنت”، قال عدد من المتخصصين، إن مخاوفهم في شأن صحة المرشح الجمهوري إلى الرئاسة الأميركية تشبه مخاوفهم في شأن الرئيس الأميركي جو بايدن قبل انسحابه من السباق الرئاسي، محذرين من أن ترمب “فقد الاتصال بالواقع” [يتحدث ويتصرف بطريقة لا تتماشى مع الحقائق المحيطة به] على ما يبدو، كما يتضح من خطابات الرئيس البالغ من العمر 78 سنة التي تتسم بـ”التشويش” [أو التشتت الذهني إذ يتحدث بشكل عشوائي ويتناول مواضيع كثيرة من دون تركيز]، ومن أدائه “غير المنتظم” في المناظرات الرئاسية.

وينضم هؤلاء إلى عدد متزايد من المتخصصين في الصحة العقلية والنفسية الذين يطالبون بخضوع [ترمب] لتقييم في القدرات الإدراكية موضوعياً وغير متحيز، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

تذكيراً، واجه بايدن (81 سنة) فيضاً من الأسئلة في شأن سلامته العقلية وما إذا كانت تسمح له بتولي منصبه الرئاسي لأربعة أعوام أخرى، وذلك بعد المناظرة الموصوفة بالكارثة ضد منافسه الجمهوري في يونيو (حزيران) الماضي عندما تعثر مراراً وتكراراً في كلماته وجاء كثير من عباراته غير مفهوم وبدأ الكلام يتلاشى منه ويصبح أقل وضوحاً في النهاية. والآن، تتجه كل الأنظار نحو ترمب الذي ينزع إلى الانحراف عن الموضوع قيد النقاش، ويطرح أفكاراً وتأملات غريبة.

وكان [التدهور الإدراكي لدى ترمب] واضحاً تماماً في تجمع ليلة الإثنين في ولاية بنسلفانيا الأميركية، عندما تعرض ترمب للسخرية بسبب “خليط الكلمات” التي تفوه بها [حديث غير منتظم وغير منطقي ومرتبك]. وقال عن منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، “لقد أجرت مقابلة أخرى مع ذلك الرجل الذي أعتقد أنه كان من فيلادلفيا من بنسلفانيا. كان لطيفاً، وكان يسألها عن كل هذه الأمور [لم يكن هذا الجزء من الكلام مسموعاً]، المسائل اليومية، هم لا يتحدثون كما أفعل! من يريد أن يذهب، فليذهب [فليرحل]، هم غير مؤثرين، لديهم، وكم كانت “أي بي سي” [هيئة الإذاعة الأميركية) غير صادقة…”.

ولكن ترمب يصر على أنه يتمتع “بقوة إدراكية”.

في وقت سابق من الشهر الجاري أعرب ريتشارد فريدمان، بروفيسور في الطب النفسي في “كلية وايل كورنيل للطب”، عن قلقه وانزعاجه الشديدين بسبب أداء ترمب في المناظرة في الـ10 من سبتمبر (أيلول). وفي مقال رأي نشره في “أتلانتيك”، قال إن ترمب “أظهر بعض الأنماط [سلوكيات وتصرفات متكررة] الصادمة، وإن كانت مألوفة، التي نلاحظها عادة في صفوف المصابين بالتدهور المعرفي”.

على المنوال نفسه، لم يختلف رأي الدكتور بن ميكايليس، المتخصص في علم النفس السريري، مع الإشارة إلى أنه سبق أن أجرى تقييمات معرفية وإدراكية لصالح المحكمة العليا في نيويورك. وأبلغ “اندبندنت” أن ترمب “في الحقيقة ليس في حالة صحية إدراكية قوية”.

ميكايليس الذي أكد أنه لم يجر تشخيصاً طبياً لترمب بصورة شخصية، ولا يمكنه تالياً تقديم أي تشخيص رسمي يصف حالته الصحية، شاهد مناظرة الرئيس السابق ضد كامالا هاريس في وقت سابق من الشهر الجاري، وأوضح أنها بدأت عند الساعة التاسعة مساء.

وأشار ميكايليس إلى مصطلح “تلاشي الضوء” أو الشمس [بمعنى تدهور الأعراض في المساء]، يستخدم عند التحدث عن المصابين بالخرف، إذ يجدون صعوبة في التعامل مع المواقف والتواصل في الفترات المسائية” [مقارنة بالصباح أو الظهيرة]، ما يشير إلى أن ترمب كان يعاني على ما يبدو تلك الأعراض [خلال المناظرة].

“من الصعب جداً على هؤلاء أن يحافظوا على تركيزهم في موضوع ما”، قال ميكايليس متابعاً، “القدرة على المحافظة على مستوى معين من التركيز لفترة زمنية طويلة، في وقت متأخر من اليوم [تبقى غير متوقعة وصعبة]… قد لا تستوقفك إذا كان الأمر يعني جدك [شخص مسن]. ولكن الأمر مختلف في حالة ترمب لأنه مرشح للرئاسة”.

في ما يتعلق بخطابات ترمب المتعثرة التي تتسم بانتقال غير واضح بين الأفكار وموضوع وآخر من دون أي صلة تجمع بينهما، يجد ميكايليس، أنها تقع عليه وقع الصدمة وتتطابق مع ما يسمى في المصطلح اليوناني “لوغوريا” logorrhoea، أي “الكلام المفرط” [أو “كثرة الكلام”]، وهذا يمكن ربطه بالإصابة بالخرف.

ومن ضمن الأمثلة على [إصابة ترمب بالكلام المفرط] سلوكه في خطاب ألقاه في مدينة بوترفيل بولاية ميشيغان ضمن حملته الانتخابية، إذ قفز ترمب من الحديث عن خسارته مليارات الدولارات في سان فرانسيسكو إلى ترتيبه في قائمة الرؤساء الذين تلقوا معاملة “سيئة جداً” خلال فترة ولايتهم [إذا لم يحصلوا على التقدير والاحترام سواء من وسائل الإعلام أو الجمهور أو السياسيين]. وفي خطاب آخر، بدأ الحديث عن لحم الخنزير المقدد، وانتقل في غضون دقيقة إلى التوربينات الهوائية.

كذلك قال ترمب، إنه يميل إلى الخروج عن الموضوع الرئيس المطروح، متباهياً بما يسميه “التداخل”.

وأضاف، “عندما ألجأ إلى الشبك [ربط المواضيع] من دون التزام النقطة الأساس… أتحدث عن تسع مسائل مختلفة وكلها تترابط معاً في النهاية بصورة رائعة. أصدقائي وهم أساتذة باللغة الإنجليزية يقولون إن أسلوبي هذا في نظرهم “الأروع والأكثر ذكاء وإبداعاً على الإطلاق”.

ولكن آراء الخبراء تخالف ترمب الرأي. ويرى ميكايليس مثلاً، “أنه حديث مفرط ولا يتسم بأي تماسك”.

“مجدداً، أنا لا أقدم أي تشخيص طبي لحالته [ترمب]، ولكن ربما يكون يعاني أحد أعراض داء عقلي شديد أو ربما الخرف. [إنه] العجز عن الحفاظ على التركيز والانتقال عشوائياً من موضوع إلى آخر”، تابع ميكايليس.

“إذا كنت تراقبه، تجد أن [الموضوعات] التي يتطرق إليها غير مترابطة أبداً، ولكن ربما تحمل بعض الارتباط العشوائي في ذهنه، وهذا ما يعانيه على ما يبدو”، أضاف ميكايليس.

ألين فرانسيس بروفيسور ورئيس فخري لقسم الطب النفسي في كلية الطب في جامعة ديوك الأميركية، إضافة إلى أنه واضع “الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية- الرابع” (DSM-IV)، وهو دليل [كتاب توجيهات] معايير التشخيص الخاصة بمجموعة من الاضطرابات العقلية والنفسية.

يعارض فرانسيس “بشدة إساءة استخدام نظام التشخيص هذا”، وفي عام 2016 لم يكن يعتقد أن ترمب يواجه أي أعراض متصلة باضطراب الصحة العقلية.

ولكن استناداً إلى ملاحظاته من بعيد، أخبر فرانسيس “اندبندنت”، أن الحال في اعتقاده قد تغيرت الآن، ومن المرجح أن ترمب “تدهور كثيراً [إدراكياً]” منذ أن تولى منصبه الرئاسي.

وقال فرانسيس، “بداية، يبدو أنه [ترمب] غير متماسك إلى حد كبير. إنه يجد صعوبة في عدم الخروج عن الموضوع الأساسي والتزام الرسالة الرئيسة. إنه متشتت وغير منتظم في أفكاره وأقواله”.

وضرب فرانسيس مثلاً بادعاءات لا أساس لها من الصحة أطلقها ترمب في المناظرة، من بينها، أن الأطفال يساقون إلى “الإعدام” بعد ولادتهم، وأن المدارس تجري عمليات جراحية للأطفال، وأن المهاجرين الهايتيين يأكلون حيواناتهم الأليفة. وأضاف، “الأمور التي يقولها تشير إلى أنه فقد فعلاً الاتصال بالواقع. يبدو لي أن ذلك مرجح، علماً أن ليس في يدنا أن نكون قاطعين في شأن حالة أي شخص من دون تقييم مباشر وشخصي، يبدو أنه ربما قد تدهور كثيراً من الناحية الإدراكية”.

وقال الطبيب النفسي الذي أقر بوجود احتمالية تفسير سلوك ترمب على أنه محاولة متعمدة لجذب ناخبين محددين، إنه لا بد من وجود “حد أقصى لسن” المرشحين للرئاسة الأميركية.

ويوافق طبيب البيت الأبيض السابق الدكتور جيفري كولمان، الذي اهتم بصحة الرؤساء باراك أوباما وجورج بوش وبيل كلينتون، على ضرورة وضع حد [عتبة قصوى] أقصى لسن المرشحين الرئاسيين إذا لم يوافقوا على الخضوع لتشخيص حالتهم الصحية المعرفية [تحديد مستوى الذاكرة والتركيز والتفكير المنطقي…].

وأبلغ كولمان “اندبندنت”، “ليس مسموحاً لك بأن تكون طياراً في شركة طيران بعد سن 65 عاماً بسبب اعتبارات تتعلق بالسلامة العامة، ولا بأن تكون عميلاً في مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد سن 57 عاماً. فما بالك بـ[الرئيس] الذي يتولى أقوى منصب في العالم الحر”.

وقال كولمان الذي لم يسبق أن قام بتشخيص طبي لترمب، إن الفحوص الخاصة بالقدرات والوظائف الإدراكية ستوفر “صورة موضوعية أفضل كثيراً” عما إذا كان المرشح يعاني بعض التدهور الإدراكي، في حالة يكابدها إلى حد ما كل شخص يتجاوز سن الـ60، أو إذا كان دخل مرحلة الخرف التدريجي، وفق كلامه.

ويشير كولمان إلى أن الخرف أكثر شيوعاً لدى الناس في الثمانينيات من عمرهم، وترمب سيبلغ هذه السن بعد عام ونصف العام تقريباً”.

معلوم أن التقييم المعرفي يدرس مفردات الشخص، والتصور المكاني، والتفكير، والذاكرة، والسرعة لديه. يوضح كولمان: “وعليه نعلم أن المفردات عادة ما تبقى كما هي تقريباً، ولكن المعايير الأربعة الأخرى [التصور المكاني، والتفكير، والذاكرة، والسرعة] تبدأ في التدهور الشديد بعد سن الـ70”.

كولمان الذي صدر الآن كتابه بعنوان “تحول الرعاية الصحية الرئاسية: ضمان الرعاية الشاملة للقائد الأعلى في خضم تهديدات القرن الـ21″، يتبنى نفس الآراء والاستنتاجات التي أبداها الخبراء الآخرون في مجاله.

وقال كولمان في هذا الصدد، “إذا استمعت إلى المناظرة أو إلى كلامه كل يوم، تجد أنهما يفتقدان إلى التفكير المنطقي أو القدرة على اتخاذ القرار الحاسم المدروس”.

يبقى أن “اندبندنت” تواصلت مع حملة ترمب الرئاسية للحصول منها على تعقيبات في هذا الشأن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى