ترجماتتقارير
أخر الأخبار

ذعر انخفاض عدد السكان: ماذا يعني التراجع الديموغرافي للعالم؟

إعداد: مجلة البيان


مقدمة

هل البشرية مهددة بفعل زيادة عدد السكان وقلة الموارد، أم أن انخفاض عدد السكان هو ما يهدد مستقبل البشرية حقا؟ بين التحذيرات والآمال، يقف العالم أمام مفترق طرق مصيري، فقد باتت كثير من الدول الآن في خشية حقيقية من زوالها لانخفاض عدد سكانها.

  • المصدر: فورين أفيرز
  • الكاتبة: جينيفر د. سيوبا
  • عن الكاتبة: الرئيسة والمديرة التنفيذية لمكتب المراجع السكانية، ومؤلفة مشاركة لكتاب “الديموغرافيا السامة: الأيديولوجيا وسياسات السكان”.

الرهان التاريخي: سيمون ضد إيرليخ

في عام ١٩٨٠، نشر الخبير الاقتصادي جوليان سيمون مقالاً متحديا منافسه الفكري، عالم الأحياء بول إيرليخ. الذي طرح في كتابه “قنبلة السكان” عام ١٩٦٨ فكرة أن النمو الهائل للجنس البشري يهدد الحياة على الأرض.

  • رؤية سيمون: أصر على أن البشر سيجدون حلولاً مبتكرة للخروج من الندرة، معتبراً الإبداع البشري هو “المورد الأمثل”.
  • الرهان: كان الصراع بين “المتشائمين” (الانقراض بسبب التكاثر) و”المتفائلين” (الأسواق والتقنية ستخفض الأسعار).
  • النتيجة: خسر إيرليخ الرهان؛ فلم يؤدِّ النمو السكاني إلى مجاعة جماعية، بل إلى ازدهار متزايد وارتفاع في مستويات المعيشة.

الواقع الجديد: ثلثا العالم تحت مستوى الإحلال

بعد نصف قرن، تغير النقاش. المشكلة اليوم، كما يراها جيل جديد من المنظرين، ليست في كثرة السكان بل في قلتهم.

يعيش ثلثا سكان العالم اليوم في بلدان تقل فيها معدلات الخصوبة عن مستوى الإحلال (معدل المواليد اللازم لاستدامة النمو السكاني الطبيعي).

في الولايات المتحدة، حذر شخصيات مثل إيلون ماسك وجيه دي فانس من أن انخفاض معدلات المواليد قد ينذر بكارثة.


مفترق طرق حاسم: رؤية سبيرز وجيروسو

في كتابهما “ما بعد الطفرة: السكان، والتقدم، وقضية الإنسان”، يطرح الاقتصاديان دين سبيرز ومايكل جيروسو مسارين:

  1. المسار الأول: انخفاض مذهل في السكان يُعيق النمو.
  2. المسار الثاني: تحقيق استقرار سكاني بتشجيع إنجاب المزيد من الأطفال للحفاظ على الازدهار.

نقاط تميز رؤيتهما:

  • الإقرار بواقعية تغير المناخ وأهمية الحقوق الفردية.
  • رفض الخطابات المتطرفة (كراهية الأجانب أو النساء).
  • التأكيد على أنه “لا ينبغي إجبار أي شخص على إنجاب طفل”.

جرس إنذار: أبعاد الأزمة

تميل المخاوف من انخفاض السكان إلى اتخاذ طابعين:

  • طابع اقتصادي: توقع انخفاض الإنتاجية مع تقدم السكان في السن.
  • طابع قومي: خشية تآكل الهويات الوطنية والاضطرار لاستقطاب المهاجرين.

ويرى المؤلفان من منظور فلسفي أن النمو السكاني يغذي الابتكار؛ فكلما زاد عدد العقول، زادت احتمالية الاختراعات (من التطبيقات البسيطة إلى الدردشة الآلية).


خريطة إلى اللا مكان: تحديات العودة للنمو

يقر المؤلفان بصعوبة تفسير أو عكس الانخفاض الحاد في الخصوبة، الذي يعود لعوامل مثل:

  • ارتفاع مستويات التعليم.
  • انتشار الهواتف الذكية وتراجع الدين.
  • العوامل الاجتماعية والمادية.

رفض الأنظمة الأبوية:

يرفض سبيرز وجيروسو طروحات اليمين المتطرف التي تدعو للعودة للأنظمة الأبوية وتقييد حقوق النساء لرفع الخصوبة، مؤكدين على ضرورة الموازنة بين الحقوق الفردية والتبعات المجتمعية.


أجندة مقترحة للحلول

ينبغي على الباحثين دراسة العوائق العملية بدلاً من الاكتفاء بالنظريات:

  • تكاليف السكن: دراسة أسباب ارتفاعها كنسبة من الدخل.
  • رعاية الأطفال: مراجعة اللوائح التي قد تعيق توفر المرافق.
  • ثقافة العمل: دراسة كيف تمنع بيئات العمل الموظفين من إنجاب الأطفال.
  • الصحة النفسية: معالجة “النظرة التشاؤمية” للمستقبل التي تثني الناس عن الأبوة.

تكاليف الذعر والسياسات المدمرة

تاريخياً، كانت سياسات التحكم بالسكان مدمرة (مثل التعقيم القسري في الهند وبيرو، أو سياسة الطفل الواحد في الصين). واليوم، يخشى أن يؤدي “الهلع” من الانخفاض إلى نتائج عكسية:

  • جانب إيجابي محتمل: حوافز للسكن، مساواة بين الجنسين، دعم الأسر.
  • جانب مظلم محتمل: إلغاء وسائل منع الحمل، دفع النساء لترك العمل، تقييد الحريات.

خاتمة

إن كيفية صياغة الأسئلة المتعلقة بانخفاض الخصوبة أمر بالغ الأهمية؛ فصانعو السياسات والباحثون ليسوا مجرد شهود، بل هم مشاركون في صياغة مستقبل البشرية.


زر الذهاب إلى الأعلى