منوعات
أخر الأخبار

كل ما يلمع “فضة”.. المعدن الذي لا غنى عنه

يصح في معدن الفضة المقولة عن اللمعان التي تنسب إلى الذهب، ولكن معكوسة. فكل ما يلمع ـ وفق تلك المقولة ـ هو بالتأكيد فضة.

لا تنحصر أهمية الفضة في كونها خياراً استثمارياً جذاباً في أوقات الأزمات إذ يلجأ إليها المستثمرون كوسيلة للحماية من تقلبات السوق فحسب، إنما باتت تشكل في الاقتصاد الحديث مكوناً أساساً في كل صناعة تقريباً، بما فيها الطاقة الشمسية والطب والرقائق والشاشات التي تعمل باللمس والبطاريات وغيرها.

خلال العقود القليلة الأولى من القرن الـ20 نما الطلب على الفضة من نحو 100 مليون أوقية سنوياً إلى أكثر من 400 مليون. وتزامن هذا الأمر مع صعود السباكة الداخلية والكهرباء والسيارات. وبفضل الارتفاع الهائل للطبقة المتوسطة في الصين والهند، من بين أمور أخرى، شهد استخدام الفضة انتعاشاً بحلول منتصف العقد الأول من القرن الـ21، ليتجاوز الطلب بين عامي 2012 و2013 ما يقارب 650 مليون أوقية.

ووفقاً للـ”جمعية الملكية للكيمياء”، فإن ما يميز الفضة عن المعادن الأخرى هو لمعانها، ولا يوجد عنصر طبيعي آخر يعكس الضوء المرئي مثلها. ودفعت قوتها الفيزيائية وبريقها إضافة إلى حساسيتها للضوء والخصائص المضادة للبكتيريا “مجموعة صناعة الفضة”، التي تتخذ من واشنطن العاصمة مقراً لها، لوصفها بـ”المعدن الذي لا غنى عنه”.

pixa1.jpg
وجد الأطباء أن الجروح تلتئم بصورة أسرع باستخدام الضمادات الفضية (pixabay)

دور الفضة في الإلكترونيات

تلعب الفضة المعدن اللامع المعروف بجماله وقيمته دوراً حاسماً يتجاوز أهميتها الزخرفية والمالية. وفي التكنولوجيا الحديثة، أثبتت الفضة نفسها كموصل مفضل في المكونات الإلكترونية لتشغيل الأجهزة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

إن دور الفضة في هذه الأجهزة لا غنى عنه، إذ تجعلها موصليتها الكهربائية الاستثنائية خياراً مثالياً لنقل وتنظيم الإشارات الكهربائية، وتشغيل أدواتنا الذكية وتمكين الاتصال السلس. وتفوق قدرة الفضة على حمل التيار الكهربائي بكثير معظم المعادن الأخرى، مما يجعلها خياراً أولاً للتطبيقات الإلكترونية عالية الأداء.

والفضة ضرورية في مجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية، من التطبيقات الصغيرة مثل الرقائق الدقيقة وأجهزة الاستشعار، إلى المكونات الأكبر في إلكترونيات الطاقة وأنظمة الاتصالات. وفي مجال الإلكترونيات الدقيقة تُستخدم الفضة كوصلات بين الدوائر المتكاملة، إذ تربط بين مكونات مختلفة على شريحة لتسهيل تدفق البيانات. وتسهم المقاومة الكهربائية المنخفضة للفضة والخسائر الضئيلة أثناء نقل الإشارة في تحسين الكفاءة والأداء العام للأجهزة الإلكترونية.

الاستخدام المتزايد في الطب

ومن بين جميع العناصر الكيماوية تتمتع الفضة بأقوى تأثير مضاد للبكتيريا وأقل سمية لخلايا الحيوانات، وعند إضافتها إلى الماء تطلق الفضة أيوناتها التي تقتل وتمنع النمو البيولوجي، مما يعطل مرة أخرى عملية التمثيل الغذائي للجراثيم ويعرقل وظائف أغشيتها.

وعلى سبيل المثال لا الحصر اكتشف الفينيقيون القدماء أنهم يستطيعون الحفاظ على المياه والسوائل الأخرى طازجة من طريق تخزينها في زجاجات مطلية بالفضة. وتوجد مبيدات الفضة الحيوية اليوم في أنظمة المياه في المستشفيات وكل أداة تقريباً من غرفة العمليات، واعتُمد تفاعل الفضة والنحاس كعلاج أساس للسيطرة طويلة الأمد على بكتيريا “الفيلقية” في أنظمة تبريد الهواء.

واستخدمت نترات الفضة أواخر القرن الـ19 لعلاج الأطفال حديثي الولادة من بعض التهابات العين، ووجد الأطباء أن الجروح تلتئم بصورة أسرع باستخدام الضمادات الفضية. واستُخدم هذا المعدن أيضاً في غرز الجروح وهو الاستخدام الذي لا يزال مستمراً حتى اليوم، إذ ثبت أن الضمادات المغطاة بالفضة فعالة بصورة خاصة في شفاء جروح ضحايا الحروق.

pixa4.jpg
الفضة ضرورية في مجموعة واسعة من الأجهزة الإلكترونية (pixabay)

الطاقة الشمسية

وجدت حساسية الفضة للضوء استخداماً سريع النمو في صناعة الطاقة الشمسية. فباستخدام الفضة كـ”حبر موصل” تحول الخلايا الكهروضوئية ضوء الشمس إلى كهرباء.

ومع تحول العالم نحو مصادر الطاقة المستدامة أصبح دور الفضة بالغ الأهمية، خصوصاً أن الخلايا الكهروضوئية التي تحول ضوء الشمس إلى كهرباء في الألواح الشمسية، تستخدم الفضة كمكون أساس. وتعمل الموصلية الكهربائية العالية للفضة على تضخيم كفاءة الخلايا الشمسية، من ثم المساهمة بصورة كبيرة في تقدم الطاقة المتجددة.

ونما الطلب العالمي على الفضة في مجال الطاقة الكهروضوئية بمعدل سنوي مركب بلغ 12 في المئة على مدى العقد الماضي، وتزامن هذا الأمر مع احتلال الصين الصدارة في تصنيع الألواح الشمسية، إذ تنتج 60 في المئة من الناتج العالمي.

التصوير الفوتوغرافي

تستخدم الفضة كثيراً في التصوير الفوتوغرافي وذلك باستخدام نترات الفضة لإنشاء بلورات “هاليد” حساسة للضوء، ويشمل هذا القطاع التصوير الفوتوغرافي الاستهلاكي والفنون الرسومية والتصوير بالأشعة السينية، سواء في الطب أو التفتيش الصناعي للآلات الثقيلة.

وبلغ الطلب على الفضة في التصوير الفوتوغرافي ذروته عام 1999، حين مثل 25 في المئة من إجمال التصنيع. واستخدمت سوق الأفلام في الولايات المتحدة وحدها أكثر من 93 مليون أوقية من الفضة خلال ذلك العام، أي أكثر من أوقية واحدة من كل 10 تباع في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك وفي غضون خمسة أعوام بعدها انخفض الطلب على التصوير الفوتوغرافي إلى أقل من 20 في المئة من الطلب الإجمالي، من ثم إلى تسعة في المئة بحلول عام 2013.

ولعب نمو التصوير الفوتوغرافي الرقمي الدور الأكبر في هذا الانحدار، ومع ذلك لا يزال التصوير الفوتوغرافي الثابت المستخدم في الأشعة السينية مستهلكاً كبيراً للفضة.

pixa3.jpg
كانت العملات المعدنية والحاويات الفضية تستخدم لمنع العدوى البكتيرية قبل وجود علم الميكروبات (pixabay) 

تنقية المياه

كانت العملات المعدنية والحاويات الفضية تستخدم لمنع العدوى البكتيرية قبل وجود علم الميكروبات، ومنذ ذلك الحين قطعت الأمور شوطاً طويلاً، واليوم تعد الفضة مكوناً غير مرئي تقريباً ولكنه ضروري تماماً في نظافة الطعام والماء.

ويمنع طلاء مرشحات المياه الكربونية بالفضة تراكم البكتيريا، فيما تستخدم الطلاءات النانوية الفضية في تغليف الأطعمة والثلاجات وتحل أيونات الفضة والنحاس بصورة متزايدة محل الكلور في ترشيح حمامات السباحة.

الإنتاج الكيماوي

تلعب الفضة دوراً محفزاً في إنتاج مادتين كيماويتين حيويتين ألا وهما “أكسيد الإيثيلين” و”الفورمالديهايد”. وفي الفضة يمكن أن يتأكسد “الإيثيلين” لإنتاج “أكسيد الإيثيلين”، وهو مادة أولية لعدد من المنتجات مثل مانع التجمد والبولييستر. وبالمثل، تساعد محفزات الفضة في تحويل “الميثانول” إلى “الفورمالديهايد”، والذي يستخدم في البلاستيك والخشب الرقائقي والدهانات.

زر الذهاب إلى الأعلى